فشل «جنيف 8»… مَنْ المسؤول؟: حميدي العبدالله
قبل انعقاد جولات «جنيف 8» كان واضحاً أنّ هذه الجولة ستكون من أكثر الجولات فشلاً، على الرغم من أنّ جميع جولات جنيف كانت جولات فاشلة ولم يتعدّ ما صدر عنها، استخدام المؤتمر كمنبر إعلامي لعرض كلّ طرف لوجهة نظره
.
لكن من المعروف أنّ جميع لقاءات جنيف السبعة التي سبقت اللقاء الأخير جاءت في ظلّ تفاهمات قلقة بين الولايات المتحدة وروسيا حول ما يجري في سورية، ومحاولة لاحتواء تصعيد ميداني كان بالنسبة لواشنطن يمثل تهديداً لسيطرة الجماعات المرتبطة بها، وكان بالنسبة لموسكو فرصة لاختبار جدية الولايات المتحدة في السير في طريق البحث عن حلّ سياسي للأزمة القائمة في سورية.
«جنيف 8» بجولتيه عقد في ظلّ استمرار التباعد في المواقف بين الولايات المتحدة وروسيا حول سورية، وحول سلسلة من القضايا الإقليمية والدولية، ولا سيما على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين في ضوء ما تقوله الولايات المتحدة عن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة.
يمكن القول إنّ العامل أو السبب الرئيسي لفشل «جنيف 8» فشلاً مدوياً يكمن في هذه المسألة بالذات، أيّ مستوى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، من دون استبعاد عوامل أخرى مثل حاجة الولايات المتحدة إلى ورقة سياسية إضافية بعد سيطرة الدولة السورية على أكثر من 90 من المناطق المأهولة، وما يترتب على ذلك من تبدّل جذري وحادّ في الوضع الميداني في غير مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها، وفي ضوء فائض القوة الذي بات يتمتع به معسكر المقاومة في سورية الذي يقلق الكيان الصهيوني ويدفعه للضغط أكثر على الولايات المتحدة لدفعها لوضع شروط تضع المصلحة الإسرائيلية في مقدّمة الاهتمام بأيّ حلّ سياسي نهائي للأزمة يسدل الستار على الحرب الإرهابية التي شنّت على سورية طيلة السنوات السبع الماضية.
بهذا المعنى، يصبح مفهوماً لماذا كان التصعيد من قبل معارضة الرياض، وتشديدها على رفع شعارات عفى عليها الزمن ولم تعد تسندها أيّ واقعية سياسية، كما بات مفهوماً لماذا دفعت واشنطن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الذي يعمل تحت إشراف جيفري فيلتمان، للإدلاء بتصريحات تحمّل الدولة السورية المسؤولية عما آل إليه «جنيف 8» من فشل ذريع…!