غزة… الجهاد الإسلامي يشحذ السيوف: ايال زيسر
تفجير الجيش الإسرائيلي لنفق الإرهاب للجهاد الإسلامي قبل نحو أسبوعين في داخل الأراضي الإسرائيلية خرق للحظة عابرة الهدوء المتوتر السائد على طول الحدود. وفي إسرائيل أملوا مع ذلك أنه بعد التفجير، الذي استهدف إحباط عملية إرهابية مستقبلية للجهاد ـ في أن يعود الهدوء إلى الجنوب .
على أية حال، كانت الضربة التي تلقاها الجهاد قاسية مؤلمة. فقد قتل مسؤولون كبار له في الانفجار وفي محاولات الانقاذ الفاشلة بعده، وجثث بعض من مقاتليه بقيت مدفونة بين الأنقاض. فضلا عن ذلك، فإن تفجير النفق أفاد بأن إسرائيل تمكنت من إيجاد جواب عملياتي يسمح لها بتعطيل الأنفاق، سلاح يوم الدين لدى الجهاد، وبالمناسبة، لدى حماس أيضا، في حالة مواجهة مستقبلية في غزة.
في أعقاب تفجير النفق عاد الهدوء بالفعل ليسود، ولكن تبين على التو بأن هذا كان هدوءًا خادعا، إذ عادت أوساط الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة تحذر من أن في نية الجهاد الإسلامي الثأر من إسرائيل على الضربة التي تلقاها ومحاولة الرد بعملية إرهابية أو بإطلاق الصواريخ إلى أراضيها. ويختار مسؤولو الجهاد من جهتهم تجاهل التحذيرات من إسرائيل، ولا يخفون بأن في نيتهم بالفعل العمل ضدها.
في أساس التحذيرات الإسرائيلية تقبع رسالة واضحة للجهاد ولحماس أيضا. إسرائيل مصممة على الدفاع عن سيادتها ولن تسلم بعمليات إرهابية من أراضي القطاع. وفي الوقت ذاته تطلق إسرائيل إشارة بأن وجهتها ليست نحو موجة عنف متجددة، وأنها تسعى لمواصلة الحفاظ على الهدوء على طول الحدود.
المشكلة هي أن الجهاد الإسلامي ليس شريكا في الحوار أو في التفاهمات مع إسرائيل. ويدور الحديث عن تنظيم متطرف يلتف حول ذراعه العسكرية. وبخلاف حزب الله وحتى بخلاف حماس، ليس للجهاد ممتلكات، أي هيئات أو مؤسسات سياسية أو حتى اجتماعية واقتصادية الدفاع عنها هو اعتبار ينبغي له أن يأخذه في الحسبان. وعلى أية حال، ليس من خلفه سكان مدنيون يدعمهم ويتلقون منه الخدمات ومن شأنهم أن يشتكون منه في حالة جلب مصيبة لغزة. ففي مثل هذه الحالة سيتوجه سكان غزة، مثلما فعلوا في الماضي، إلى حماس التي هي الحاكم وصاحبة السيادة في القطاع.
تنزل قيادة الجهاد الإسلامي بأمان في دمشق، بعيدة منقطعة عن الميدان، يصعب عليها فرض إمرتها على نشطائها في القطاع. وفضلًا عن ذلك، أصبح الجهاد الإسلامي أكثر من أي تنظيم فلسطيني آخر، ذراعا تنفيذية إيرانية، يتلقى إملاءات وتوجيهات من طهران ويُخضع قراراته لمصالح إيران، بشكل حتى حماس لا تتصور أن تفعله. وكل هذا لا يبشر بالخير، إذ من الصعب أن نتوقع من مثل هذا التنظيم ضبط النفس أو إبداء الاعتدال أو حتى التفكير والتروي.
وبالتالي، فإن الكرة في يد حماس التي تبقى، برغم المصالحة الفلسطينية التي تتقدم بخطى السلحفاة، رب البيت الحقيقي في القطاع. يحتمل أن تكون حماس تأمل ألا ينفذ الجهاد الإسلامي تهديداته للعمل ضد إسرائيل، ويحتمل أن تكون حماس تعول على أن تبدي إسرائيل ضبط النفس وألا تؤدي إلى التصعيد حتى لو هاجمها الجهاد.
ينبغي الأمل في أعقاب الرسائل التي لا لبس فيها من إسرائيل في الأيام الأخيرة في أن يتوصل مسؤولو حماس في القطاع إلى الاستنتاج المناسب فيكبحوا الجهاد، مثلما فعلوا غير مرة في الماضي، قبل أن يجلب المصيبة على غزة. ولكن حتى لو امتنع الجهاد عن المهاجمة في الأيام القريبة، فإن الانفجار التالي هو مجرد مسألة وقت.
إسرائيل اليوم