الدور الأميركي في سورية
غالب قنديل
تقترب الفصول الأشد من معركة سورية دفاعا عن استقلالها في المراحل الأخيرة من الحملة الوطنية للقضاء على معاقل الإرهاب ووفقا لتوقعات الرئيس بشار الأسد يقترب موعد المواجهة السافرة مع الوجود الأميركي والتركي اللذين تتمسك سورية بإنهائهما تجسيدا لاستقلال سورية التام وسيادتها الوطنية التي لا يقبل السوريون أي مساومة عليها ودفعوا غاليا في تاريخهم للذود عنها بأروحهم ودمائهم.
في آخر تصريح رسمي حول التواجد الأميركي أعلنت قيادة الأركان الأميركية عن وجود ألفي عسكري من وحداتها الخاصة في سورية وقالت إنهم يمثلون عصبا مقاتلا في قوة من أربعين ألف مسلح من الأكراد والعرب تحت يافطة قوات سورية الديمقراطية في وقت ذكرت معلومات من مصادر متعددة أن جيوبا أميركية متناثرة تتواجد قرب الحدود الأردنية وتضم مدربين من القوات الخاصة مع مسلحين محليين تسعى الولايات المتحدة لتنشيطهم في القتال ضد الجيش العربي السوري وتردد في هذا السياق كلام أميركي عن إنشاء قوة أخرى في مفرخة الميليشيات العميلة ستدعى جيش سورية الجديد وهي تكرار لمحاولات عاثرة جرت سابقا.
يتضح في الوقائع أن الولايات المتحدة تعلن تمسكها بالبقاء في سورية لأن لديها اهدافها الخاصة التي تستهدف استقلال سورية وسيادتها الوطنية وثرواتها وهي لم تخف تصميمها على ممارسة ضغوط ضد الدولة الوطنية السورية والرئيس بشار الأسد وموضوع هذه الضغوط يتمحور على مستقبل سورية السياسي والاقتصادي فالولايات المتحدة تسعى للتأثير في التوازنات السورية المقبلة بوصفها وكيلا للكيان الصهيوني الذي ترعبه فكرة قيامة سورية القوية التي تمثل عصب محور المقاومة في المنطقة.
يدور في الولايات المتحدة جدال محتدم داخل كواليس التخطيط واقتراح السياسات عن الجدوى والكلفة من التمسك بالبقاء في سورية في وقت تتصاعد نبرة التصميم السوري على طرد كل وجود عسكري أجنبي ينتهك السيادة السورية وفي المقدمة الوجود العسكري الأميركي الذي اعتبرته القيادة السورية احتلالا وانتهاكا للسيادة السورية منذ اللحظة الأولى للإعلان عن عمليات تحالف أوباما في الأجواء السورية ضد داعش ومن الواضح ان هذا التحالف لم يكن له فضل يذكر في تقهقر داعش التي أجهز عليها الجيش العربي السوري وحلفاؤه من القوات الروسية والإيرانية ومن المقاومة اللبنانية والعراقية ولا قيمة واقعية لتفاخر ترامب او لخطاب ماكرون الأبله عن هزيمة داعش فهما يتفاخران بإنجاز لا فضل لهما فيه وهو يحمل توقيع الرئيس بشار الأسد وحلفائه الكبار.
الموقف السوري الصلب والعنيد من الوجود الأميركي أو التركي لم يتبدل بل هو يتصاعد مع انهيار معاقل داعش تحت ضربات الجيش العربي السوري ومع افتضاح كذب المزاعم الأميركية بينما تتولى التأثير على تركيا لزحزحتها كل من روسيا وإيران بعدما وضعتا اسطنبول في اختبار أستانة لجهة التزامها بتفكيك عصابات النصرة التي ساهمت في إنشائها ودعمها والتي يتقدم الجيش العربي السوري للقضاء عليها في معاقلها وخصوصا في محافظة إدلب.
تهاوت الأكاذيب الأميركية عن محاربة الإرهاب من خلال الوقائع الصارخة التي كشفتها وسائل إعلام سورية وعربية وأجنبية عن إيواء القوات الأميركية والوحدات التابعة لها لجماعات داعش المندحرة في الميدان بعد تدخلات عسكرية سافرة وفاشلة قام بها الأميركيون لعرقلة تقدم الجيش العربي السوري في المعاقل الداعشية وكشفت تقارير إعلامية اجنبية وعربية عمليات انتشال قادة وكوادر ومقاتلين من داعش في العراق وسورية قامت بها طوافات القوات الأميركية الخاصة خلال المعارك في الموصل ودير الزور وثمة لدى القيادة السورية معطيات صلبة عن توجيه أميركي بنقل وحدات داعشية إلى تركيا والأردن كمحطتين انتقاليتين قبل الذهاب بالإيعاز الأميركي إلى مناطق في آسيا وأفريقيا تم اختيارها ميادين جديدة لتفعيل الإرهاب التكفيري حسب التخطيط الأميركي.
المواجهة القادمة في سورية دبلوماسيا وسياسيا وميدانيا ستكون معركة دفاع عن الاستقلال الوطني الناجز الذي لم يفرط به السوريون او يساوموا عليه على مدار تاريخهم الحديث والقديم وسيكون إلى جانبهم حلفاؤهم الصادقون وجميع المقدمات ترجح صواب توقعات روبرت فورد عن تكرار مشهد الهروب الأميركي من لبنان عام 1983 وهذه المرة ستكون للنكهة السورية ميزتها كالعادة.