هل أضحى الأنقلاب العسكري وشيكاً؟ د.منذر سليمان
الولايات المتحدة والمملكة السعودية الرابعة
الأزمات والصراعات ترافق الرئيس الأميركي منذ بدء ولايته الرئاسية، وكان يتطلع بنظرة الواثق لفترة هدوء وأخذ قسط من الراحة بالابتعاد عنها خلال جولته الآسيوية الطويلة. ولم يخرج عن طوره في “عدم الاكتراث أو تحمل المسؤولية” في حادث القتل الجماعي في كنيسة بولاية تكساس. أما جمهور مناصريه فلم يشذ عن القاعدة المعهودة والمطالبة بعدم تقييد اقتناء وحمل السلاح.
في القضايا الدولية الملتهبة أظهر ترامب بعض التعديل في لهجته التصاعدية ولغة التهديد، فيما يخص كوريا الشمالية، وانتقل مركز الثقل الإعلامي الى صحبته في الجولة وترقب ما قد يصدر عنه من “مبادرات” لتبريد وعيد ولهيب ترامب.
بالمقابل، شد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرحال في زيارة رسمية لإيران، الأول من الشهر الجاري، رافقها تكهنات أميركية بـ “احتمال” عقد لقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي؛ بينما وسائل الإعلام الروسية أكدت مسبقاً، أن اللقاء تم الاعداد له بينهما لينضج لقاء قمة بين العظميين في فييتنام التي تستضيف “منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (إيبك)” 9 تشرين2 الجاري.
تكهنات المؤسسات الأميركية أن اللقاء سيتم نظراً لنضج جملة من الأمور التي تهم الطرفين، منها سوريا.
لدى كتابة هذه السطور صدر بيان مشترك عن لقاء بوتين وترامب يؤكد اتفاقا اوليا حول سوريا ويرجح تملص ترامب من عقدة التعامل الواقعي مع روسيا في الملفات الساخنة وحالة الحصار والإتهام المفروضة عليه من معسكر العداء لروسيا في واشنطن، كما يشكل مؤشر على بداية تيليرسون في تفعيل دور غائب للخارجية.
برزت مسألة المصير الغامض لرئيس الوزراء اللبناني بعد توجهه للرياض، بطلب منها، الى صدارة الاحداث والاهتمامات، واكبها اعتقال ولي العهد السعودي لمجموعة كبيرة من الأمراء والأثرياء ومالكي وسائل الإعلام بل وبعض رجالات الدين تحت واجهة “محاربة الفساد.” بيد أن التدقيق في آليات المعالجة الأميركية لما جرى تكشف عن جملة قضايا جوهرها العلاقة الوثيقة التي نسجها الرئيس ترامب بالعاهل السعودي ونجله، وما ترتب عليها من تعهدات باستمرار ضخ الأموال من السعودية باتجاه أميركا.
بداية، ينبغي التطرق لبعض ردود الأفعال الأميركية حول تصريحات وزير الدولة السعودي ثامر السبهان الخاصة بلبنان، في الآونة الأخيرة وتهديده بشن حرب عليه؛ نظراً لما يحتله لبنان من مكانة جيو-سياسية في القرار الأميركي.
أحد ضباط الاستخبارات الأميركية السابق، دون بيكون، أعرب عن قلقه من “التحولات الجيوسياسية” في المنطقة، والتي “تسير بعكس ما تشتهيه الرياض .. (تصريحات) السبهان تشي بأن أعمالاً سرية أنجزت ستستهدف حزب الله في لبنان.” (الأول من الشهر الجاري).
وأضاف أن أهمية ومركزية “ايران وحزب الله تضاعفت (اقليمياً) وأدت لخسارة إضافية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بدءاً بالعراق والآن سوريا ..” ومضى موضحاً أن “الحرب آتية إلى لبنان،” رأس حربتها سيكون “التنظيم الجديد للقاعدة بعد تهيئته كتنظيم معتدل.”
انقلاب القصر – لماذا؟
التوقف عند حيثيات ما جرى في وعلى رأس هرم السلطة الملكية في السعودية، في الأيام القليلة الماضية، ينطوي على سردية طويلة من التفاصيل. بيد أن ما يهمنا هو تسليط الضوء على الزوايا الأميركية في كيفية تعاطيها، بل تمهيدها لما جرى من اعتقالات ومصادرة ثروات ومقتل أحد الأمراء، منصور بن مقرن، باسقاط طائرته المروحية بصاروخ حربي من مقاتلة سعودية.
الصحافي الأميركي المخضرم في واشنطن بوست والمقرب من دوائر صنع القرار السياسي، ديفيد أغناطيوس، أرسى عناصر الرواية المتداولة بالقول إن الأمير محمد بن سلمان “يقوم بعمل قوي جدا ومحفوف بالمخاطر .. (هو) يفكك نظام حكم تقليدي، لكنه متواصل. لقد خرج الأمير الشاب بعيداً عن تقاليد الحكم السعودي …” (7 نوفمبر الجاري). واستطرد في تبرير دوافعه مؤكداً أن “الفساد في السعودية حقيقة واقعية .. يبدو أن إبن سلمان سيسعى لكسب شعبيته من خلال إستهداف كبار الأثرياء.”
الصحيفة الأكبر في اميركا نيويورك تايمز، ذات النفوذ البارز، اصطفت لجانب بن سلمان أيضاَ، 7 نوفمبر، لتبرير “حملة تطهير الفساد .. فالاختلاس والسرقات متفشية لن يوقفها إلا اجراء قريب من التغيير الثوري ..”
على الشاطيء الأطلسي المقابل، اعتبرت الصحيفة البريطانية ذي غارديان أن ما يجري في السعودية هو بمثابة “ثورة.” (7 نوفمبر).
وكالة بلومبيرغ للأنباء، 25 نيسان 2016، أشادت بالأمير محمد بن سلمان وقدرته على مواصلة “العمل المضني لستة عشر ساعة يوميا؛” والذي جاء بالتطابق مع وصف المعلق الشهير في صحيفة نيويورك تايمز، توماس فريدمان، قائلاً “أمضيت أمسية مع محمد بن سلمان في مكتبه، وقد أتعبني برشقات طاقته النارية المتقطعة.” (20 نوفمبر 2015).
باختصار، أنصار السعودية في وسائل الإعلام الأميركية، المقروءة والمرئية، اتخذوا قضية الفساد كمنبر للتدليل على “عصرية” الأمير الشاب ونزوعه للإصلاح وتجاوبه مع ما تمثله ظاهرة الفساد الملازمة للتخمة المالية كأكبر هاجس بين المواطنين.
الموقف الأميركي الرسمي تفادى الاشارة لإبن سلمان، سلباً أو ايجاباً، لحين مغيب يوم الخميس، 9 نوفمبر. الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية، هذر ناويرت، اكتفت بسردية لقاء القائم بالأعمال الأميركي في الرياض، كريس هينزل، بسعد الحريري رافضة توضيح مكان اللقاء وأحالت الاستفسارات التفصيلية الى “الحكومة السعودية ومكتب السيد الحريري.”
في العاشر من الشهر الجاري، أصدر وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون بياناً يشدد فيه على “تأييد أميركا لاستقلال لبنان وأنها تحترم رئيس حكومته سعد الحريري،” ويحذر من تحويل “لبنان إلى ساحة حرب بالوكالة،” مما اعتبر بأنه صيغة ديبلوماسية لمطالبة بن سلمان إنهاء الأزمة الناجمة عن احتجازه الحريري.
الرئيس دونالد ترامب أثنى على الإجراءات التي قام بها بن سلمان كمؤشر “يستهدف الفساد .. وباء استنزف موارد البلاد لسنوات.” كما حث ولي العهد السعودي الاعتماد على اسواق الأسهم الأميركية في نيويورك عند إطلاقه بيع أسهم شركة أرامكو العملاقة.
يشار الى أن إحدى ركائز خطة إبن سلمان التنموية، 2030، تستدعي بيع جزء من أصول شركة أرامكو واكتتابها في أسواق الأسهم العالمية لتوفير سيولة مالية عاجلة. الرئيس ترامب حرص على دعوة الأمير الشاب لطرح الإكتتاب في سوق بورصات نيويورك، بيد أن قانون “جاستا” المسلط على السعودية على خلفية المتضررين من هجمات 11 أيلول 2001 يحول دون المضي قدماً، مما حدا بالحكومة البريطانية تقديم “قرض قيمته 2 مليار دولار،” لتسهيل دخول أرامكو سوق الأسهم البريطانية (فاينانشال تايمز 9 نوفمبر الجاري).
المفاصل النافذة في القرار الأميركي تبنت تقييم جهاز المخابرات الألمانية، بي أن دي، للأمير الشاب باعتباره “مقامر متهور يحيط نفسه بفائض من القوة.” لكن هذا لم يحل دون التعامل المباشر معه نظراً للعلاقة الخاصة التي أضحت تربطه بالرئيس ترامب وأفراد عائلته، لا سيما في تشاطر رؤاهما في العداء الصارخ ضد إيران.
منذ بروز محمد بن سلمان، في ظل والده ومن ثم تجاوزه، اعتقد أن باستطاعة بلاده تسخير علاقاتها التاريخية مع الولايات المتحدة لتثمر توكيلها دوراً أكبر في الملفات الإقليمية، وتمضي في وضع قدراتها العسكرية تحت تصرف الاستراتيجية الأميركية.
مراكز الأبحاث الأميركية التي لا تتلقى مساعدات وهبات سعودية اعتبرت مسار الأمير الشاب بأنه “يشكل نقطة انعطاف كبرى في دولة قيد التفكك .. وتجاوزه للبنية القبلية التقليدية،” في طموحه للانتقال الى مرحلة “المملكة الرابعة.”
البعد الاقتصادي
في لغة الاقتصاد الصرفة، تنتج السعودية سلعة وحيدة،هي النفط، وما تبقى من تركيبة اقتصادية مهيأة للاستهلاك وليس للانتاج، رغم بعض المحاولات التي تم الالتفاف عليها من قبل “مجموعة 10 % عمولة” من كبار رجالات آل سعود.
ما يهم مراكز المال العالمية إنجاز “خصخصة القطاع العام – اينما وجد؛ رفع يد الدولة عن التحكم وادارة السوق؛ رفع الدعم عن السلع الأساسية” و”تطوير” المملكة الرابعة من هيكلية و”بنية ريعية” الى دولة مستهلكة ودمجها بالكامل في نظام العولمة والمضاربات المالية.
البنية الريعية يعرّفها الاقتصاد السياسي بأنها “نمط اقتصادي يعتمد على استغلال الموارد الطبيعية دون الحاجة الى الأهتمام بتطويرها – المعادن، المياه، النفط والغاز.” الايرادات الناجمة عن تلك المبادلة تذهب لنزعة استهلاكية مرتبطة بالاستيراد. ونزيد بأن هذا النموذج لا يعير إهتماماً للزراعة أو الصناعات التحويلية.
معهد كارنيغي المرموق وصف الاقتصاد الريعي في السعودية بأنه “منح الامتيازات والخدمات وفرص العمل لصالح فئة معيّنة من دون مراعاة أي اعتبارات ترتبط بالمنافسة والكفاءة الاقتصادية. وتكمن خطورة الريع، مقارنةً بالفساد أو سوء استخدام المال العام، في أنه يكتسب طابعاً “قانونياً” إذ أن الأحكام التي ترعاه عادة ما تكون مكرّسةً في القوانين والمراسيم.”
اتضحت مؤشرات مستقبل المملكة الرابعة في الانتقال من الاعتماد على سلعة النفط الى الاعتماد على الاستثمارات المالية والمضاربات في اسواق الأسهم — بيع الشركات الكبرى ارامكو وسابك (تقدر قيمتها بعد تسييلها ببضعة عشرات تريليون من الدولارات) وتحويلها الى سيولة مالية تتحكم بها رؤوس الأموال العالمية.
مراكز القوى السياسية والمالية العالمية تدرك حقيقة الأزمة البنيوية التي تعانيها السعودية، لا سيما وأن إحتياطيها من النقد الأجنبي انخفض بشكل ملحوظ الى 487 مليار دولار (رويترز 28 آب 2017)، واكبه ارتفاع في حجم الديون الداخلية والخارجية التي بلغت 200 مليار دولار (31 ديسمبر 2016) (Indexmundi).
وعليه، تم تشجيع ورعاية توجهات إبن سلمان من قبل مفاصل القرار السياسي والاقتصادي الدولي لتصفية مراكز القوى السياسية وأضحى يسيطر بالكامل على “مثلث السلطة والمال والإعلام.” الأمر الذي يعززه “الزيارة غير المقررة” لصهر الرئيس ترامب، جاريد كوشنر، للرياض أعقبها “ليلة السكاكين الطويلة،” والصمت الأميركي الرسمي لبضعة أيام.
بناءً على تلك المعطيات، يمكن للمرء القول أن الرئيس ترامب أوكل صهره كوشنر بالإشراف على تصفية مفاصل النظام السعودي والإعداد “للملكة الرابعة” أهم ميزاتها نقل السلطة ليد فرد دون مشاركة من الأمراء الآخرين – “عمودية السلطة.”
الانقلاب العسكري على إبن سلمان هل هو ممكن؟
توصيف ما جرى بأنه “انقلاب” في رأس السلطة وبنيتها التقليدية أضحى مسلما به، لا سيما وأن المتضررين هم كبار الأمراء والأثرياء والإعلاميين والأجهزة العسكرية والأمنية، أعمدة النفوذ السعودي لحين ليلة السكاكين.
جدير بالذكر أن إبن سلمان ركز مفاصل القوة العسكرية بين يديه وتم تهميش البنى الأخرى من “حرس وطني” ووزارة الداخلية والاستخبارات. من الطبيعي أن يلجأ الطرف المتضرر لاستعادة هيبته مما يمهد الأرضية الموضوعية لاصطفافات جديدة يجمعها العداء لإبن سلمان والقضاء عليه.
كما أن البعد القبلي الذي “كان” يشكل أبرز أعمدة السلطة وأجهزتها المتخمة من أبناء القبائل والعشائر قد أضحى من بين المتضررين في زمن الأمير الشاب، وهو ينصت لنصائح مستشاريه الأجانب بتقويض البنية القبلية والاعتماد على مستشارين وقوى “محترفة” لحمايته ووضعها على رأس الأجهزة التابعة.
المغامرة بانقلاب ضد إبن سلمان يستند الى القوة العسكرية غير مضمون النتائج، ضمن المعطيات الراهنة، لا سيما وأن السعودية “حاولت” الإطاحة بأمير قطر عبر البوابة العسكرية وفشلت؛ فضلاً عن أعادة الاصطفافات والولاءات داخل مراكز القوى السابقة.
في هذا السياق أيضا، لا يجوز إغفال الدور “المعنوي” الذي يمثله الملك سلمان في معادلة التوازن العائلي وهو المدين لها بتسلمه السلطة، فضلاً عن مصير القوات العسكرية والحرس الوطني.
من بين مراكز القوى المناوئة لإبن سلمان يلمس المرء أبرزها: عائلة الملك السابق عبد الله؛ عائلة الملك الأسبق فهد؛ وعائلة ولي العهد السابق محمد بن نايف. بيد أن استهداف شخص الملك سلمان من قبل تكتل من هؤلاء غير مضمون النتائج نظراً لمكانته ونفوذه بصرف النظر عن صلاحيته الذهنية.
العاهل السعودي من جانبه يمضي قدماً لتهيئة الأرضية لتولي نجله السلطة وهو على قيد الحياة، وأي عارض قد يصيبه أو يبعده في الأيام المقبلة سيعقد قليلا طموح نجله بتسلم السلطة. ويجد المرء بعض الصدقية لأنباء غير المؤكدة بأن سلمان يسلم سلطاته تدريجيا لنجله والتصدي لمناوئيه الآخرين وهو على قيد الحياة.
عند العودة لفرضية تسلم الأمير الشاب مقاليد الأمور، وغياب والده، ستنهض الأطراف المتضررة للتحرك على أرضية الولاء القبلي وتشارك السلطة لا سيما بين الجناح السديري، بعد إقصاء بن سلمان منه، وقبيلة شمّر موطن الملك عبد الله الراحل.
رموز الجناحين المذكورين يمثلهما الأمير محمد بن نايف (السديريين) ومتعب بن عبد الله (الشمريين)، قد يكافئون تجاوزات إبن سلمان بانقلاب أبيض دون إسالة الدماء. ما عدا ذلك، خاصة إصرار الملك سلمان البقاء في منصبه، فأن اللجوء لاستخدام القوة العسكرية قد يبرز الى الواجهة.
نجاح أي محاولة إنقلاب يستدعي تضافر جملة من العوامل، منها تواجد القوة الفاعلة بالقرب من مراكز السلطة المفصلية وهذا يحتم عليها الاستيلاء على الرياض غير عابئة بانتشار القوات العسكرية على الحدود الجنوبية مع اليمن، والتي يتطلب نقلها لمؤازرة القصر الملكي تعقيدات لوجستية ومغامرة الانسحاب من جبهات عسكرية مفتوحة.
في هذا الصدد، يحتل فوج الحرس الملكي مكانة مركزية للمهام المنوطة به بتوفير الحماية للملك وولي العهد، بالدرجة الاولى. يتكون الفوج الملكي من ثلاث كتائب مشاة خفيفة، ويخضع لإمرة الملك ولديه شبكة إتصالات متطورة ومستقلة عن نظيرته في القوات العسكرية الأخرى، لتعزيز فرص الحماية ووقاية الملك من انقلاب محتمل.
أما قوات “الحرس الوطني،” التي أسسها ورعاها الملك عبد الله، فحجمها الفعلي لا يعادل نصف عدد القوات العسكرية، ترابط بعض وحداتها بالقرب من الرياض وتعاني من نقص في الاسلحة المتطورة؛ بيد أنها منوطة بتوفير الحماية ضد أي محاولة انقلاب.
تتشكل قوات الحرس الوطني من لواء ميكانيكي يخضع لإمرته أربعة كتائب وكتيبة مدفعية ولواء الأمير سعد الميكانيكي الذي يضم تحت إمرته ما مجموعه أربعة كتائب مسلحة ترابط في الرياض، ولا يمتلك أي مدرعات عوضها بعربات مسلحة خفيفة. وعليه ليس من اليسير قيام الحرس الوطني بتصدر محاولة انقلابية، إلا في حال حدوث انشقاق داخل قوات الحرس الملكي وعصيان الأوامر العليا.
جدير بالذكر أن أقرب حلفاء لإبن سلمان هو ولي عهد الإمارات، محمد بن زايد، الذي لديه علاقة وثيقة بقوات مرتزقة “بلاك ووتر،” سابقاً ومن غير المستبعد أن يتم نقلها الى الرياض لتعزيز حماية إبن سلمان والملك. كما أن سلمان ونجله يسيطران بالكامل على شبكة الاتصالات االعسكرية ولديهما فائض من القوة العسكرية وباستطاعتهما الصمود لفترة أطول مقابل الخصوم.
لا يلمس المرء والمراقب على السواء توفر قيادة أو هيكلية موحدة مهيأة لتنفيذ انقلاب وعليها الاعتماد التام على الوحدات التي بإمرتها لتنفيذ مهام الهجوم على المرافق الحيوية والقصر الملكي. كما أن العقيدة العسكرية التي تسيطر على القوات السعودية المختلفة جرى اعدادها وفق العقيدة الأميركية بتراتبية شديدة تنطوي على عقبات عملية أمام تنفيذ انقلاب ناجز – الأ إذا حصلت على دعم ورضى أميركي، وهو أمر مستبعد في اللحظة الراهنة.
في ظل هذه المعطيات، نجد من المنطقي التريث ممن يرغب أو يحاول السعي لتنفيذ انقلاب لحين حلول الأمير الشاب محل والده مما سيجذر حجم الاعتراض والامتعاض داخل الأطر القبلية والعسكرية ضده والبناء عليه لاستثماره في مرحلة لاحقة تتوفر فيها نضوج عوامل ضرورية.
فوز إبن سلمان بالعرش لا يعني بالضرورة أن باستطاعته الحفاظ عليه والاستمرار في الحكم وفق الوصفة المعدة.