نظرة مختلفة لزيارة بنس… توقعات غير واقعية: زلمان شوفال
احمرت لخطاب نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في الكنيست وجنات الارتياح لمعظم الإسرائيليين، بمن فيهم النواب اليهود. كما أن تكراره لقول الرئيس ترامب بأنه «سيؤيد أي حل يتفق عليه الطرفان، بما في ذلك حل الدولتين»، مر بسلام. فقد صفق الجناح اليميني للقسم الأول، فيما هتف الجناح اليساري للقسم الثاني .
سارع محللون مختلفون إلى الادعاء بأن الخطاب لم يجدد كثيرا ـ ومن ناحية مضمون الرسائل هذا صحيح. ولكن، مثلما كتب الأسبوع الماضي أهرون ميلر، عضو طواقم السلام الأمريكية تحت إدارات مختلفة: «أهمية زيارة بنس ليست في إنجازاتها الملموسة، بل في ما عكسته وأظهرته: في عهد ترامب العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل انتقلت من «علاقات خاصة» إلى علاقات هي ظاهرا «حصرية»».
حتى لو كانت هنا مبالغة معينة في هذا التقدير، فإن إحدى المزايا الخاصة لإدارة ترامب ـ التي وجدت تعبيرا واضحا لها أيضا في تصريحات نائب الرئيس بنس ـ هي أنها، برغم بعض التواصل في مواضيع مثل البناء خلف «الخط الأخضر»، تتميز بالفعل عن سابقتها في أنها لا تعتقد بأن موقفا مؤيدا جذريا لعدالة إسرائيل في مواضيع مثل الأمن، المطالبة بالاعتراف بدولة الشعب اليهودي وبالحقوق الجذرية للشعب اليهودي في وطنه التأريخي، ترفض دور أمريكا كوسيطة نزيهة ـ ولا تقلل من تصميمها على تحقيق حل عادل للنزاع على أساس التنازلات المتبادلة.
في مقلوب على مقلوب فإن الخطابين شبه التأريخيين بالذات لمحمود عباس (أبي مازن) في رام الله وفي القاهرة، يؤكدان هما أيضا صحة أقوال ميلر ـ ولغير قليل بذنب الفلسطينيين أنفسهم.
فقد قال الخطابان كل شيء: من جهة رفض مغرور وغير واقعي، في ظل استخدام لغة الشارع، لكل دور أمريكي بالنسبة للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني ولمحاولة حله (فضلا عن البصقة في وجه الدولة التي من ناحية مالية تسمح بوجود الجسم الذي يقف أبو مازن على رأسه) ـ ومن جهة أخرى تزوير متطرف وجاهل للتأريخ العالمي واليهودي الذي يسحب الأرضية من تحت كل محاولة ممكنة للتوصل إلى حل وسط.
سيقولون «تأريخ ملفق»، هذا صحيح ولكن هذا ليس الجانب الأساس، بل إن أبا مازن والكثيرين من مؤيديه يؤمنون حقا بهذا التأريخ الملفق ـ الذي ليس مثل قادة الاتحاد السوفييتي في حينه ممن أعادوا كتابة التأريخ وفقا لأهدافهم السياسية او الشخصية الآنية، في ظل المعرفة الواضحة بأن هذا تزوير. وعليه، فقد عرقل الفلسطينيون في الماضي وسيواصلون في المستقبل ايضا كل خطوة سياسية تنطوي على تنازل عملي وأيديولوجي ما ـ مثلما في موضوع اللاجئين او الاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية اليهودية، أي مجرد حق الشعب اليهودي في دولة.
لا ينبغي التشكيك بصدق مصداقية الرئيس ترامب، الذي منحه التأريخ الدور لإنهاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، ولكن ليس واضحا إذا كان استوعب الواقع والاستنتاجات النابعة منه. بمعنى انه من الصعب ان نرى كيف يمكن لهدف «السلام الأمثل» أن يتغلب على عائق الرفض الفلسطيني ـ ومثلما كتب هذا الأسبوع في عموده شالوم ليفنر، في الماضي مستشار سياسي في ديوان رئيس الوزراء: «خلق توقعات غير واقعية لاختراق من دون الشروط المناسبة لذلك ـ من شأنه أن يجبي ثمنا».
كيف سيرد الرئيس ترامب، مثلا، إذا ما تبين له أيضا أن توقعاته كانت غير واقعية ـ هل سيطلب في حينه من إسرائيل، بالذات بفضل تلك «منظومة العلاقات الحصرية»، خطوات لا تتمكن من الاستجابة لها؟ ينبغي الافتراض بأن بنيامين نتنياهو كسياسي مسؤول وواع حين طرح من على منصة دافوس (وبالتأكيد أيضا في حديثه مع الرئيس الأمريكي) اقتراحاته لتحقيق حل عملي للمشكلة الفلسطينية على أساس الاعتراف بكيان ذي صلاحيات موسعة ولكن محدودة في موضوع الأمن ـ هكذا «بحيث يتمكنون من حكم أنفسهم ولكن ألا يهددوا إسرائيل، ومن دون ضم الفلسطينيين كمواطنين أو كرعايا لنا، مع علم وسفارات خاصة بهم» ـ قصد إعطاء جواب لمثل هذا الوضع أيضا.
اسرائيل اليوم