لا للوصاية السعودية
غالب قنديل
فجأة شاء أحد ما في كواليس القرار اللبناني ان يحرك الدعاوى ضد ما أسموه اساءة للملك السعودي والمملكة السعودية بينما خرج لبنان للتو من ازمة كانت المملكة وقيادتها خلف افتعالها وتضمنت جريمة ضد الدولة اللبنانية باحتجاز قسري لرئيس حكومة لبنان وعبر إجباره على تلاوة بيان استقالته إشعارا بانطلاق خطة شاملة كانت مرسومة مسبقا لتخريب الاستقرار اللبناني وقد أحبطها اللبنانيون بتضامن غالبيتهم السياسية رسميا وشعبيا في وجه العربدة السعودية والتطاول السعودي والإهانة السعودية لكرامة الدولة والوطن وقد صاحبت الأزمة حملة سعودية تستمر حتى اليوم بعض فصولها بالتطاول على جميع القيادات اللبنانية بدءا برئيس الدولة ورئيس مجلس النواب.
تواصل المملكة السعودية رسميا وبأشخاص مسؤوليها وبوسائل إعلامها التحريض ضد رمز كرامة لبنان المقاومة اللبنانية البطلة التي تحمي لبنان وتصون شرفه في وجه العدوان الصهيوني وفي وجه الإرهاب التكفيري الذي ساهمت القيادة السعودية في دعمه وتمويله وتسليحه واحتضانه ونظمت مخابراتها إرسال بعض جحافله بالآلاف من الوهابيين التكفيريين إلى سورية ولبنان وأقامت غرف العمليات للقيادة والتخطيط المخابراتي ضد امن لبنان الذي حاولت جعله منصة عسكرية وإعلامية وسياسية في حربها الآثمة ضد الشقيقة سورية.
اختار الراغبون في استرضاء المملكة وتسليفها (ولا نعلم لقاء أي مقابل) جلد الإعلام والحريات الإعلامية عبر تطبيق انتقائي لأحكام القانون الذي يحظر الإساءة للدول الشقيقة وقادتها وعلى هذا المنوال يوضع البلد في اجواء ازمة حريات ويدفع إلى مزيد من الاحتقان والتأزم في سبيل استرضاء المملكة لصالح الراغبين في صفقة ما مع المملكة والعائلة المالكة على حساب الإعلام اللبناني الوطني.
إنه الحول السياسي فهذا التدبير انتقائي وفج فمنذ سنوات يمنع تطبيق القانون ويمنع القضاء من التحرك في هذا النوع من المخالفات المتكررة ويعلم المسؤولون جميعا كيف انطلقت من لبنان حملات إعلامية كانت تشترى لها مساحات من الهواء السياسي بمال سعودي وقطري واميركي وهي مكرسة للتحريض ضد الدولة السورية الشقيقة وضد المقاومة اللبنانية وحلفائها وهي تضمنت تطاولا مبتذلا بلغة قبيحة وقليلة التهذيب ضد الرئيس بشار الأسد ما زال يعممها إعلاميون وصحافيون وزعماء لبنانيون يتقدمهم رئيس الحكومة ومؤسسات إعلامية محمية سياسيا من غير ان يرف جفن المسؤولين او يحركوا النيابات العامة ضد انتهاك صارخ للقانون فلم تفتح الجهات القضائية تحقيقا واحدا في سؤال المحرضين عن جريمتهم الموصوفة والتي ما تزال متواصلة في الصحف والمرئي والمسموع بحق دولة شقيقة وبالطبع لم تسأل عمن دفع المال واوعز بتلك الحملات وقادها من بعض السفارات الاجنبية والخليجية الموجودة في لبنان ومن غرف عمليات مخابراتية في الخارج.
الوصاية السعودية على لبنان تفصح عن نفسها بالدعاوى التي تبلغتها بعض وسائل الإعلام أبرزها جريدة الديار والزميل هشام حداد في المؤسسة اللبنانية للإرسال والتهمة هي الإساءة للملك السعودي ومن الواضح ان تلك الدعاوى تقع ضمن حملة سياسية لاسترضاء المملكة على حساب حرية الإعلام التي يتغنى بها المسؤولون اللبنانيون.
إنه توريط للقضاء بعملية سياسية تقودها انتقائية تطبيق القانون عبر اختيار بعض المواضيع تحت الطلب وإحالتها إلى القضاء بدافع سياسي بدلا من اعتماد قاعدة متساوية في التعامل مع المخالفات الإعلامية الجسيمة المتضخمة بسبب تغاضي الدولة بجميع مسؤوليها عن أخطبوط المال الخليجي والهيمنة الأميركية اللذين احكما السيطرة على الإعلام اللبناني منذ سنوات طويلة وباعتراف مفوض الوصاية الأميركية السابق جيفري فيلتمان.
اختار بعض المسؤولين والزعماء احيانا الخضوع لابتزاز وسائل الإعلام فقدموا التغطية للمخالفات والخروقات الفاضحة بدلا من تطبيق القانون وكانت النتيجة انهم استفاقوا على انقلابات حركتها ارتباطات خارجية سياسية ومالية فطعنهم القابعون في احضانهم من مالكي الوسائل الإعلامية.
القانون لا يحتمل الانتقائية فقاعدته العامة هي المساواة في الشكل والمضمون وخلال سنوات طويلة جرى لجم كل محاولة جدية للمساءلة والمحاسبة عبر شل المجلس الوطني للإعلام وإسكاته ومحاصرته ماليا وإداريا وإهمال توصياته ومراسلاته المتعلقة بالمخالفات او بتطوير القطاع الإعلامي والسعي لانتشاله من عشوائيات المصالح المحلية والخارجية المهيمنة.
تم تجميد القضاء وعمله في ملاحقة المخالفات الصارخة في بعض الإعلام اللبناني الذي كان جزءا رئيسيا من عدة العدوان على سورية ومن خطة تخريب لبنان ولا تكون عودة الاحتكام إلى القواعد القانونية بعشوائية انتقائية تحمل شبهة الغرض السياسي وعندما يملك المعنيون جرأة طلب التحرك القضائي ضد من يسيئون ليل نهار للعلاقة بالشقيقة سورية وإلى حزب الله سنصدق ان دافعهم تطبيق القانون وبالتالي نسقط اشتباهنا برغبتهم في صفقة استرضاء للمملكة على حساب الإعلام اللبناني ومن رصيد الحريات الإعلامية وما قاموا به ينذر بوضع الإعلام اللبناني تحت وصاية سعودية تتحكم بالمضامين وتحدد لوائح الممنوعات والغاية هي استتباع هذا الإعلام وإلحاقه بنمطية الأبواق التي تهيمن عليها المملكة وتسخرها لحسابها.