ووترغيت ترامب: حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ النخبة الحاكمة الأميركية، بجناحيها الجمهوري والديمقراطي، لم تكن راضية عن وصول ترامب إلى البيت الأبيض، لأسباب عديدة أبرزها الشعارات التي رفعها أثناء حملته الانتخابية والتي من خلالها حصد التأييد لترشيحه داخل الحزب الجمهوري ولاحقاً من الناخبين الأميركيين. شعارات ترامب تتعارض مع السياسة الأميركية التقليدية السائدة منذ الحرب العالمية الثانية، ولا سيما على مستوى العولمة .
وبات واضحاً أيضاً أنّ تعاون هذه النخبة الحاكمة الذي يتخطى الانقسام الحزبي، وبالاعتماد على المؤسسة العسكرية، مكّنها من تغيير توازن القوى داخل إدارة ترامب على نحو لم يعد بمقدور الرئيس الأميركي الوفاء بأيّ وعد قطعه أثناء حملته الانتخابية، وبالتالي لا تزال السياسة الأميركية، الداخلية والخارجية، هي امتداد لما كانت عليه بعد الحرب العالمية الثانية.
لكن النخبة الحاكمة ما كان لها أن تصل إلى ما وصلت إليه لجهة تدجين إدارة ترامب، لولا الفضائح التي دُبّرت له، وأبرزها الدور المزعوم لروسيا في الانتخابات الأميركية، لدرجة أنّ أيّ لقاء بين أيّ شخص في حملة ترامب مع مسؤول روسي أو سفير روسي، باتت بمثابة جريمة وتهديد للأمن القومي الأميركي، ولعلّ الأبرز على هذا الصعيد مسألة مستشار الأمن القومي المستقيل أو المقال، مايكل فلين، الذي يخضع الآن لتحقيق لدى جهاز الأمن الفيدرالي بعد استجوابه أمام لجان الكونغرس، وثمة توقعات بأن تطال اعترافات فلين مقرّبين جداً من الرئيس ترامب، ومنهم زوج ابنته، جاريد كوشنر، الذي لا يزال يلعب دوراً في البيت الأبيض من خلال موقعه الاستشاري.
لكن هل توصل اعترافات فلين التحقيق إلى مرحلة تشبه مرحلة «ووترغيت» التي أطاحت بالرئيس نيكسون ولم تدعه يكمل ولايته، حيث تسلم نائبه جيرالد فورد صلاحياته؟
من السابق لأوانه الإجابة بإمكانية إطاحة الرئيس ترامب ومنعه من إكمال ولايته، ليس لأسباب تتعلق بقوة ترامب، بل بسبب ضعفه، جرت العادة أن يكون الرئيس الأميركي «بطة عرجاء» في ولايته الثانية وفي السنة الأخيرة من هذه الولاية، وليس في السنة الثانية من الولاية الأولى. لكن الرئيس ترامب أصبح منذ الآن «بطة عرجاء» وقد يكون في مصلحة النخبة الحاكمة أن يمضي الرئيس ولايته، وهو رئيس ضعيف يقبل الإملاءات من دون قدرة على المجادلة، في حين أنّ إطاحته وتسلّم نائبه قد يجعل الوضع أكثر تعقيداً.