كيف تنقل السفارة من دون أن يتغيّر مكانها؟: يارون لندن
سيكلف الاعتراف الأمريكي الرسمي بالقدس كعاصمة إسرائيل حياة يهود، عرب وربما أيضا أمريكيين وآخرين. أما المنفعة الحقيقية من التصريح فلم تعلل، ولكن لها قيمة رمزية ـ ومن أجل الرموز يذبح الناس. تفكير من خارج العلبة يطرح طريقا لتوفير الدم، من دون التخلي عن تثبيت الرمز .
الفكرة هي دحر حدود القدس حتى شاطئ تل أبيب، وهكذا تنتقل قلعة السفارة الأمريكية التي في شارع هيركون إلى غرب العاصمة من دون أن تتحرك من مكانها. وبغياب تغيير حقيقي في الوضع الراهن، ستبرد روح المسلمين وفي الوقت ذاته تنفذ أمنية اليهود في إنزال السفارة في العاصمة.
إن توسيع القدس حتى أطراف الغرب، لن يكون خطوة سابقة، إذ أن الحدود البلدية مطاطة، تتسع وتضيق وفقًا لاحتياجات السكان ونزوات السياسيين. هكذا مثلا ولدت تل أبيب من أضلاع يافا العربية. وتطورت، واشترى سكانها أراضي القرى العربية التي في محيطها، وطرد العرب المتبقون في حرب التحرير، وبعدها ضمت إليها يافا. أما الآن فتخطط المدينة العبرية الأولى لأن تبلع أيضا بات يام، وهي الخطوة التي تقرب اليوم الذي تكون فيه مدن غوش دان ميتروبولين واحد.
القدس هي مثال أكثر وضوحا، فاتساعها كان مفاجئا، والآن يتطلعون إلى تقليصها. قرار متهور وغبي من حكومة إسرائيل بعد حرب الأيام الستة خلق مساحة ضمت عددا أصغر من العرب قدر الإمكان وفيها المطار الذي تنبت الأعشاب على مساره اليوم. غير أن العرب تكاثروا بوتيرة أسرع مما كان متوقعا، وبات معدل اليهود الآن في أوساط سكانها (60 من مئة تقريبا) أقل مما كان قبل الحرب العالمية الأولى.
في ضوء الفزع الديمغرافي تم توسيع المدينة إلى الغرب لإسكانها بمزيد من اليهود، غير أن هذا لم يكن كافيًا وبعد بضع سنوات سيتساوى عدد هؤلاء مع أولئك. لشدة المفاجأة، ليس كل العرب سلموا بمكانتهم كسكان منبوذين في عاصمة إسرائيل، ولهذا فقد قطعت المدينة بوساطة سور فصل تسود خلفه الفوضى المطلقة. والآن يسعى قادتها للتخلص من الأحياء الشمالية التي خلف السور وإقامة سلطة بلدية منفصلة كل سكانها العرب زائدون وربط معاليه أدوميم بالعاصمة.
يقدر الأمريكيون أن بناء السفارة سيستغرق أربع سنوات، ولكن من سمع عن مبنى في إسرائيل اكتمل في الزمن المذكور؟ مهما يكن من أمر، فحسب توقع المكتب الحكومي للإحصاء سيضاف إلى إسرائيل في فترة البناء مليون مواطن على الأقل. ومعظمهم سيرغبون في السكن في مركز البلاد وسرعان من ستمتلئ المساحة التي بين القدس وموديعين وبين موديعين وأطراف تل أبيب. ينبغي تشجيع هذا الميل من أجل خلق قاطع مديني يكون كله القدس، تماما مثلما هي القدس أيضا قلنديا وجيلو، جبل المكبر وبيت صفافا. وأنا واثق أنه لن تمر غير بضعة أشهر من يوم إعلان إقامة القدس الكبرى إلى أن يلف غلاف من القدسية كل المدينة الموسعة هذه مثلما يلف القدس في حدودها الراهنة. «بلاد صهيون والقدس» ستكون «بلاد صهيون التي هي القدس».
فحصت ووجدت أن المسافة بين معاليه أدوميم وميناء تل أبيب لا تزيد على المسافة التي بين شمال نيويورك (ماونت فيرنون) ونادي غولف ترامب في الطرف الجنوبي من ستيتن آيلند. ترامب تاجر عقارات داهية، كفيل أن ينزل إلى نهاية رأيي.
يديعوت