ما هي رؤية ترامب لعملية السلام المقبلة؟: اليكس فيشمان
ترامب، مثل ترامب، لن يعطي لأحد إنذارا مبكرا. فهو ببساطة سيقف ليخطب احتفاليا، ويعرض «الصفقة الكبرى» خاصته للشرق الأوسط، لن يكون حوارا طويلا مع الأطراف، لن يعقد مؤتمرا، مثلما فعل في الماضي رؤساء أمريكيون. هو ببساطة سيضع الجميع أمام الحقيقة: هذه هي الصفقة. إذا أردتم ـ فاشتروها .
قبل ثمانية أشهر صرحت الإدارة أن خطة ترامب ستعرض في شهر آذار القريب المقبل. وأمس قال مسؤول أمريكي قبل إقلاع بنس إلى الولايات المتحدة إن الخطة ستعرض أغلب الظن هذه السنة و«على الطرفين أن يكونا جاهزين». لا غرو، إذا، في أن الأعصاب في القيادة الفلسطينية في رام الله آخذة في التوتر. فليس مصادفة أن يطلق أبو مازن النار في كل الاتجاهات، يشتم ترامب ويحاول بكل قوته تجنيد الأوروبيين كي يؤثر في مضمون الإعلان المتوقع. وفي الأشهر الأخيرة جمع الفلسطينيون المعلومات، بعضها مثابة إشاعات فقط، من كل مصدر ممكن. صائب عريقات، رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض، جمع المعلومات في وثيقة متشائمة تقدر ما سيظهر في خطة ترامب. من ناحية الفلسطينيين هذا قطار يندفع منذ الآن بسرعة نحوهم، وليس في وسعهم ان يوقفوه او يغيروا مساره.
كما لا يمكن للفلسطينيين أن يواسوا أنفسهم بالإشاعات بأن ليس لترامب أية خطة حقيقية إذ عملت على الخطة منذ أشهر مجموعة خبراء من مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، يقول عنهم إسرائيليون التقوهم، بأنهم مهنيون متفوقون. وثمرة عملهم ينقلونها إلى القيادة السياسية، إلى مبعوثي الرئيس الذين يقودون الخطوة: صهر الرئيس كوشنير، سفير الولايات المتحدة في إسرائيل فريدمان والمبعوث الخاص غرينبلت.
لا يوجد بالضرورة انسجام بين توصيات رجال المهنة والخطوات التي يقودها الفريق السياسي. فمثلا عارض الفريق المهني توقيت إعلان القدس عاصمة إسرائيل، بينما قرر الفريق السياسي خلاف ذلك. هكذا بحيث يحتمل أن الوثيقة التي سترفع إلى الفريق السياسي لن تكون بالضرورة متشابهة مع الوثيقة التي سيعرضها ترامب. بالمناسبة، هناك ثلاثة أشخاص خارجيون آخرون يعملون مستشارين للفريق السياسي الأمريكي. ولي العهد السعودي، سفير الإمارات في الولايات المتحدة وسفير إسرائيل في الولايات المتحدة. هكذا بحيث أن من المعقول الافتراض أن يكون نتنياهو مطلعا على ما يجري خلف الكواليس.
في وثيقة عريقات زعم أن الفلسطينيين سيكونون مطالبين بأن يسلموا 10 في المئة من أراضي الضفة لإسرائيل. في خطة أولمرت وكذا في مبادئ كلينتون جرى الحديث عن 6 في المئة. أما في اتفاقات جنيف فإن 4.5 في المئة. في جولات المفاوضات السابقة كان تفاهم إسرائيلي ـ فلسطيني حول تبادل الأراضي بحجوم متساوية. أما الـ 10 في المئة فمعناها إلا يكون تبادل متساو للأراضي، إذ ليس لإسرائيل قدرة على أن تسلم للفلسطينيين أراض بمثل هذا الحجم. فضلًا عن ذلك، فإن الـ 10 في المئة تضمن أن تكون الأراضي الفلسطينية مبتورة طولًا وعرضًا. وهنا تحتمل أزمة حقيقية.
ولكن في ما يتعلق بالقدس، يخلق الفلسطينيون أزمة مصطنعة إذ أن خطة ترامب مثلما هي اليوم ـ وهي كما أسلفنا يمكن أن تتغير ـ لا تتحدث عن أبو ديس كالعاصمة الفلسطينية بل عن «أحياء في القدس» او «أحياء القدس»، التي يمكنها أن تدخل في تعريف شرق القدس عاصمة. بنس هو الآخر عاد وشدد في خطابه في الكنيست على أن الإدارة لن تتدخل في حدود العاصمة الإسرائيلية وفي تحديد خط الحدود بين الطرفين. والخطة الحالية لا تتضمن طلبا من الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، ولكنهم سيكونون مطالبين بالتخلي عن حق العودة. ويدعي عريقات أن الأمن في الضفة سيكون في يد إسرائيل. اما الخطة، مثلما هي اليوم، فتتحدث عن اتفاق ينفذ بالتدريج، بما في ذلك نقل المسؤولية عن الأمن إلى الفلسطينيين. وكل تقدم سيكون مشروطا بتنفيذ المرحلة السابقة، فيما تكون الولايات المتحدة هي المحكم. إسرائيل، حسب الخطة، ستتلقى علاوة كبرى في شكل علاقات علنية مع السعودية. وسيتلقى الفلسطينيون من السعوديين ومن الأردنيين مرافقة ثابتة في بناء السيادة. هؤلاء سيعطون المال وأولئك يعطون التعليم والظهر السياسي.
معقول جدا الافتراض أنه لن يخرج شيء من هذه الصفقة الكبرى، ولكن يمكنها ان تشكل محفزا للانتخابات في إسرائيل. ما بالك أنه في محيط شهر آذار تهدد بالظهور التوصيات بلوائح اتهام.
يديعوت