دراسة: خلل في أداء القيادة العليا للجيش الإسرائيلي
أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة صادرة عن الجيش الإسرائيلي، مؤخرا، وجود خلل في أداء القيادة العليا لهذا الجيش. وتبين من هذه الدراسة أن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي لا تنشغل في غالب الأحيان في المواضيع الجوهرية المطروحة على أجندة الجيش .
وتجتمع هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي أسبوعيا في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، وتتألف من قرابة عشرين ضابطا برتبة لواء، هم قادة شُعَب، أسلحة، أذرع ومقرات قيادية لوائية، وفي مقدمتهم رئيس أركان الجيش ونائبه، ويشكلون القيادة العليا للجيش. وتضمنت الدراسة مقابلات مع 14 ضابطا برتبة لواء ورئيس أركان سابقين هم أعضاء أو أعضاء سابقون في هيئة الأركان العامة.
ووفقا للدراسة، التي أجرتها المقدم (لفتاننت كولونيل) تمار برش والمقدم في الاحتياط يوتام أميتاي، فإن ضباطا برتبة لواء، يقودون هيئة عسكرية كبيرة وقوية، يشعرون أحيانا بأن التعاون من خلال هيئة أركان الجيش من شأنه أن يقلل من قوتهم، ولهذا فإنهم يفضلون دفع مصلح الشعبة أو الهيئة العسكرية التي يقودونها بطرق مغايرة.
وشددت الدراسة على انتقادات تقرير مراقب الدولة الإسرائيلي، الصادر في العام 2010، لم تؤخذ بالحسبان، وخاصة فيما يتعلق بعملية تعيين الضباط برتبة لواء، التي وصفها المراقب بأنها تفتقر إلى منهج منتظم، وأنه يشارك في تعيينات كهذه وزير الأمن ورئيس أركان الجيش فقط. وانتقدت الدراسة طريقة التعيينات والاعتبارات التي تتخللها، لأن هذه التعيينات تستند إلى إنجازات الضابط في الماضي ومدى ملاءمته للمنصب الذي سيعين فيه، ولا تأخذ بالحسبان إسهامه في هيئة الأركان العامة. وقالت الدراسة، التي أجريت في الأعوام 2014 – 2016، إن “معظم الذين جرى مقابلتهم يعتقدون أن هيئة الأركان العامة لا تستنفذ القدرة الكامنة فيها، وأن الحديث بالأساس عن هيئة ’مراسيم’ وتفتقر لقاسم مشترك“.
حذر قادة الجيش الإسرائيلي، المجلس الوزاري المصغر لشؤون السياسة والأمن “الكابينيت”، من خطورة تدهور الأوضاع في قطاع غزة المحاصر، ومن إمكانية اندلاع مواجهة عسكرية مع فصائل المقاومة الفلسطينية.
ولفتت الدراسة إلى ترقية وتعيين الضباط، حيث يجري ذلك في صفوف الضباط برتبة عميد وما دون ذلك وفق معايير متشددة، بينما تعيين الضباط برتبة لواء هو إجراء غير شفاف وغير موثق ويتم الاتفاق عليه بين رئيس أركان الجيش ووزير الأمن بشكل مباشر.
وقال عدد من الضباط الذين جرى مقابلتهم إن هيئة الأركان العامة تواجه صعوبة في القيام بإدارة منهجية لعملية بناء القوة لمجمل الهيئات العسكرية. ووفقا لقائد سابق لسلاح الجو الإسرائيلي، فإن “من يشعر أنه يتقدم في التطوير والعمل، يشعر مهددا في هيئة الأركان العامة لأنه قد يعيقونه أو يعرقلونه هناك”. وأضاف أنه كقائد لسلاح الجو فضّل إدارة احتياجاته العملاتية بنفسه، من دون إشراك زملائه. وقالت الدراسة إن دافع هذا الضابط هو تخوفه من معارضة باقي الضباط في هيئة الأركان العامة بسبب سلم أولويات مختلف. ولذلك، فضّل قائد سلاح الجو إجراء محادثات حول التسلح، على سبيل المثال، مع المستوى السياسي (الحكومة الإسرائيلية) من أجل الامتناع عن إجراءات بيروقراطية.
وهكذا حصل أيضا في سلاح البحرية الإسرائيلي في قضية الغواصات، التي تخضع حاليا لتحقيق جنائي واسع تجريه الشرطة الإسرائيلية. والادعاء في هذه الحالة هو أن سلاح البحرية اختار إدارة الموضوع مقابل الجهات السياسية وليس من خلال هيئة الأركان العامة، تحسبا من تقديرات قد تتعالى في الهيئة بأن الصفقة هي استغلال خاطئ للموارد.
وقال اللواء في الاحتياط غرشون هكوهين إنه يوجد مستويان في هيئة الأركان العامة، مستوى مكشوف وآخر خفي. وأشار إلى أنه إلى جانب هيئة الأركان العامة تجري خطوات خفية يتم من خلالها اتخاذ القرارات الهامة فعلا.
وأضاف عدد من الضباط الذين جرت مقابلته، أنه في اجتماعات هيئة الأركان العامة “لا يوجد شعور بأننا مجموعة. يوجد هناك روابط بسبب الرتب والمنصب“.
وشدد معظم الضباط الذين جرت مقابلتهم على أن أداء هيئة الأركان العامة ليس “ممأسسا وممنهجا”، وأنه يفتقر لمتابعة مثابرة لانعكاسات الواقع في محيط إستراتيجي، وتشكيلته تتقرر بموجب الحاجة والمواضيع المطروحة. ووصف أحد هؤلاء الضباط هيئة الأركان العامة بأنها “مجتمع متخيل”، وأشار إلى أنها تخلو من بنية فكرية دائمة. وتوصلت الدراسة إلى الاستنتاج أن غياب هيئة تفكير دائمة للضباط برتبة لواء في السنوات الأخيرة يدل على التعقيدات والحساسيات السياسية السائدة بصورة دائمة في هيئة الأركان العامة. وقال رئيس سابق لأركان الجيش الإسرائيلي، وشارك في الدراسة، إن “القاسم المشترك الوحيد في هيئة الأركان العامة هو الرتب على الأكتاف والشعور بالرفعة والمكان المرموقة