بقلم غالب قنديل

عبرة مسعود لمن يفهم !

غالب قنديل

تحولت مغامرة مسعود البرزاني الانفصالية إلى عبرة بليغة لمن يعربد في وجه محور المقاومة ويتحدى توازنات الشرق المتحولة بسرعة املا بدعم اميركي صهيوني انتظره الزعيم الكردي العراقي دون جدوى وفي تكرار لحماقات عصفت عقودا بأحلام والده الملا مصطفى الذي تورط بعلاقات مع المثلث الأميركي التركي الصهيوني الذي قدم له الدعم والمساندة لاستنزاف العراق ولم يتلق مسعود غير وعود غير قابلة للتحقق بعدما تهور وذهب بعيدا في التحدي فاستثار شركاءه الأكراد والعراقيين وأصدقاءه السوريين والإيرانيين وشركاءه النفطيين في تركيا وعبرها إلى الكيان الصهيوني الذي ثابر على استثارة حماسة الانفصال الكردية غير آبه بالنتائج طالما الفاتورة مدفوعة من رصيد الأكراد وجلودهم ومصالحهم وتطلعاتهم .

مصيبة مسعود انه هرب إلى تحدي الإقليم من مأزقه وعجزه داخل المناطق الكردية بعد اتساع الحلف المعارض لحزبه البارتي الديمقراطي وقد تبين ان القوى المعارضة تحوز قوة فاعلة ولديها اجنحة مقاتلة فرضت حضورها على الأرض وحالت دون تنفيذ خطة الانسلاخ التي حضرها مسعود وفريقه بمعونة صهيونية اميركية وجد محركوها في الشرخ الكردي وسيلة للانقلاب على التوانات الجديدة وسبيلا لتحريك مشكلات تشغل إيران والعراق وسورية وتشتت قوى المحور عن مقاتلة الإرهاب ليستمر مسمار جحا الأميركي وتستنزف قوى شعوب ودول المنطقة في طواحين الدم العرقية.

السرعة التي وقع فيها التحول كانت صادمة وبين ليلة وضحاها تحول إقليم شمال العراق من جنة استثمار ومال وسياحة مزدهرة إلى رقعة معزولة مهددة ومحاصرة وتفتحت شروخ الصراع الكردي الداخلي المكبوتة بافتراق الخيارات بعدما ظهرت حصيلة المغامرة والعبث بنسيج المنطقة بخراقة تصديق الوعد الأميركي الصهيوني واليوم باتت عبرة مسعود هي ان الأميركي والصهيوني يكذبان ويتركان من يصدق الوعود وحيدا لافتراس التوازنات العصية غير آبهين بمصيره وهو ما يعطي مصداقية عالية لتحذيرات روبرت فورد التي خص بها اكراد سورية متنبئا بخروج اميركي وشيك من سورية نتيجة مناعة توازن القوى وقدرات إيران وسورية وروسيا الرادعة لأي رهانات معاكسة.

قبل الاستفتاء كان العراق بقواه الحية متعايشا مع اقليم الحكم الذاتي الكردي ومع تمدده إلى كركوك ومع تجارته النفطية المشبوهة عبر تركيا مع العدو الصهيوني وقد تعاملت بغداد برفق مع مخالفة أربيل لاتفاقات الفدرالية العراقية وقوانينها ومع حقيقة التواجد الصهيوني المخابراتي والاقتصادي غير الخفي رغم اعتراض قوى كردية وعراقية وازنة على تلك العلامات الباقية من حقبة الوصاية والاحتلال الأميركية ورفضها لها.

المغامرة التي أقحم فيها البرزاني وزينت له من قبل حكومة نتنياهو وإدارة دونالد ترامب كانت اختبارا لتوازنات الداخل العراقي ولإيران ولمعادلات المنطقة ولتركيا أيضا وكان التخطيط الأميركي الصهيوني قائما على تحويل شمال العراق والشمال الشرقي لسورية إلى نطاق نفوذ أميركي صهيوني يخترق محور المقاومة ويستنزفه استراتيجيا في محاولة لتعديل التوازنات التي رست عليها حركة الصراع منذ التطور الساحق في الميدان السوري ومع تكريس الانفصال في العراق كان مخططا لتطوير التمرد الكردي في سورية بأوهام الانضمام إلى الموجة البرزانية رغم ما بين حزب العمال البارتي من خصومات متوارثة والخروج عن نطاق الدولة السورية الوطنية بقوة التواصل بين مناطق نفوذ كردية على مقلبي الحدود العراقية السورية.

حركة البرزاني استتبعت حسم الأمور وانتشار قوات عراقية من الجيش والحشد الشعبي وتسارع الخطى نحو التلاقي على الأرض بين قوات الجيش العربي السوري ورفاق السلاح العراقيين جيشا وحشدا شعبيا وكانت المفاجأة في سرعة انهيار البشمركة البرزانية التي راهن الأميركيون على تحويل المواجهة بينها والقوات الاتحادية العراقية والحشد الشعبي إلى ثقب قابل للتوسع والتدخل المباشر مرة أخرى لكن تلك الحسابات تبخرت هباءا منثورا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى