معايير نجاح أو فشل مؤتمر الحوار الوطني سوتشي: حميدي العبدالله
ما هي معايير نجاح أو فشل مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري الذي انعقد في سوتشي؟
إذا كان من يعتقد أنّ معيار النجاح أو الفشل وقف الحرب الدائرة في سورية فوراً، وانسحاب الجيوش الأجنبية من سورية، وعودة الدولة إلى كلّ أنحاء سورية، فهذا لن يحدث، لأنه في سورية ثمة جماعات إرهابية لا يمكن التخلص منها إلا عن طريق الحسم العسكري، والحسم العسكري يعني استمرار الحرب في مناطق تواجد هذه الجماعات الإرهابية بمعزل عن نجاح أو فشل سوتشي أو جنيف. كما أنّ هناك جيوشاً أجنبية دخلت سورية، وتشكل عائقاً أمام الحلّ، ولن تسهّل الوصول إلى أيّ حلّ سياسي من دون قدر من القوة والقسوة يرفع كلفة وجود هذه الجيوش، ويدفع الحكومات المعنية لسحبها وتسهيل الوصول إلى الحلّ السياسي.
هذه أمور لن يشملها أيّ حلّ سياسي، سواء في سوتشي أو جنيف.
في ضوء ما تقدّم فإنّ تقييم نتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي، وتحديد عوامل النجاح والفشل تكمن خارج إطار الحسابات التي مرّ ذكرها.
مؤتمر الحوار الوطني عقد في سوتشي بهدف الوصول إلى غايتين أساسيتين:
ـ الغاية الأولى، التوصل إلى قواسم مشتركة بين المشاركين في المؤتمر، سواء كانوا من المعارضة أو من الموالاة، تشكل هذه القواسم المشتركة مضمون الحلّ السياسي. والأرجح أنّ المؤتمر سوف يحقق هذه الغاية، نظراً لطبيعة تركيبته ومواقف المشاركين فيه ودور الدولة الراعية. المشاركون في المؤتمر جميعهم يتبنّون رؤية واقعية لكيفية الحلّ، ويطرحون مطالب سياسية واقعية وتتوفّر أرضية مشتركة عبر موافقة جميع المشاركين على قرار مجلس الأمن 2254، وتتشابه تفسيراتهم لهذا القرار، على عكس هيئة التفاوض التي قاطعت المؤتمر بدعم من الولايات المتحدة وفرنسا. أما روسيا الدولة الراعية فليس لها أجندة تشبه الأجندة التي يسعى إليها المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي مستورا.
ـ الغاية الثانية، لمؤتمر الحوار الوطني هي تحديد ملامح الحلّ السياسي الذي يتوجب على مسار جنيف أن يأخذ إجماع السوريين المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني حوله، وبعد صدور ما صدر عن مؤتمر الحوار الوطني، فإنّ أيّ حلّ سياسي للأزمة في سورية لن يكون خارج إطار الأطر والتصوّرات التي تمّ تداولها في هذا المؤتمر، وبالتالي يصبح مسار جنيف مرغماً على التكيّف مع إرادة غالبية السوريين.
الأرجح أنّ هاتين الغايتين تحققتا في مؤتمر الحوار الوطني، وبهذا المعنى فهو ناجح نجاحاً كاملاً بمعزل عن مقاطعة أطراف سورية محدّدة له.