الانتخابات العراقية لا تشبه سابقاتها: حميدي العبدالله
لا شكّ أنّ الانتخابات التي ستجري في العراق لاختيار أعضاء مجلس النواب الجديد لا تشبه الانتخابات السابقة، معروف أنّ الدستور العراقي ينصّ على أنّ الكتلة النيابية الأكبر هي التي تسمّي رئيس مجلس الوزراء وتكون لها الحصة الأكبر في مجلس الوزراء، أيّ أنّ الانتخابات العراقية هي انتخاب مزدوج للسلطة الاشتراعية وللسلطة التنفيذية .
لكن هذه الانتخابات تختلف عمّا سبقها من انتخابات أخرى، ربما تشبه في بعض أوجهها أوّل انتخابات أجريت بعد رحيل القوات الأميركية من العراق، ولكنها تختلف في جوانب كثيرة، إنْ لجهة التحالفات النيابية، أو لجهة تأثير الخارج على الانتخابات وطبيعة الدول الفاعلة في هذه الانتخابات، أو لجهة السياق السياسي العام الذي تأتي في ظله والذي يتميّز بأنها أوّل انتخابات تأتي بعد دحر داعش، حيث تحتلّ القوى السياسية التي قاتلت هذا التنظيم مكانة مميّزة، وحيث فقدت القوى التي مالأت وتواطأت معه مكانة كانت تحتلّها في مناطق ومواقع كثيرة.
بسبب كلّ ذلك فإنّ شكل التحالفات غير واضح حتى الآن، وحدود تأثير دول الإقليم والولايات المتحدة هو الآخر غير واضح. ربما يكون الشيء الوحيد الواضح على هذا الصعيد قوّة ومكانة إيران التي لعبت دوراً هاماً في إبعاد نوري المالكي والمجيء بحيدر العبادي، وهذا سلوك رضيت عنه دول عديدة وقوى عراقية كثيرة، كما لعبت إيران دوراً بارزاً في دعم الحرب ضدّ داعش، ولهذا يمكن القول إنّ إيران وحدها التي تحظى بقبول جزء كبير من القوى الفاعلة العراقية التي سوف تشارك في الانتخابات المقبلة.
أما الولايات المتحدة، فعلى الرغم من أنّ لها وجوداً عسكرياً كبيراً في العراق، وهو وجود أكبر من وجودها العسكري في آخر انتخابات عراقية، إلا أنّ نفوذها تراجع واضمحلّت القوى السياسية التي كانت تشكّل سنداً للنفوذ الأميركي في العراق، وتحديداً جماعة إياد علاوي التي باتت أضعف جماعة على الإطلاق.
صحيح أنّ التيار الصدري يناهض القوى المتحالفة مع إيران، ولكن الصحيح أيضاً أنّ التيار الصدري لا يمثل جهة يمكن الوثوق بها من قبل الولايات المتحدة، ولا حتى من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة على الرغم من أنّ المملكة العربية السعودية قد استقبلته في ذروة المواجهة السياسية بين إيران والسعودية، وهو ما فسّر بأنه موقف من الصدر موجه ضدّ إيران أكثر مما هو لقاء استراتيجي مع السياسة السعودية في العراق.
في ضوء كلّ ما تقدّم يصعب التنبّؤ بالتفاصيل التي سوف تسفر عنها الانتخابات المقبلة، لكن ما يمكن توقعه هو فوز الذين حاربوا داعش والذين هم حلفاء لإيران بغالبية مقاعد البرلمان المقبل.