ما العمل مع أردوغان؟: سمدار بيري
كما يبدو هذا، وكما عرفنا مسبقا، كانت تكفي سنة لطيب اردوغان، رئيس تركيا، منذ استئناف العلاقات مع إسرائيل، حتى قبل أن يلقي ترامب خطاب القدس، قفز السلطان من أنقرة مع التهديد لقطع العلاقات. ليس مع واشنطن بل مع إسرائيل. وبوده أن يقول إن في نظره نتنياهو وترامب هما صفقة رزمة: يكفي أن يتلفظ الأول كي يصرح الثاني. فبالنسبة لأردوغان من الأسهل عليه أن يتنازع مع نتنياهو. ولكن حتى تُجاه ترامب فإن لديه بطن ملآن. وضرب إسرائيل أمس بعبارة «دولة إرهابـ»، أما بالنسبة لترامب فقد أقسم على أن يقاتل «بكل وسيلة قتالية» ضد تصريح القدس .
هذا المساء سيأتي إليه الرئيس الروسي بوتين. بأعين تركيا، هذه زيارة مهمة بلا قياس. وفي الأيام الأخيرة فقط رفعت روسيا العقاب الاقتصادي الأخير، وبات مسموحًا ـ بعد سنتين من الحظر ـ بيع البندورة التركية في روسيا. كما بات مسموحا تشغيل آلاف العمال الأتراك في المصانع ومواقع البناء. أردوغان لم يعتذر، ولكن بوتين قرر المغفرة له من دون أن ينسى حادثة إسقاط الأتراك الطائرة القتالية الروسية في سماء سوريا.
على رأس جدول أعمال المحادثات يبرز من الطرف التركي، موضوع القدس. بوتين سيـأتي من اللقاء مع السيسي في القاهرة، ومن هناك أيضا من المتوقع أن تصدر تصريحات في موضوع القدس. مصر هي محطة مريحة، السيسي مرتب حيال موسكو، والعلاقات سليمة. أما في تركيا فالقصة أكثر تعقيدا: لبوتين مهم ومجدٍ الإبقاء على الأسد، بينما أردوغان يريد أن يرى حكما جديدا في دمشق.
جدول أردوغان مليء: بعد زيارة غير ناجحة في اليونان، يستعد لعقد قمة مجلس الدول الإسلامية يوم الأربعاء من هذا الأسبوع. ليس واضحا من سيصل إليه، وكيف سيتجاوزون النزاعات في داخل المعسكر المنقسم. في هذه الأثناء فإن في وسائل الإعلام في اسطنبول وأنقرة يبرزون مظاهر الغضب التي تنطلق من الأردن: الملِكَة رانية غرّدت على التويتر، الملك عبدالله لا يحاول تهدئة المتظاهرين، في البرلمان يدعون إلى إلغاء اتفاق السلام. في ظل عدم وجود سفارة إسرائيلية، أُعفينا من الجلبة: فليس هناك من يطرد من عمّان.
حين استؤنفت العلاقات بين أنقرة والقدس، كان هناك مَن حرص عندنا على تسجيل ملحوظة تحذير بأن الحدث لن يصمد.
وفي الغرف المغلقة حرصوا على تحذير من أن أردوغان هو محب على نحو مرض للهزات تجاه إسرائيل، لن يتراجع في موضوع حماس ويبحث منذ الآن عن الأزمة التالية. وها هي جاءت.
من كل ردود الفعل التي تلقتها إسرائيل في أعقاب إعلان ترامب، كان رد فعل تركيا هو الأكثر فظاظة وحدة. القدس تعتبر لدى أردوغان حقًا، كمسلم مؤمن ـ متدين، كمكان مقدس، ولغزّة هو مستعد أن يكرس مقدرات بلا قيود، والدخول في حروب حتى مع مصر. ولكن من الصعب أن نصدق أن أردوغان يعتزم قطع العلاقات مع إسرائيل. من الصعب أن نرى السفير التركي يخرج من هنا ويبعث بالدبلوماسيين الإسرائيليين إلى الديار. فقد سبق أن نفس، والرسالة استوعبت والشعب التركي مطيع اليوم أكثر من أي وقت مضى. ومن الجانب الإسرائيلي أيضا لا يدور الحديث عن قصة غرام. قدر كبير من المصالح متداخلة في لعبة العلاقات الملتوية، شبه العلنية، مع تركيا. وعندما يحرص أردوغان على إعلان أن القدس هي خط أحمر، تحرص القدس على أن تتحدث أمامه بعدم اكتراث. وأمس بدا مختلفا حين تحدث عن تجنيد الأصوات (فرنسا، لبنان، كازخستان وأذربيجان)، بالضغط على ترامب حتى يتراجع. وعندها سجل هدفا ذاتيا عليه، برأيه، حين أعلن أنه «إذا ضعفت تركيا، فإن فلسطين، القدس، سوريا والعراق سيفقدون الأمل». دفعة واحدة سنبقى مع الشتائم. ومن المتوقع لإسرائيل لحظة انتقام حلوة حين يتبين مَن مِن الحكام تكبد عناء الوصول إلى قمة أردوغان ومن سيكتفي بإرسال مندوب على هذا المستوى أو ذاك لن يترك انطباعا على السلطان.
يديعوت