معركة تحرير الرقة الحقيقية
حميدي العبدالله
انتقلت السيطرة على الرقة من تنظيم داعش إلى القوات المدعومة من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. نعم أخرجت داعش من الرقة, ولكن هل تحررت الرقة؟ بمعزل عن الدمار الذي ألحقته القوات الأميركية بالمدينة وهو دمار شامل, وعلى فرض أن المسؤول عن هذا الدمار هو داعش ولم يكن ثمة خيار آخر لإخراج هذه الجماعة من المدينة من دون حصول كل هذا الدمار, فإن تحرير أي منطقة يقاس بمعيارين. المعيار الأول, عودة أهالي المنطقة إليها, وعدم وجود أي خطر يتهددهم, والمعيار الثاني, عودة هذه المنطقة إلى كنف الدولة الشرعية, لأن هذه العودة شرط مسبق لعودة الخدمات, وتمتع سكان هذه المنطقة بكل حقوقهم على الدولة, ولكن في حال عدم عودة الدولة هم سيحرمون من هذه الحقوق, وسيدفعون ثمناً جديداً لإعادة هذه المنطقة إلى كنف الدولة لكي يتم الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية.
الرقة وفقاً لكلا المعيارين هي مدينة لم تتحرر, بل انتقلت السلطة من جماعة غير شرعية إلى جماعة أخرى غير شرعية ولا تقل خطورة على المدينة وعلى سكانها.
ثمة وقائع تؤكد بشكل غير قابل للجدل هذا الاستنتاج. عندما أراد سكان حي المشلب العودة إلى بيوتهم, وبالمناسبة هذا الحي كونه يقع في أطراف مدينة الرقة, ودخلت إليه القوات المدعومة من الأميركيين تقريباً من دون قتال, ظلت الكثير من منازله بعيدة عن التدمير, وبالتالي ليس هناك ما يمنع من عودة سكانه إليه فوراً إذا أرادوا, ولكن عندما حاول سكان هذا الحي العودة إلى منازلهم منعوا وأطلق عليهم الرصاص وأصيب العديد منهم.
كما أن الدولة السورية وحلفائها عازمون على تحرير الرقة, الدولة السورية وعبر وزراء الخارجية أعلنت أنها لا تعتبر الرقة محررة إلا إذا دخلها الجيش السوري, ومستشار الإمام علي الخامنئي علي ولايتي أعلن صراحة أن معركة استعادة الرقة من الاحتلال الأميركي ستبدأ قريباً.
وطالما أن الرقة لم تعد إلى كنف الدولة, وطالما أن سكان المدينة منعوا من دخولها, فثمة أسباب لخوض معركة جديدة لإعادة الرقة إلى كنف الدولة السورية, ودفع خطر التفتيت والتقسيم, وعندها يمكن أن تتحرر الرقة.
أما الآن فإن وضع الرقة الحالي يعبر عن انتقال السيطرة عليها من جماعة خارجة عن القانون وسلطة الدولة إلى جماعة أخرى أيضاً خارج عن القانون وسلطة الدولة.