ثلاثي إشاعة الفوضى والخراب
حميدي العبدالله
في سياق التعليقات على أسباب وظروف استقالة الحريري، ورغبة حكومة المملكة العربية السعودية ضرب الاستقرار في لبنان، علق الكاتب البريطاني المعرف «ديفيد هيرتس» قائلاً إن هناك ثلاثياً وراء التصعيد، سواء في لبنان أو على مستوى المنطقة, يضم هذا الثلاثي رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بمساعدة زوج ابنته كوشنير، ورئيس وزراء حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد المملكة العربية محمد بن سلمان الذي أطلق عليه هيرتس لقب «أمير الفوضى».
لا شك أن هناك قواسماً مشتركة بين الرجال الثلاثة، القاسم المشترك الأول تطرفهم في السياسة وعدم اعتماد البراجماتية في مقاربة القضايا المطروحة. القاسم المشترك الثاني، العداء الشديد لإيران ورفض الحوار معها والتوصل إلى حلول تلبي مصالح جميع الأطراف.
بهذا المعنى، يمكن القول إن هذا الثلاثي هو المسؤول عن التصعيد والتوتر وحلول العدائية محل الحوار وتدوير الزوايا.
لكن السؤال الأهم, بدءاً من لبنان مروراً بسورية والعراق وانتهاءً باليمن، هل ينجح هذا الثلاثي في فرض رؤيته على المنطقة, وبالتالي تصعيد الحرب الدائرة الآن في ساحات عديدة وضم لبنان إلى هذه الساحات؟
«ديفيد هيرتس» يقول إن البراجماتيين في الولايات المتحدة، وحددهم بوزارة الدفاع ووزارة الخارجية الأميركيتين ومن ورائهم الجناح الأكبر من النخبة الحاكمة الأميركية لا يوافقون على سلوك الرئيس الأميركي وزوج ابنته في توريط الولايات المتحدة بمزيد من الحروب، وبالتالي نشر الفوضى على نطاق أوسع مما هي عليه الآن. والمؤسسة العسكرية في الكيان الصهيوني، التي تخشى مخاطر أي حرب جديدة مع حزب الله وسورية وإيران أيضاً لجمت اندفاع نتنياهو ولم تترك لـه حرية الخيارات وأبقت أمامه فرصة التصعيد الكلامي فقط.
الأمر بالنسبة للسعودية مختلف, فالأمير محمد بن سلمان ليس هناك داخل السعودية من يردعه، لاسيما بعد أن أبعد كل الأمراء الذين قد يخالفونه الرأي، ولكن المملكة العربية السعودية لا تستطيع الإقدام على أي عمل متهور إذا لم يكن هناك دعم غير محدود من واشنطن وتل أبيب، وإذا أقدمت على عمل بناء على حسابات لها صلة برهانها على ترامب ونتنياهو سرعان ما ستتراجع عنه عندما لا يتمكن هذان الرجلان في دعم ما تريده السعودية، ولعل أزمة استقالة ثم احتجاز الرئيس سعد الحريري تلقي الضوء على الكثير من المسائل المرتبطة بهذا السلوك.