مصر… من يجرؤ على منافسة السيسي؟: سمدار بيري
الموعد تقرر منذ الآن. بعد شهرين وصناديق الاقتراع تحددت في عشرات السفارات في الخارج، وفي كل أرجاء الدولة العربية الكبرى. كما أن رصاصة الانطلاق انطلقت منذ الآن، إذ طرح المسؤول عن الانتخابات للرئاسة في مصر قواعد واضحة: من هو مصمم على الدخول إلى المغامرة ملزم بأن يكون مواطنا مصريا، أبواه مصريّان؛ عليه أن يكون في الأ يقل عن عمر 40 سنة، ويثبت أنه خدم في الجيش وفي صحة جسدية وعقلية ومن دون سوابق جنائية. إضافة إلى ذلك، عليه أن يقدم بتواقيع من عشرين نائبا او 25 ألف مواطن من 25 محافظة في أرجاء مصر .
الساحة السياسية تغلي. هذا هو الموضوع الأكثر رواجا في مصر. ولافتات كبرى تتصدر الميادين. باستثناء ماذا؟ هذه حاليا انتخابات وهمية بلا متنافسين وبلا دعاية انتخابية. وحتى الرئيس السيسي لم يعلن بعد عن تنافسه لولاية ثانية في القصر. ومن الجهة الأخرى شطب ترشيح أو هرب أربعة. الجنرال أحمد شفيق، قائد سلاح الجو السابق ورئيس آخر حكومة لمبارك، ارتعدت فرائصه بعد أن طرد من إمارة أبو ظبي، توقف في القاهرة وتلقى تلميحا شديد الوضوح بأنه إذا أصر فإنهم سيورطونه بفضائح جنسية. خالد علي، محام نشيط في حقوق الإنسان وإن كان عقد مؤتمرًا صحافيًا في نهاية الأسبوع إلا أن ملفا جنائيا يوجد ضده ومن شأنه أن يبعده عن المنافسة. النقيب أحمد قنساوة حكم عليه بتصريحات سياسية وهو لا يزال يلبس البزة فأُبعد. أنور السادات، عضو البرلمان وابن أخت الرئيس الذي يحمل اسمه، ذعر هو أيضا ويتردد. وبشكل عام، فإن فرص السادات الصغير في اجتياز الشروط، تقترب من الصفر.
وجاءت المفاجأة الكبرى في منتصف الأسبوع الماضي. فالجنرال سامي عنان الذي كان رئيس أركان الجيش المصري إلى أن أعفاه الرئيس الإسلامي محمد مرسي، يعرض كاسم ساخن للغاية في مواجهة السيسي. إذا حصل هذا، ولم يهرب عنان في اللحظة الأخيرة، فستكون هذه حملة انتخابات شائقة. فالحديث يدور عن ضابطين كبيرين جدا، السيسي ابن 63 وعنان ابن 69، كلاهما يأتيان من المجلس العسكري الأعلى الذي سحب مبارك من القصر، ولكليهما شبكة اتصالات متفرعة ومركبة في واشنطن، موسكو وفي أرجاء العالم العربي. كلاهما أيضا معروفان جيدا في إسرائيل.
لقد سبق لعنان المحاولة قبل أربع سنوات التنافس على الرئاسة أمام السيسي. وتصر الإشاعة على أن رئيس المجلس العسكري الأعلى، محمد الطنطاوي، أزاحه بدعوى أنه لا يعقل أن يتنافس شخصان من الهيئة ذاتهاعلى المنصب عينه، والسيسي، الذي حرر مصر من حكم الإخوان المسلمين، أكثر جدارة وملاءمة. عنان أنزل منذئذ مستوى الاهتمام إلى أن أعاده حزبه «العروبة» مرة أخرى إلى المنافسة القريبة.
مثلما يبدو هذا، فإن السيسي بحاجة إلى خصم قوي، معروف، محترم، ذي علاقات وسجل نقي. لديه مصلحة واضحة في أن يتنافس عنان أمامه إلى مسافات بعيدة. وهكذا يتمكن من أن يعرض انتصاره بولاية رئاسية أخرى بمفاهيم الديمقراطية، التي تطيب لآذان الرئيس ترامب وزعماء في دول رائدة في أوروبا. معقول الافتراض أيضا أنه بخلاف الجولة السابقة، لن يسعى السيسي إلى نيل 97٪ من بطاقات الناخبين في صناديق الاقتراع.
تجري حركة الإخوان المسلمين الآن للرئيس المصري حملة فتاكة مع الكشف عن شريط يسمع فيه صوت ضابط في الأجهزة السرية وهو يوجه رجال الإعلام والشخصيات العامة نحو إقناع الجمهور في مصلحة السيسي، ولكن 500 من أصل 596 من أعضاء المجلسين في البرلمان في القاهرة التزموه منذ الآن. بدت أمس مظاهر التردد من جهة عنان. مؤيدوه يصرون على جمع التواقيع له. ولكن عنان بعث بابنه لتخفيض مستوى التوقعات. هذا سباق باهظ الثمن ومضنٍ، والنتيجة معروفة مسبقا، فلِمَ يتعين عليه أن يتورط.
يديعوت