محللون اسرائيليون: بالحرب المقبلة سيسقط في إسرائيل 3 – 4 آلاف صاروخ يوميا
عاد المحللون العسكريون في الصحف الإسرائيلية المركزية الصادرة اليوم، الجمعة، إلى استعراض احتمالات وسيناريوهات نشوب حرب بين إسرائيل وبين إيران وسورية وحزب الله، أو كما أسماها أحدهم بـ”حرب الشمال الأولى”، استنادا إلى تصريح وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، بأنه في حال نشوب حرب جديدة فإنها ستشمل سورية ولبنان وليس إحدى هاتين الدولتين
.
والمشترك بين هذه التحليلات هو أنه على الرغم من أن تقييمات الجيش الإسرائيلي بأن احتمالات نشوب حرب خلال العام 2018 ضئيلة، لكن بسبب الوضع الأمني الهش وتناقض المصالح بين الأطراف، فإنه لا يُستبعد تدهور الأوضاع، حتى لدرجة حرب.
وفي موازاة ذلك الحديث المتكرر عن “الردع الإسرائيلي”، إلا أن هؤلاء المحللين لا يخفون ارتداع إسرائيل أيضا. وفي هذا السياق، أشار المحلل العسكري في القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، ألون بن دافيد، في مقاله الأسبوعي في صحيفة “معاريف”، إلى أن إسرائيل لا تستهدف قوافل أو شحنات أسلحة تتواجد في لبنان، منذ العام 2014. في حينه، قصفت إسرائيل شحنة كهذه ورد حزب الله بعملية في مزارع شبعا.
وبحسب بن دافيد، فإن الجيش الإسرائيلي منشغل أيضا بأسئلة متعلقة بـ”اليوم التالي”، أي “بعد داعش، بعد أبو مازن، بعد استقرار الأسد وبعد خروج حزب الله من سورية. ويتميز هذا العام بحساسية فائقة ومخاطر كبير بالتدهور، وسيكون التحدي بمواصلة الحفاظ على المصالح الإسرائيلية (أي قصف شحنات وقوافل أسلحة في سورية) من دون دفع تدهور كهذا”. وتوقع أن “تواصل إسرائيل الحفاظ على الخطوط الحمراء الثلاثة التي وضعتها: لا لنقل أسلحة متطورة إلى لبنان، لا لصنع صواريخ دقيقة في سورية ولبنان ولا لنشر قوات شيعية بمحاذاة الجولان“.
وأضاف بن دافيد أن هذه السياسة الإسرائيلية تتضمن رسالتين. الأولى موجهة لسوريا ومفادها أنه “سيستمر في دفع ثمن جراء النشاط الإيراني في بلاده”. والثانية موجهة إلى روسيا، باعتبار أن “الروس يدركون أن إسرائيل تعتزم الإصرار على هذه المواضيع (“الخطوط الحمراء”) وقد تعرقل جهودهم لاستقرار سورية“.
ولم تستبعد التحليلات الإسرائيلية، هذا الأسبوع، احتمال رد سوري على الغارات الإسرائيلية، لكن بن دافيد كتب أن “الأسد لن يجرؤ على إطلاق صواريخ سكاد على تل أبيب، لكنه قد يطلق قذائف باتجاه الجولان”. ورأى هذا المحلل أن روسيا ستكون عامل لجم يمنع تدهور الوضع، لأنه “لا مصلحة لديها بحدوث مواجهة مع إسرائيل”.“.
تستند تقييمات الجيش الإسرائيلي بوجود احتمال ضئيل لنشوب حرب في العام الحالي، إلى أنه “لم يبق الكثير من الجيوش العربية (أي ضُعفها)، الأنظمة المجاورة منشغلة بالأساس بنفسها وحزب الله وحماس مشغولان بمواجهة مشاكل داخلية”، وفقا للمحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل.
لكن هرئيل نقل عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، تحفظه بالقول إنه “تصاعد بشكل كبير خطر التدهور، حتى إلى درجة الحرب”. وأضاف المحلل أن شعبة الاستخبارات العسكرية وآيزنكوت قلقان من سيناريوهان محتملان. الأول، “رد فعل من جانب أحد الخصوم جراء ممارسة قوة إسرائيلية”. والثاني، “بسبب اشتعال في الساحة الفلسطينية. وهناك، عندما يخرج مارد الإرهاب (الانتفاضة) من القمقم، يتطلب الأمر أشهرا وأحيانا سنوات من أجل إعادته“.
وتابع هرئيل أن التقديرات الإسرائيلية هي أنه “كلما أكثرت إسرائيل من هذه الهجمات (الغارات في سورية) ونفذت ذلك بأدوات متطورة، يتزايد الاحتكاك المحتمل مع دول ومنظمات ويزداد الخطر بأن يأتي رد فعل كبير في نهاية الأمر. وأمر مشابه جدا يحدث عند الحدود مع قطاع غزة”، خاصة ضد أنفاق هجومية.
تتوجس إسرائيل من الحرب المقبلة، وعبر عن ذلك، اليوم، المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيشمان. ووفقا للسيناريو الذي استعرضه فيشمان، فإنه في الحرب المقبلة سيطلق من لبنان باتجاه إسرائيل ما بين 3000 إلى 4000 صاروخ يوميا. وأشار إلى أن كمية صواريخ كهذه أطلقت طوال 33 يوما في حرب لبنان الثانية، عام 2006، وطوال 51 يوما من العدوان على غزة، عام 2014.
وأضاف فيشمان أن هذه الصواريخ “ستكون أكثر دقة وفتكا ومدة، وستغطي كل مساحة دولة إسرائيل. وستطلق الرشقات الصاروخية الأولى من منصات ثابتة ومخفية وموجهة نحو أهداف معينة في الأراضي الإسرائيلية. وفقط بعد أيام، عندما ينفذ سلاح الجو إبادة فعالة لأهداف، وتبدأ القوات البرية بالتوغل في لبنان، ستنخفض كمية الصواريخ ونوعيتها“.
وشدد فيشمان على أن “هذا ليس سيناريو خيالي. هذا (نتيجة) تحليل مهني جرى في جهاز الأمن وتم وصفه بأنه ’السيناريو الخطير والمعقول’. وقد استعرضه ليبرمان أمام الحكومة، في العام 2016، بعد أشهر معدودة من توليه منصبه… ومعنى ذلك أن الوزراء ليس فقط يعرفون جيدا التهديدات على الجبهة الداخلية وإنما هم ملزمون أيضا بوضع رد معقول لهذه التهديدات. لكن منذئذ، منذ أكثر من سنة ونصف السنة، لم يعقد الكابينيت (اللجنة الوزارية المصغرة للشؤون الأمنية) ولو اجتماعا واحدا حول جهوزية الجبهة الداخلية للحرب“.
وأضاف فيشمان أنه “حتى الآن، لم يستوعبوا هنا أن ضلوع الجبهة الداخلية في الحرب المقبلة سيكون بأحجام غير مسبوقة، وأنه ستسقط في الجبهة والجبهة الداخلية كميات نيران متشابهة. وضعف الجبهة الداخلية سيؤثر على المعنويات في الجبهة وأيضا على القدرة للحفاظ على تواصل لوجيستي لمصلحة الجبهة“.
وكان ليبرمان قد تحدث خلال اجتماع، قبل أسبوعين، عن عدم وجود حماية لـ30% من المواطنين، أي أنه لا توجد لديهم ملاجئ أو غرف آمنة، وأن غالبية هؤلاء هم مواطنون في البلدات العربية في شمال البلاد، بينما التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن 80% إلى 85% من صواريخ حزب الله هي لمدى 40 كيلومترا، أي قادرة على الوصول إلى الخط الممتد ما بين طبرية وحيفا.
وأضاف فيشمان أنه في حال نشوب حرب سينصب الجيش الإسرائيلي “القبة الحديدية”، لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى، حول المنشآت الإستراتيجية، مثل مطارات سلاح الجو وحقول الغاز ومصانع الكيماويات ومصفاة تكرير النفط، على حساب حماية المناطق المأهولة بالسكان.
وتابع أن أحد الحلول هو إجلاء سكان. “الحكومة تنازلت عن مبدأ عدم إخلاء بلدات وقررت الاستعداد لإجلاء جماعي من مناطق ذات خطر كبير. وتم بلورة خطة باسم ’ميلونيت’ (إجلاء إلى فنادق أو دور ضيافة ومؤسسات عامة) تقضي بإجلاء 80 ألف شخص، 50 ألفا من شمال البلاد و30 ألفا من جنوبها. وتستعد سلطة الطوارئ الوطنية ووزارة الداخلية لإخلاء عدد أكبر يصل إلى 300 ألف شخص”.