دعم أمريكي لإسرائيل غير مشروط بشيء: ابراهام بن ـ تسفي
في النظرة الأولى قد ينشأ الانطباع بأن زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إلى القدس ليست أكثر من طقوس عديمة كل معنى عملي وذلك لأن بنس ليس من الخلية الشرق أوسطية للرئيس ترامب، ولأنه لا توجد على جدول الاعمال أية صيغة سياسية حية تتنفس ينبغي منحها زخما جديدا او صب مضامين اختراقية فيها. ولكن هذا الانطباع مغلوط. ففي شبكة العلاقات الخاصة بين واشنطن والقدس توجد أهمية كبيرة للبادرات الطيبة للرموز ولمظاهر التضامن العميق والتأييد العلني الجارف لإسرائيل لا سيما حين تكون ضمن رسالة قيمية، أيديولوجية وتأريخية لهذا التحالف .
وبالفعل، عندما تطلق هذه الخطوط الهيكلية بصوت عال وجلي من على منصة الكنيست فإن فيها ما يطلق رسالة لا لبس فيها بالنسبة لقوة وحصانة الشراكة والمكان المركزي لإسرائيل في الفكرة، التراث، التجرية والحاضر الأمريكي. من هذه الناحية وإن كان الصوت هو صوت نائب الرئيس إلا أن عمليا يدور الحديث عن المبعوث والمساعد المخلص للرئيس الـ 45 الذي يعبر بشكل صاف ونقي عن نهج رأس الهرم ويعكس ظروف المحبة التي يتميز بها الآن المحور الأمريكي ـ الإسرائيلي. تعبير آخر على حقيقة أن نائب الرئيس يمثل بإخلاص، في أثناء زيارته إلى المنطقة، المواقف المتجذرة والقاطعة للبيت الأبيض يمكن أن نراه بالشكل المباشر والعلني الذي عرض فيه أمام الملك الأردني عبدالله سياسة الإدارة في الصلة بالقدس واستئناف المسيرة السلمية في المجال الفلسطيني. وذلك من دون أن يحاول على الإطلاق مصالحة رأي مضيفه الأردني ويشوش، من خلال صياغات «السلامة السياسية» الخلاف الذي نشب في أعقاب إعلان ترامب عن القدس عاصمة إسرائيل.
على هذه الخلفية توجد فجوة استقطابية بين شكل الزيارة الحالية لنائب الرئيس الحالي على أرض القدس وزيارة نائب الرئيس في إدارة أوباما، جو بايدن، في آذار 2010، التي جرت في أجواء مختلفة تماما. وفي الوقت نفسه الذي يحمل فيه بنس معه رسالة شراكة شجاعة، عكس في حينه بايدن المناخ المفعم بالتوتر والاحتكاك، الذي أحاط بعلاقات الإدارة السابقة مع إسرائيل. برغم أن بايدن وصل إلى القدس في ذروة فترة التجميد لأعمال البناء في المناطق (باستثناء شرق القدس)، لم يتوقف الضغط الأمريكي على حكومة نتنياهو لتجميد مخططات البناء حتى في الأحياء اليهودية شرق المدينة.وجاءت الزيارة في ظل هذه الأزمة، التي اشتدت في أعقاب نشر مخططات البناء في حي رمات شلومو وبلغت ذروتها في أثناء زيارة نتنياهو إلى واشنطن بعد أسبوع من ذلك.
مكان سوط التهديدات والتفوهات الفظة يحتل اليوم حوارا متصالحا ومساندا، يعكس أيضا المخاطر والتحديات الجديدة التي يقف أمامها الآن العالم السنّي المعتدل. برغم أن السياسة الأمريكية الحالية تدعم بلا تحفظ تحريك المسيرة السياسية، بخلاف عهد اوباما لا ترى في ذلك كل شيء او شرطا مسبقا لازما في الطريق إلى تثبيت مكانة الولايات المتحدة في المنطقة. وبالفعل، الانطباع الذي تخلفه زيارة بنس هو انطباع الالتزام الحقيقي غير المشروط بأي شيء آخر.
اسرائيل اليوم