تأييدا لنداء ضياء
غالب قنديل
أطلقت الزميلة الإعلامية السيدة ضياء شمس من تويتر صرخة عبر تغريدتها التي تستحق تحويلها إلى قضية رأي عام ومادة لتحرك سياسي نقابي وشعبي يضع حدا لفلتان الأسواق وللتلاعب بنوعية المدخلات الصناعية والزراعية التي يشتبه بدورها في التسبب بإصابات السرطان المتفشية.
الزميلة ضياء تناضل ضد سرطان الدم الذي اكتشفت إصابتها به منذ أشهر وغردت أمس قائلة : “كل من ساهم بشكل مباشر او غير مباشر بإعادة إدخال المواد والمبيدات المسببة بالسرطان، من وزير الزراعة الى اصغر موظف، يجب إخضاعهم لعلاج كيميائي وتحديدا اللوكيميا، ليعرف ما هو السرطان وما هو العلاج الكيميائي”.
طبعا المطلوب فعليا هو تحقيق قضائي لكشف هؤلاء الذين يحملون مسؤولية إدخال المواد المسرطنة وتدابير صارمة إدارية وتنفيذية تحمي البلد من مثل هذه المخاطر وتنطلق من آليات مراقبة مخبرية دقيقة لجميع المستوردات الغذائية والزراعية ذات الصلة بعيدا عن العراضات السخيفة المكرسة لاحتواء النقمة او ربما لتغطية صفقات جديدة وشك اللبنانيين بسياسييهم من حسن الفطن.
غير بعيد عن لبنان تقع سورية التي تشهد حربا مدمرة منذ سبع سنوات ظلت خلالها تتمتع برقابة صحية وغذائية صارمة على كل شاردة وواردة بفضل آليات عمل الدولة وإداراتها التي لم تتوقف عن أي من مهامها الصحية التي تضاعفت في زمن الحرب وظلت تتكفل بسلامة الغذاء والدواء وبضبط الأسعار رغم ما تعانيه من نقص الموارد وظروف الحرب ومن تدمير للعديد من منشآتها وتجهيزات مؤسساتها.
خلال سبع سنوات وكما استمرت صيانة الطرق واستمر زرع فواصلها بالأزهار وكما استمر القطاع التعليمي بجميع مراحله استمرت رقابة الغذاء والدواء والأسعار وهي تعمل بفاعلية ونشاط بفعل اعتبارها من اولويات عمل الدولة الوطنية ومؤسساتها التي سجلت زمنا قياسيا في إعادة تشغيل شبكات الكهرباء والمياه والهاتف.
بالكاد سجلت في سورية خلال السنوات السبع ثغرات صحية او غذائية جرى التهاون معها بل العكس صحيح تماما ويشعر أبناء سورية وزوارها بثقة عالية بالأنظمة الرقابية الصارمة المفروضة في الأسواق والمطاعم والمؤسسات التجارية والسياحية رغم ظروف الحرب وما فيها من أعباء وأحداث واختلالات والعامل الرئيسي هو سهر الدولة من أعلى المستويات على اولوية ما يتعلق بحياة الناس.
ما تقدم يشير إلى ان ما يتطلع إليه اللبناني العادي مقارنة بهذا النموذج السوري ليس معجزة بل يجب أن يكون ممكن التحقيق والأمر عمليا يرتبط بتوافر الإرادة السياسية للحد من المخاطر ولكف الأذى بعدما بلغت سياسة اليد المرفوعة اوجها في ظل فلتان الأسواق وغياب الرقابة الجدية على كل ما يتعلق بمواد الاستهلاك اليومي والأدوية والأدوية الزراعية وهي مدخلات تحوم شبهات عن دورها في نقل امراض أوعناصر مرجحة للإصابة بالأمراض واخطرها المواد المسرطنة التي يقال عنها الكثير وما من أحد يفعل شيئا.
التجار يميلون بداهة إلى كل ما يبيح الأسواق امامهم لتحقيق هوامش ربح مرتفعة وهذا امر غير مقيد فعليا في لبنان خلافا لحال معظم الدول الأخرى في العالم ومن جميع النماذج والنظم الاقتصادية والسياسية فالتوحش التجاري اللبناني هو حالة متطرفة لا مثيل لها على صعيد غياب مراقبة الجودة او تدقيق الأسعار وضبطها عند حدود الربح المشروع ومنع الاحتكار بل إن الاحتكارات في تجارة معظم سلع الاستهلاك وحتى في مجال الأدوية والعلاجات الطبية هي مصانة ومقدسة تعلو فوق القانون.
النظام الرأسمالي المتوحش القائم عندنا لم يعد معتمدا في أي بلد في العالم وفي عقر دار الرأسمالية النيوليبرالية الولايات المتحدة تحظى مؤسسات الرقابة المعنية بسلامة الغذاء والدواء بحصانات وصلاحيات كبيرة وقوية.
ليس المطلوب معجزة بل قرار سياسي يضع صحة المواطنين قبل أرباح كبار المستوردين وما أكثر سماسرتهم ووسطاءهم داخل النادي السياسي وخارجه.