ميديابار الفرنسية: غزة على شفا كارثة
نقلت صحيفة “ميديابار” الفرنسية عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين تحذيرهم من أن قطاع غزة “على حافة الانهيار التام” بسبب تدهور الأوضاع الصحية والاجتماعية والاقتصادية، بعد عشر سنوات من الحصار .
وذكر مراسل الصحيفة الخاص إلى القطاع توماس كانتالوب أنهم عندما أخبروا الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية عن نيتهم التوجه إلى القطاع؛ أخذ نفسًا عميقا قبل أن يرد بهدوء قائلا “كما يحلو لكم.. سترون الكثير من البؤس والمعاناة، ولكن لا تنسوا أنها مسؤوليتهم.. لقد اختار أهل غزة (الاصطفاف مع) حزب العنف والإرهابيين، ولا يمكننا أن نقبل بذلك ويجب أن ندافع عن أنفسنا“.
ويقول كانتالوب إنه بعد ذلك بعدة أيام وجدوا أنفسهم عند معبر بيت حانون (إيريز) الذي وصفه بأنه “بناء ضخم من الخرسانة والأجهزة الإلكترونية يذكّر المرء بالمنشآت العسكرية الأميركية في العراق أو أفغانستان في العقد الأول من القرن العشرين“.
وبعد مرورهم عبر نفق من الأسلاك الشائكة، يقول المراسل إنهم وصلوا إلى حقول غزة، ثم بدأت معالم المدينة تتكشف أمام أعينهم بمبانيها الرمادية التي لم يُستكمل بناؤها بشكل جيد، وعرباتها التي تسحبها الحمير على شوارع ثانوية مليئة بالأخاديد.
ويستطرد المراسل في سرد بعض المشاهد التي تنم عن ضيق الحال في هذا القطاع، فمثلا كان عليه هو وفريقه لمقابلة أحد المسؤولين في الطابق الثالث عشر لإحدى العمارات؛ أن ينتظروا تشغيل مولد كهربائي لتمكين المصعد من العمل. وبعد الانتهاء من المقابلة اضطروا للنزول عبر السلالم مستخدمين كشافات يدوية، إذ إن كهرباء غزة تُقطع 20 ساعة كل يوم.
أما الماء فينقل المراسل عن منظمة الصحة العالمية قولها إن معظم المياه التي تتدفق عبر الأنابيب في غزة (95%) غير صالحة للاستهلاك الآدمي.
ويضيف كانتالوب أن أجهزة الأمن الإسرائيلية (الجيش والمخابرات) دقت مطلع العام الجاري ناقوس الخطر وحذرت الحكومة الإسرائيلية من أن “غزة على شفا انهيار كامل”، وهو ما يعني في لغة هؤلاء المسؤولين، أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية الكارثية في هذا القطاع قد تؤدي إلى انتفاضة جديدة أو هجوم مسلح “للمتطرفين الدينيين“.
وكانت وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين (أونروا) قد نشرت عام 2012 تقريرا طرحت فيه السؤال التالي “هل ستكون غزة صالحة للعيش في العام 2020؟”، وكان الجواب بالنفي، لكن السؤال الذي تطرحة الهيئات الدولية والمنظمات غير الحكومية وحتى بعض المسؤولين الإسرائيليين اليوم هو: هل ستظل غزة صالحة للعيش حتى نهاية العام 2018؟
ويضيف كانتالوب بمرارة أن الناس اعتادوا على وصف غزة بأنها “سجن مفتوح”، لكن ينبغي لأي ديمقراطية حقة أن تحاكم السجناء وتبرئهم أو تدينهم، غير أن الجريمة الوحيدة للغالبية العظمى من سكان غزة هي أنهم ولدوا فلسطينيين على هذا القطاع الأرضي على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وفقا للكاتب.
وتنضاف إلى مشاكل المياه والكهرباء والبطالة، أزمة اجتماعية ونفسية حقيقية، فضلا عن التطورات السياسية الأخيرة، مما يزيد من إحباط سكان غزة، و”لا يمكن للناس العيش في حالة توتر دائم دون أن يؤثر ذلك على المجتمع ككل”، حسب ما نقله الكاتب عن مسؤولة المشاريع في إحدى المنظمات النفسية غير الحكومية لبنى بسيسو.
ويلاحظ المراسل تفاقم النزاعات الأسرية والعنف والاكتئاب، وأن هناك الآن أشخاصا بدون مأوى في غزة، وهي ظاهرة لم تكن معروفة منذ بضع سنوات في هذا القطاع بسبب التضامن والتكافل، غير أن “النسيج الاجتماعي بدأ يتفكك”، على تعبير المراسل.