فَلْيَدفعوا بالعملة الفلسطينية: تساحي ليفي
لقد بات التحسن في العلاقات الإسرائيلية ـ السعودية سرا مكشوفا منذ زمن بعيد. فواضح لِمَ يحتاجنا السعوديون: إسرائيل هي قوة عظمى في السايبر والاستخبارات على مستوى عالمي، ولها بوابة مفتوحة على البيت الأبيض، وهي القوة العسكرية الأهم في الشرق الأوسط. وبالمقابل، فقد هجر الأمريكيون السعوديين بعد أن أصبحوا هم أنفسهم مصدرين للنفط، وإذا لم يكن هذا بكاف، فمجرد وجود النظام السعودي يتحدّاه الإيرانيون الذين هاجموا مؤخرا الرياض مرتين بالصواريخ الباليستية التي أطلقها من اليمن الثوار الحوثيون منفذو إرادة الإيرانيين وحلف الإخوان المسلمين (قطر ـ حماس ـ تركيا). أضيفوا إلى كل هذا حقيقة أن السعودية توجد في ذروة تداول الحكم وإصلاحات موضع خلاف في علاقات الدين والدولة، وستحصلون على برميل متفجر سعودي يضغط ولي العهد، محمد بن سلمان. في هذه الظروف لا حاجة للحماسة لتحول سعودي في شكل «الاعتراف بإسرائيل». لقد حان الوقت لأن تلعب إسرائيل بشكل صحيح بأوراقها وتطلب ثمنًا سعوديا بالعملة الفلسطينية، الموضوع الذي يقلقها أكثر من أي شيء آخر. بالنسبة للصراع ضد الإيرانيين، فإن السعوديين يحتاجوننا على أي حال .
العملة «الفلسطينية» توجد عميقًا في الجيب السعودية. فالسعودية هي زعيمة الشرق الأوسط السنّي. وحسب التقارير، فإنها هي التي استدعت رئيس وزراء لبنان سعد الحريري إلى الرياض وأمرته بالاستقالة. وهي التي تتصدر الحصار على قطر، ومؤخرا فقط استدعت إليها على عجل أبا مازن كي تتأكد من أنه لا يبالغ في المصالحة مع حركة حماس، العدو الآخر للسعودية. السعودية هي السبب الذي يجعل وزراء في السودان يفكرون بصوت عال بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وغير قليل من مشتريات الوسائل القتالية المتطورة في الجيش المصري، يمول بالمال السعودي. فالسعوديون يمكنهم بالتأكيد أن يوفروا البضاعة الفلسطينية، ولكنهم لن يفعلوا ذلك إلّا إذا فهموا أن بقاء نظامهم متعلق بذلك.
يمكن لإسرائيل وينبغي لها أن تطلب من السعوديين إلزام الأردن، عضو آخر في الحلف الإقليمي، أن يعيد لـ 1.8 مليون فلسطيني في يهودا والسامرة المواطنة الأردنية التي أخذت منهم من طرف واحد في 1988 في ظل الخرق الفظ للقانون الدُّولي. يمكن للسعوديين أن يفرضوا على الحكم الذاتي لـ م.ت.ف في يهودا والسامرة أن يصبح محافظة في اتحاد فيدرالي أردني في إطار تسوية انتقالية، ما يسمح لإسرائيل بأن تضم المناطق ج (نحو 60 من مئة من أراضي يهودا والسامرة، ولكن فقط 5 من مئة من السكان العرب) في ظل الاعتراف الصامت، العربي والدُّولي. في الماضي نشرت في عدة وسائل إعلامية إسرائيلية إشاعات عنيدة عن خطة سلام اقترحها الرئيس المصري السيسي على أبي مازن وفي إطارها تُضاعف مساحة قطاع غزة خمس مرات على حساب سيناء، وهناك تقوم الدولة الفلسطينية، فيما لا يكون في يهودا والسامرة إلّا حكما ذاتيا بالحجم الحالي، لتعرفوا أنه يوجد في الجانب العربي من هم مستعدون لأن يفكروا من خارج العلبة.
لقد حان الوقت لأن تستوعب إسرائيل والولايات المتحدة أن الشرق الأوسط الجديد، المفكك والمفتت، يقترح إمكانيات لم يتخيلها أحد في الماضي. فالعالم القديم الذي في عهده كتبت مبادرة كلينتون مات، وما فشل في الماضي لن ينجح في اليوم بالتأكيد. ما كان في الماضي خياليا يمكن أن يصبح اليوم واقعًا. فهل تفهم حكومة إسرائيل ذلك؟ ليس مؤكدا على الإطلاق ولا سيما حين نرى أن نتنياهو يواصل الحديث عن «دولتين».
لا تتأثروا بالخطابة الحماسية للفلسطينيين ضد ترامب حول موضوع القدس. فكعادتهم، يُحتمل أن تكون هذه لأغراض المفاوضات.
ينبغي الافتراض بأن الحاجة السعودية لإخراج التحالف مع إسرائيل إلى النور كي تجعله عمليًا أكثر ـ ستدفعهم إلى أن يفرضوا على م.ت.ف العودة إلى طاولة المفاوضات. في منظومة القوى هذه، ليس الفلسطينيون أكثر من «أغبياء استعماليين».
فقبل لحظة من عقد الأمريكيين مؤتمر سلام إقليمي في الوقت الذي تتحقق فيه كل التفاصيل عن الصفقة الإقليمية الكبرى بعيدا عن أعين الجمهور، .
معاريف