خطة نصرالله في مواجهة العدوان
غالب قنديل
كان الحوار الذي أجراه الزميل سامي كليب مع قائد المقاومة السيد حسن نصرالله عبر قناة الميادين غنيا ومهما وقد جاء في توقيت مناسب على مفاصل عدة من احداث المنطقة وتطوراتها في إيران وفلسطين المحتلة وسورية ولبنان.
أعلن السيد نصرالله عبر الميادين مجموعة هامة من المواقف والمبادرات كاشفا انطلاق العمل استعدادا لمواجهة جميع الاحتمالات بما فيها قيام ثنائي ترامب – نتنياهو العدواني المتهور بدفع المنطقة إلى حرب كبرى وحيث يطلق السيد النفير لمحور المقاومة بجميع دوله وفصائله ليكون قادرا وفق قاعدة السيد الأثيرة على تحويل التهديد إلى فرصة وحيث وجهة ما بعد الجليل هي القدس في معادلة نصرالله حال وقوع الحرب الكبرى التي “نتحضر لها ولا نسعى إليها” لكن تهور واشنطن وتل أبيب قد يفرضها علينا قسرا.
دائما يضع السيد نصرالله يده على الجرح ويقدم الصياغة المكثفة للموقف برسم المهام والأولويات وبتظهير عناصر القوة في التصدي للتناقض الرئيسي الذي يحكم كل ما عداه من الظواهر السياسية في المنطقة وفي جوهر هذا التناقض الصراع ضد هيمنة المنظومة الاستعمارية الصهيونية الرجعية وفي قلب هذا الجوهر قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني حيث أجهز قرار ترامب على ما سمي بعملية السلام وحانت لحظة لم الشمل الفلسطيني المشظى حول القدس وفلسطين بواقعية تجاوز الخلافات الكثيرة والترسبات المتراكمة.
يبذل السيد بمهابة مرجعيته القيادية وبروحه الاحتوائية الإيجابية والحكيمة جهودا مركزة لتوحيد الصف الفلسطيني في سياق الانتفاضة متجاوزا ركام الخلافات وتشعب النزاعات وترسب الكثير من الحواجز والعوائق في علاقات الفصائل التي تلاقت حوله بقادتها في مرحلة مصيرية عاصفة وبحث معها كيفية التوحد حول القدس والانتفاضة الشعبية المتجددة بل تصدى السيد بحكمة وبراعة لعقدة كبيرة هي حاصل الخلل الخطير الذي أورثه انحراف البعض في الموقف من العدوان على سورية وطريق نصرالله في هذا السبيل هو الحوار والتركيز على الأولويات انطلاقا من التناقض الرئيسي وهو أكد ثقته بوعي وبحكمة الرئيس بشار الأسد كقائد رئيسي في محور المقاومة واضعا الجهات الفلسطينية المعنية امام استحقاق اتخاذ المبادرات والخطوات اللازمة.
المعركة ضد الإرهاب التكفيري حسمت ولم تنته خصوصا في سورية فالقضاء على المعاقل لم يلغ وجود وانتشار شبكات التكفير وفلول داعش والقاعدة وكل ما يجري من حولنا في المنطقة يوحي باستمرار الغزوة الاستعمارية الصهيونية وتصاعدها بل وبتفعيل فصول جديدة منها كلما خبت فصول استهلكت وتمكنت قوى محور المقاومة المناهضة للهيمنة من احتوائها وإحباطها.
السيد يتبنى فكرة الصراع المستمر في فهم ما يجري والواقع يؤكد ذلك بقوة فغير بعيد عن قرار تهويد القدس وإعلان ترامب جاء التصعيد الأميركي ضد إيران واستثمار اضطراب اقتصادي اجتماعي شهدت الولايات المتحدة وكذلك الكيان الصهيوني مثيلا له قبل سنوات في ظل ما شكل ظاهرة عالمية سميت بالفقاعة العقارية المالية التي اطلقت مضاربات فوضوية انتهت مع حلول الإشباع في الأسواق إلى حمى ركود وإفلاسات طالت الملايين احيانا بينما آثارها في إيران أقل حجما بكثيرلكن الترصد الأميركي الصهيوني المباشر واستثمار الأحداث بواسطة شبكة القوى العميلة التي يديرها الأميركيون أو وكلاؤهم الصهاينة والسعوديون ومجساتها المنتشرة في الداخل الإيراني التقطت التداعيات وعملت عليها كفرصة سانحة للنيل من قوة إيران ومن دورها تماما كما سبق لذلك النوع من الشبكات ان فعل في سورية وغيرها من البلدان التي استهدفت بتدخلات اميركية مباشرة لزعزعة استقرارها وقد عرض السيد تشخيصا موضوعيا للأحداث الأخيرة مقارنة بما سمي بالثورة الخضراء واكد انها أقل خطورة وحجما وهي تبلغ نهاياتها الفعلية مع انطلاق معالجات اقتصادية وسياسية بعد توحد جناحي النظام السياسي لمجابهة التهديد الخارجي المتمثل بالمخطط الأميركي الصهيوني السعودي.
المباديء الناظمة لنهج حزب الله السياسي في لبنان تقوم على تعزيز الانفراج الداخلي والسهر على التفاهمات الممكنة وتعزيز قدرات المقاومة وإمكاناتها بكل الوسائل وعلى مدار الساعة وفي إدارة دقيقة للصراع مع العدو الصهيوني بالشراكة مع الدولة السورية وقواتها المسلحة.
مراكمة المزيد من ادوات الردع وقدرات الدفاع هي غاية حزب الله المباشرة والدائمة والمستمرة وفي صلب هذا العمل يجري تعزيز حضور وقدرات الفصائل السورية المقاومة التي انبثقت في مخاض التصدي للعدوان الاستعماري والتي شاركت في التصدي لقوى الإرهاب والتكفير وهنا يجزم السيد بشراكة المقاومة اللبنانية مع هذه القوات الشعبية الرديفة للجيش العربي السوري على أرض سورية وفي مواقع التماس الأولى ضد الاحتلال الصهيوني في الجولان وهو ما سيتحول إلى قوة جاذبة لمئات آلاف الشباب المقاتل من عدة بلدان إذا فرضت الحرب الكبرى واضعا بالأصل وجود المقاومة في سورية بعهدة القرار السيادي السوري.
إنها خطة متكاملة لمحور المقاومة في التصدي للتحديات وجدول أعمال شامل لمهام المرحلة تلك هي خلاصة حديث سيد المعادلات وقائد المقاومة التي انتزعت زمام المبادرة من يد العدو ونهضت قوة عملاقة بعد دورها العظيم في التصدي للغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية التي شنت بواسطة عصابات التكفير لتدمير محور المقاومة عن بكرة أبيه انطلاقا من اجتياح سورية والعراق وتهديد إيران ولبنان.