خيارات الحريري: ناصر قنديل
– عندما يقول موشي يعالون وزير الحرب السابق في كيان الاحتلال إنّ ما قاله بيان وزراء الخارجية العرب هو نسخة باللغة العربية لما تقوله «إسرائيل» باللغة العبرية، على الرئيس سعد الحريري المستقيل العائد إلى لبنان أو عن استقالته، التفكير ملياً بالخيارات التي ينوي اللجوء إليها، قبل أن ينطق الكلمة الأولى في لقائه مع رئيس الجمهورية، لأنها سترسم مساراً جديداً له، أكثر مما سترسم مساراً جديداً للبلد، فقد أبرأ الجميع ذمّتهم تجاهه بمواقف التضامن بوجه ما تعرّض له من إهانة يرفض الاعتراف بها، على يد أصدقائه السعوديين، كما أبرأوا ذمّتهم تجاه الحرص على التوافق الذي أنتج التسوية التي جاءت به إلى رئاسة الحكومة بالتزامن مع انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية .
– من المفيد للحريري أن ينتبه إلى أنّ التسوية المتصلة بربط النزاع حول الخلافات تجاه الخيارات الإقليمية، لا يغيّر فيها اتهام تافه كالذي يوجّه لحزب الله بقصف الرياض. أما الحديث عن وصف حزب الله بالإرهاب فكلام آخر، لا ينطق به غير «الإسرائيليين» ويستنطقون به الأميركيين، وتورّط لبناني بقوله يجعل بقاءه رئيساً للحكومة مستحيلاً، كما يجعل تسميته مجدّداً لرئاسة الحكومة إذا استقال مستحيلاً أيضاً، ومن المفيد أن يعلم الحريري وأن يُخبره الذين عاشوا مرحلة ما بين الاجتياح «الإسرائيلي» واتفاق الطائف، أنّ السعودية كانت مع نظام أمين الجميّل تضع ثقلها لإسقاط المقاومة، وأنّ متفجرة بئر العبد التي وضعها بندر بن سلطان باعترافات وليم كايسي مدير «سي أي آي» عام 1983، كانت استهدافاً لخيار المقاومة بـ»الإرهاب»، وأنه يكفي المقاومة وحزب الله في مقدّمة أحزابها، ما قالته الفصائل الفلسطينية بالإجماع عن توافقها، رغم خلافاتها الكثيرة، لأيّ محاولة لتوصيف طليعة المقاومة العربية لـ»إسرائيل» بالإرهاب.
– يستطيع الحريري أن يطلب نصوصاً أكثر تفصيلاً للتسوية، تتضمّن عدم وقوف لبنان كدولة في أيّ محور إقليمي، لكن عليه إدراك أنّ كلّ نصّ عن إيران يقابله نصّ عن السعودية بالتلميح أو بالتصريح، فلبنان لن يكون شريكاً في أيّ مواجهة إيرانية سعودية كلام مقبول، وهو من ضمن التسوية أما أن يكون شريكاً للسعودية بوجه إيران فتلك خطيئة لن يرتكبها لبنان كرمى لعيون ضمان عودة الحريري لرئاسة الحكومة. ويستطيع الحريري أن يعتبر انسحاب حزب الله قريباً من العراق كافياً إذا أراد البحث عن الوفاق الوطني، طالما أن لا وجود لحزب الله في اليمن والبحرين والكويت، وطالما أنّ الوجود في سورية خاضع لمعادلات معقدة تتصل بحاجات الحرب على الإرهاب وهي لم تنته وتهدّد أمن لبنان، وبعدم منح «إسرائيل» أرباحاً مجانية تحقق مطالبها، وكذلك بموقف الشرعية السورية، وحتى عندما لا يجد حزب الله سبباً للبقاء في سورية فلن يكون مقبولاً أن يفعل ذلك في سياق بازار سعودي «إسرائيلي» واضح فيه البيع والشراء.
– على الرئيس الحريري أن يختار بين أن يلعب دوراً تسووياً لامتصاص الاحتقان السعودي المفتعل، وعندها سيجد التعاون في إيجاد المخارج التي لا تمنح «إسرائيل» مكاسب، أو أن يكون الوصي على تطبيق سياسة سعودية مرسومة لإرضاء «إسرائيل» في لبنان، من ضمن جدول الالتزامات المتبادلة بين أطراف الحلف الجديد، وعلى خياره سيتقرّر كيفية التعامل معه، فليس ثمة مسؤول لا بديل عنه، بل ثمة كرامة وطنية وشخصية يجب أن تبقى معادلتها، لا بديل عنها.