اليمن إلى أين؟: حميدي العبدالله
لا شك أنّ دحر جماعة علي عبدالله صالح يُدخل الأزمة والحرب الدائرة في اليمن في مسارات جديدة. وقبل تحديد هذه المسارات لا بدّ أوّلاً من استكشاف آفاق الصراع الذي دار بين «حركة أنصار الله» وبين «حزب المؤتمر» والنتائج المترتبة على هذا الصراع .
واضح حتى الآن أنّ زمام المبادرة عسكرياً في صنعاء ومحافظات أخرى هو بيد «حركة أنصار الله»، بعد القضاء على تمرّد جماعة علي عبدالله صالح ومقتل زعيم هذه الجماعة.
إنّ سيطرة حركة أنصار الله على الموقف العسكري في صنعاء ومناطق أخرى، يعني تماسك الجبهة الداخلية، وخلق ظروف تساعد على تعبئة كلّ القدرات اليمنية لخوض المواجهة مع قوات التحالف الذي تقوده السعودية، ومن شأن ذلك أن ينعكس إيجاباً بكلّ تأكيد على سير المعارك على الجبهات في مصلحة حركة أنصار الله، وربما يحقق أنصار الجيش واللجان الشعبية بقيادة حركة أنصار الله تقدّماً على الجبهات، أو على الأقلّ يصبح الأمل بربح الحرب من قبل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، أملاً ضعيفاً، وقد يقود ذلك إلى تسريع مسار التسوية السياسية، لا سيما أنّ التقارير تتحدّث عن استعدادات لبدء «حركة أنصار الله» والجيش اليمني شنّ هجومٍ على جبهات عديدة، بعدما انتفت الحاجة لتجميد المزيد من القوات للوقوف في وجه قوات صالح التي كانت تتحيّن الفرصة للسيطرة على العاصمة صنعاء.
وإذا ما سارت التطورات الميدانية، وفق ما هو متوقع، فالأرجح أن تسارع الولايات المتحدة، المحرك الفعلي للحرب على اليمن، لإقناع السعودية بضرورة قبول تهدئة الأوضاع والعودة إلى مسار المفاوضات لتحاشي ما هو أسوأ على الصعيد العسكري.
ولكن ذلك لا يعني تسويةً تكرّس توازن القوى القائم الآن ميدانياً، وقد أوضحت واشنطن أنها تريد تسوية سياسية للأزمة في اليمن، تسوية تؤدّي إلى ما أسمته اجتثاث أنصار إيران، وهذا يعني اجتثاث حركة أنصار الله التي تسيطر على غالبية اليمن الشمالي.
بديهي أنّ مثل هذه التسوية مستحيلة، ويبدو أنّ واشنطن لا تريد من جهة استمرار التصعيد العسكري خوفاً من نتائجه، وفي الوقت ذاته لا تريد تسوية سياسية تكرّس توازن القوى الميداني القائم الآن، وهذا يعني أنّ جلّ ما سيحصل في المستقبل هو البحث عن هدنة طويلة الأمد.