سوتشي: التوقيت والنتائج: حميدي العبدالله
أخيراً تمّ توجيه الدعوات للمشاركة في مؤتمر سوتشي بعد أن ذلّلت جميع الاعتراضات والعقبات التي أخّرت انعقاد المؤتمر حتى هذه اللحظة .
واضح أنّ عقد سوتشي في هذا التوقيت بالذات ما كان ممكناً لولا تطوّران بارزان قد حدثا: التطوّر الأول، سيطرة الجيش السوري بمساندة الحلفاء على ثلث محافظة إدلب، بما في ذلك القاعدة العسكرية الهامة المتمثلة بمطار أبو الضهور العسكري. التطوّر الثاني، الغزو الذي شنّته تركيا ضدّ منطقة عفرين. فلولا هذان الحدثان ربما استمرّت المعارضة التركية وكان من الممكن أن يؤجل مؤتمر سوتشي مرة أخرى، لكن هذه التطورات الميدانية، بما ترتب عليها من خلط أوراق وارتباك للتحالفات والاصطفافات تجعل عقد المؤتمر في هذا التوقيت مسألة محسومة.
الآن تطرح التساؤلات حول ما يمكن أن يتمخض عنه المؤتمر من نتائج، وهل تتكرّر في سوتشي ملهاة جنيف بسبب تباعد مواقف الأطراف المدعوّة للمشاركة في المؤتمر؟
عاملان رئيسيان يحتّمان أن تكون نتيجة سوتشي مختلفة عن جولات جنيف الثمانية السابقة. العامل الأوّل، الوثيقة التي أعدّتها روسيا بوصفها الدولة الراعية للمؤتمر، وهذه الوثيقة حدّدت ماهية الحلّ السياسي في سورية القائم على تفاهمات فيينا وما جاء في قرار مجلس الأمن 2254. وواضح أنّ المصادقة على الوثيقة من خلال أغلبية المشاركين في المؤتمر، الذي تختلف تركيبته وتعدّد الجهات المشاركة فيه عن تركيبة مؤتمر جنيف، هو الاحتمال المرجّح، قد يعترض بعض المشاركين على الوثيقة، ولكن الغالبية ستوافق عليها، وتوافق على ما جاء فيها من توصيات، وستكون أساساً لحوار سوف يستمرّ في جلسات لاحقة للبحث في تفاصيل المبادئ الواردة في الوثيقة. العامل الثاني، أنّ الأوضاع الميدانية والتوازنات القائمة في سورية، ولا سيما بعد ما حققه الجيش السوري في إدلب لا يسمح للدول التي عرقلت في السابق إمكانية انطلاق حوار جدي بين السوريين، عمل ما قامت به سابقاً في جولات جنيف. تركيا بحاجة لعدم إغضاب روسيا بعد تورّطها في عفرين وللحفاظ على الموقف الروسي عند حدوده الحالية إزاء الاعتداء التركي على هذه المنطقة، أما السعودية فالأرجح أنّ مواقف وزير الخارجية الروسي الأخيرة عن اليمن والحوار مع «حركة أنصار الله» كانت رسالة واضحة لكي لا تشجع السعودية منصة الرياض على اتخاذ مواقف سلبية.
في ضوء هذين العاملين ستكون حصيلة سوتشي مختلفة عما كان يتحقق في جولات جنيف، لكن ذلك لا يعني التوصل في 29 و30 من الشهر الحالي إلى حلّ نهائي للأزمة السورية في سوتشي، بل الخطوة الأولى على طريق الحلّ.