حكومة نتنياهو تستقوي على السود: نداف ايال
يجري في الولايات المتحدة في السنة الأخيرة نقاش عاصف عن الهجرة. ويعني هذا النقاش ضمن أمور أخرى بالأطفال الذين يدخلون مع أهاليهم إلى الولايات المتحدة من دون إذن من السلطات، وكبروا ليصبحوا أمريكيين عاديين. لو كانوا ولدوا في أمريكا، لكانت جنسيتهم تلقائية ـ وحتى أهاليهم كانوا سيكونون محميين من الإبعاد عمليًا. ولكن لأنهم دخلوا إلى الولايات المتحدة بعد ولادتهم، فإن مكانتهم تكون غير واضحة حتى لو كانوا تربوا في الولايات المتحدة. النقاش مركب جدا، ولكن دعوني ان أنتقل إلى السطر الأخير: هؤلاء الأطفال، الذين كبروا في هذه الأثناء، يسمون «DREAMERS» (الحالمون)، يشكلون 700 ألف نسمة، وقلة في أمريكا يؤمنون بأنهم سيبعدون في النهاية, في الحزبين وفي البيت الأبيض أيضا توجد محاولة للوصول إلى صفقة شاملة في موضوع الهجرة، صفقة تتيح في كل حال بقاء هؤلاء الأطفال في الولايات المتحدة بشكل قانوني أو كمواطنين حقا .
تعالوا نقيس بإسرائيل. في إسرائيل اتخذ في 2010 قرار أدى إلى إبعاد بعض أطفال العمال الأجانب وإلى تسوية مكانة معظمهم. ولكنه كان «تسوية لمرة واحدة». حتى الأطفال الذين ولدوا هنا ولغتهم الأولى هي العبرية، لا يمكنهم ان يتجندوا، ان يتلقوا الامتيازات كمقيمين وكمواطنين. وفضلا عن الموضوع الأخلاقي، فإن هذا تبذير هائل: هؤلاء أطفال مولت إسرائيل تعليمهم وصحتهم. كبروا كإسرائيليين، وليس لهم مستقبل هنا. وأحدٌ لا يتحدث هنا عن إصلاحات هجرة عامة تعالج كل المسألة.
في إسرائيل يمكث نحو 37 ألف نسمة من أرتيريا والسودان ممن يعرفون كـ «متسللين». أكثر من 15 ألفا منهم تقدموا بطلبات لجوء. فكم من الطلبات فحصت؟ أقل من النصف. كم أقرت؟ 11 فقط. في العالم الغربي تستجاب 90 ٪ من طلبات اللجوء من الأرتيريين ونحو 55 ٪ من السودانيين. أما عندنا فلا يمكن رفع الطلبات إلا في مكتب واحد. وكل يوم يطول طابور طويل هناك. وتدعي الحكومة أنها لا تبعد «طالبي اللجوء» بل فقط من لم يتقدم بمثل هذا الطلب، ولكنها تبذل كل جهد فني كي لا تقدم الطلبات.
وماذا بالنسبة للمهاجرين غير القانونيين الذين جاءوا من دول وسط وشرق أوروبا. وثمة نحو 20 ألفا كهؤلاء، من جورجيا، أوكرانيا وروسيا البيضاء. والدولة فجأة لا تأبه بهم. لا توجد خطط لحبسهم من دون قيد زمني. ما يزعج الحكومة، بكلمات أخرى، هو أن طالبي اللجوء من أرتيريا والسودان هم أفارقة. لا يمكن الفرار من الاستنتاج بأن ما يزعجها هو أنهم سود.
إسرائيل تواجه تحديات هائلة. في قوانين الهجرة توجد دوما محاولة للفصل بين المهاجرين الذين يأتون لأجل العمل وأولئك الذين يهربون من الحرب والقمع. وأحيانا تكون هذه الثنائية واضحة. واضح أن كل من يهرب من سورية يعتبر في العالم لاجئا وفقا لميثاق اللاجئين. ولكن في معظم الحالات يكون سبب الهجرة، ويجب قول ذلك بوضوح وبنزاهة، مختلطا. فهو يرتبط بنظام قمعي، العوز والجهل، وكذا الاحتمالات الطيبة في بلاد أخرى. توجد للدول الحقوق والواجبات للدفاع عن حدودها، ولكن هل أولئك الـ 37 ألف شخص، الشفافين في نظر معظم الإسرائيليين ـ منظفو المكاتب وشاطفو الصحون، الطباخون والعمال في الزراعة، يهددون استقرار المجتمع الإسرائيلي؟
محقون سكان جنوب تل أبيب. فتجميع طالبي اللجوء يحدث عبئا وظلما لا يطاق للسكان الذين لم يتلقوا على أي حال على مدى سنوات طوال المقدرات التي يستحقونها. هذه مشكلة يمكن حلها بسهولة نسبية، مع سياسة حكومية واضحة، وهذه مسألة توزيع جغرافي واجتماعي وليست مسألة مبدئية. أما إبعاد طالبي اللجوء إلى دولة ثالثة، حيث يكون مصيرهم غامضا، ويكونون بلا حقوق مواطنة، فهو موضوع يعرضهم للخطر جسديا ويعرضنا للخطر أخلاقيا.
من هي الدولة القوية؟ في عالم العولمة، إن الدولة القوية هي الدولة المنفتحة على العالم والمتصلة به. الدولة التي تبني قصة قومية يمكن للكثيرين وليس القليلين الارتباط بها؛ دولة تقوم على أساس الاحتواء وليس الإقصاء. دول الهجرة العامة تتمتع جدا بنشاط واستثمار الأجانب، بمن فيهم الفقراء جدًا. في الولايات المتحدة يكسب أبناء المهاجرين بالمتوسط أكثر من السكان المحليين. وتيار المهاجرين الذي نقط على إسرائيل في العقد الماضي أخذ بالتوقف. يوجد جدار بني في الجنوب. عدد طالبي اللجوء في إسرائيل محدود. بعضهم أنجبوا هنا أطفالا لغتهم الأولى هي العبرية وهم يريدون أن يخدموا في الجيش الإسرائيلي. على إسرائيل أن تفعل ما يوشك ترامب أن يفعله: أن يعطي شرعية لمن يوجد منذ الآن فيها، يعمل ويبني الحياة منذ سنوات عديدة. بعد ذلك يمكنها أن تغلق الباب.
يديعوت