الهدف التالي للأميركيين الحشد الشعبي: حميدي العبدالله
لا شكّ أنّ استهداف الولايات المتحدة للحشد الشعبي في العراق بات يمثل أولوية بالنسبة للسياسة الأميركية في بلاد الرافدين. تسعى واشنطن بكلّ قوة أن لا يتكرّس الدور القتالي الذي لعبه الحشد الشعبي في قتال تنظيم داعش الإرهابي في سياق سياسي، لأنّ من شأن ذلك أن يعزّز مسار العراق السيادي والاستقلالي، ويحبط تطلعات الولايات المتحدة في إعادة فرض وصايتها على العراق على غرار ما كان عليه الحال قبل سحب قواتها في عام 2011 وعودة هذه القوات بذريعة مساعدة الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب .
واضح أنّ الإدارة الأميركية، وبعد فشل الحلقة الأساسية في مخططها عبر فصل شمال العراق وإقامة كيان خاضع لسيطرتها، تستخدم الآن مسارات وأوراق متعدّدة لضرب الحشد الشعبي، والحؤول دون لعب الفصائل المنتمية إليه أيّ دور سياسي هام في المرحلة المقبلة.
تعتمد الإدارة الأميركية وحلفاؤها والمتضرّرون من صمود «الحشد الشعبي» مسارات متعدّدة للوصول إلى هذه الغاية، من أبرز هذه المسارات العمل على منع قادة الحشد الشعبي، وهم بالأساس قادة حركات وأحزاب سياسية، من خوض الانتخابات النيابية المقبلة، لأنّ مشاركة قادة الحشد الشعبي في الانتخابات ستعني بالضرورة فوزهم المرجح على منافسيهم، لأنهم أثبتوا جدارتهم في الدفاع عن العراقيين في مواجهة الإرهاب، وجلّ ما تخشاه واشنطن أن يشكل قادة الحشد الشعبي كتلة نيابية وازنة في البرلمان الجديد سيكون لها دور مقرّر في تشكيل الحكومة العراقية المنبثقة عن الانتخابات التشريعية.
ليس هذا هو المسار الوحيد لاستهداف الحشد الشعبي، الذي التقى فيه الأميركيون مع المتضرّرين من العراقيين من صعود الحشد الشعبي، مثل رجل الدين مقتدى الصدر، بل إنّ الولايات المتحدة تسعى جاهدةً لنعت الحشد الشعبي بالإرهاب، علماً أنه لولا الحشد الشعبي لما تمكّنت القوات العراقية من القضاء على داعش، وفي هذا السياق يأتي تصنيف نائب قائد قوات الحشد الشعبي على لائحة الإرهاب الأميركية، إضافةً إلى إدراج منظمات عراقية أخرى كان لها دور بارز في قتال داعش مثل «حركة النجباء». ولا شك أنّ الولايات المتحدة إذا فشلت في تحقيق هدفها عبر هذين المسارين، سوف تسعى إلى احتواء وتدجين الحشد الشعبي من خلال ضرب نزعته الاستقلالية والسيادية عبر دمجه بأجهزة عسكرية حكومة عراقية لازال للولايات المتحدة تأثير عليها.