إجابة متلعثمة للاجئ فلسطيني: جدعون ليفي
يبدو لي أنه كان يرتجف عندما طلب السماح له بالكلام، كان يبدو هائجا، وهو فقط أراد أن يسأل «كيف تشعر وأنت تعيش على أرضنا وداخل بيوتنا؟». وكان هو الوحيد في الغرفة الذي وضع الكوفية على كتفه، وهو صاحب شركة أردنية للعلاقات العامة، وقد ظهر الشيب في شعره. لقد تردد المنظمون في دعوته. فهو معروف كمتطرف، وقد سررت بمجيئه. وقد قال إنه لم يلتق مع أي إسرائيلي في حياته. زوجته لم تحضر معه لأنها لم تستطع ذلك .
غرفة الضيوف الواسعة في الشقة في حي الرابية في عمان الغربية كانت مليئة في مساء يوم الثلاثاء الماضي باللاجئين الذين ولدوا في الضفة الأخرى للنهر. هم يلتقون مرة في الأسبوع، وفي كل مرة في بيت آخر، هم برجوازيون من أبناء الجيل الثالث ويشيخون بهدوء في المنفى، عدد منهم طردوا أو هربوا من بلادهم وهم أطفال في 1948، وآخرون اضطروا لعمل ذلك في 1967. وقد تدبروا أمورهم منذ ذلك الحين، هم أثرياء وأصحاب مهن، عدد منهم يقرأون «هآرتس» بالإنكليزية، معظمهم تجاوزوا الماضي ومضوا إلى الأمام، لكن أحدا منهم لم ينس وربما أيضا لم يغفر. في إسرائيل لم يعرفوا في أي يوم قوة هذه المشاعر وكم هي عميقة في تجذرها. يمكن اتهام الفلسطينيين بالتمرغ في ماضيهم، يمكن أنه كان لهم دور في تقرير مصيرهم، لكن لا يمكن تجاهل مشاعرهم.
لا يوجد مكان لمقاربات تاريخية: تصعب مقاربة تجريد السكان الأصليين من الملكية قبل مئات السنين بسلب بني البشر الذين ما زالوا يذكرون البيت الذي يسكن فيه الآن غرباء، في حين أن يهود أوروبا ويهود الدول العربية حصلوا على وطن جديد وعدد منهم تم تعويضهم. حول هذه المقاربة المشوهة بحفنة المستوطنين الذين تم إخلاؤهم ليس هناك معنى للحديث الزائد.
السؤال الذي طرح في صالون شقة الرسام الوطني الفلسطيني إسماعيل شموط المتوفى وأرملته الرسامة تمام الأكحل دوى بين جدران البيت المغطى بالرسومات. للحظة تكشف السؤال الأساسي: كيف يمكن العيش على الأرض التي سلبت من آخرين. صمت محزن ساد الغرفة. كان هناك من شعروا بعدم الراحة: ليس من الجميل إحراج الضيف بهذا الشكل.
من المشكوك فيه أن تكون هناك إجابة. يجب الاعتراف بذلك. لليمينيين والوطنيين والعنصريين ومن يؤمنون بأن هذه البلاد تعود لليهود، لأن إبراهيم تجول فيها واشترى مغارة فيها، أو أن الله تعهد بأعطائها، ليس هناك مشكلة في الإجابة. يمكن الادعاء أيضا أن اليهود دائما حلموا بالبلاد، لكن هناك حقيقة أبدية هي أنهم لم يستوطنوا فيها بصورة جماعية. يمكن القول وعن حق أنه لم يكن لليهود مكان يهربون إليه من الكارثة، لكن تلك ليست إجابات بالنسبة للرسامة الأكحل، التي طردتها رسامة إسرائيلية سكنت في بيت طفولتها في يافا القديمة ولم تسمح لها حتى بزيارته فيما بعد.
السائل زاد حدة السؤال: «أريد أن أعرف كيف تشعر وأنت تعيش في إسرائيل». أجبت بأنني أشعر بمشاعر ذنب عميقة جدا تُجاه أبناء شعبه وأيضا بمشاعر خجل، ليس فقط عن 1948، بل أساسا عن كل ما حدث هنا، وواصل الخط الفكري المباشر لسلب 1948، والذي لم يتوقف في أي يوم. بعد ذلك حدثته عن والدي الذي جاء في سفينة للمهاجرين سرا عن طريق البحر وعن والدتي التي سافرت في قطار هجرة الشباب إلى البلاد. لم يكن لديهما مكان يهربان إليه إلا هذه الأرض التي لم تكن في حينه أرضهما، وبالنسبة لي الآن ليس هناك مكان أذهب إليه، لأن هذه البلاد هي الآن أيضا بلادي. «لكنك الآن تسبح في كل صباح في بركة توجد على أرض ليست لك»، واصل سؤاله، لكنني صمَتُّ.
ليس هناك في الحقيقة ما أرد به عليه. بالنسبة لهم هذه أرضهم التي أخذت منهم بالقوة، ولا توجد طريقة لنفي ذلك. ظل أخلاقي ثقيل يلف إقامة الدولة. أيضا حتى لو كانت غير قابلة للمنع وحتى لو كانت على حق. يجب علينا التعايش مع هذه الحقيقة. في الأساس يجب أن نستنتج الاستنتاج الوحيد الذي يصرخ من حقيقة أن الفلسطينيين يستحقون التعويض عن الظلم على شكل فتح صفحة جديدة تقوم على المساواة في هذه البلاد.
هآرتس