رفاق أوجلان الذين اغتالوه
غالب قنديل
بنى زعيم حزب العمال الكردستاني ومؤسسه عبد الله اوجلان رؤيته الفكرية والاستراتيجية انطلاقا من الالتزام بوحدة كفاح شعوب المنطقة ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية واعتبر بكل وضوح ان لا حل ثوريا لقضية الشعب الكردي إلا في هذا الإطار ومن هذا الموقع شارك مع رفاقه المؤسسين في القتال ضد العدو الصهيوني على أرض الجنوب اللبناني وأنشأوا علاقة متينة مع الدولة الوطنية السورية التي قدمت لهم دعما كبيرا واحتضنتهم لديها في أصعب الظروف وكانت مغادرته لدمشق مبادرة من رفيق وحليف يدرك التهديدات والمخاطر الذي يتخذ فيها وجوده في العاصمة السورية ذريعة لحرب كبرى جرى الإعداد لها ضد سورية الدولة المقاومة والتحررية بتدبير من حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة وبالشراكة مع تركيا والكيان الصهيوني وكانت لديه كمية وافرة من المعلومات عما كان يدبر آنذاك ضد الجمهورية العربية السورية وهذا ما سمعته منه حرفيا قبيل مغادرته ببضعة أشهر حين زرته بناء على طلبه .
بدافع من الثقة السورية ومنذ انطلاق العدوان الاستعماري على البلاد وظهور عصابات الإرهاب قدم الجيش العربي السوري السلاح والتدريب للوحدات الكردية من اجل الدفاع عن المناطق المستهدفة في الشمال الشرقي وتصرفت القيادة السورية بانفتاح كبير وبمرونة إزاء المطالب الخاصة التي رددها بعض القادة الأكراد واعتبرتها قابلة للعلاج في إطار الحوار الوطني السوري حول مستقبل البلاد.
بالمقابل فتحت بعض القيادات الكردية في سورية أبوابها للتعامل مع الولايات المتحدة سياسيا وعسكريا واستخباراتيا وهي بذلك تحولت إلى اداة بيد المخطط الأميركي لتمزيق سورية والنيل من استقلالها وهذه هي الخطيئة التي طالما سجلها اوجلان والفريق الذي أسس حزب العمال الكردستاني على القيادة البرازنية واعتبروها قرينة تفسر الفشل والإحباط في الحركة الكردية التي بنت حساباتها على دعم القوى الاستعمارية الصهيونية في المنطقة فخسرت أي فرصة جدية لكسب تأييد الشعب العربي الذي هو شريك الحياة والمصير للأكراد في سورية والعراق وتحولت بذلك إلى ورقة بيد التلاعب الاستعماري.
يكرر القادة الأكراد المرتبطون بالولايات المتحدة في سورية خطيئة القيادة البرازانية التي تلقت صفعة لم يطوها النسيان بعد في العراق من خلال الاستفتاء وتداعياته المخيبة والخطير أنهم يقبلون لعب دور المطية والذريعة والواجهة التي تريد بها الولايات المتحدة فرض تقسيم سورية وهم يعلمون بالتجربة أن أي كيان ينشأ عن هذه المؤامرة الاستعمارية الصهيونية سيكون مصيره الزوال والاندحار لأن الشعب العربي السوري والجيش العربي السوري لن يرضخا للاحتلال والتقسيم بأي ثمن ولأن الرقعة المسورة والمحاصرة بالأعداء والخصوم لن تستطيع الحياة أو التنفس مهما كان حجم الأكاذيب الأميركية الخادعة التي حذرهم منها مخطط الحرب على سورية روبرت فورد فالوجود الأميركي سيقتلع من التراب السوري بالقوة والمقاومة وسيتحول الخونة والعملاء إلى حفنة معزولة لا تجد ملاذا لها في كل أنحاء سورية.
ما يجري على الأرض السورية من غدر وخيانة بحق الدولة السورية وشعبها هو انقلاب على مباديء حزب العمال الكردستاني وزعيمه المعتقل في تركيا بتدبير اميركي صهيوني اعقبه عمل مخابراتي محكم لاختراق قيادة حزبه والهيمنة على قرارها بعد تحويل الزعيم السجين إلى يافطة ورمز معلق في الفراغ.
إن قدر الشعب الكردي في منطقتنا ان يكون في صلب الكفاح ضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية الرجعية بينما يجري الزج به وبأيد كردية في خدمة خطة استعمارية سيكون الأكراد اول ضحاياها عبر استهداف وحدة سورية وسيادتها واستقلالها وننتظر من القيادات الكردية السورية الراشدة اتخاذ مواقف صريحة وقوية دون مسايرة او مواربة لترك مساحة لوحدة العيش والمصير ولفكرة الأخوة الكردية العربية في الوجدان الشعبي العربي والسوري خصوصا فالجريمة التي يرتكبها البعض باسم اكراد سورية هي خطيئة قاتلة ووصمة عار لا تمحى.
الذين قبلوا تحويل مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومناصريه إلى متدربين عند ضباط الاستخبارات والوحدات الخاصة الأميركية وساروا في خطط العمليات الأميركية ضد الدولة السورية هم خونة لأهلهم ولشعبهم وبالتالي لسورية التي احتضنتهم ووثقت بهم وساعدتهم في صد داعش والقاعدة عن قراهم وبلداتهم ونتوقع من الشرفاء والأحرار اتخاذ الموقف الصريح والواضح من هذه المؤامرة القذرة ولا عذر لمتخلف او صامت.