مقالات مختارة

فتح المعابر يجعل حصار غزة لا معنى له: تسفي برئيل

 

عزف السلامين الوطنيين الفلسطيني والمصري حدد الانتقال الرسمي اليوم للسيطرة على المعابر في غزة إلى أيدي حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية. كان من المناسب أيضا أن يعزف السلام الوطني الإسرائيلي في هذه المناسبة حيث أن الاتفاق الذي عملت عليه مصر في الأشهر الأخيرة لو لم توافق عليه إسرائيل بهز رأسها وتعطيه موافقتها .

خلافا للسياسة الثابتة، التي تقضي بعدم التعاون مع حماس أو مع حكومة الوحدة الوطنية التي تضم حماس وفتح، فإن إسرائيل رضيت بالاتفاق الجديد. لم يكن ذلك هو التجاهل الوحيد لإسرائيل في بنود اتفاق المعابر الذي وقعت عليه مع الفلسطينيين في 2005. برغم أن المصريين، السلطة الفلسطينية وحماس أعلنوا أن إدارة المعابر، خاصة فتح معبر رفح، سيتم حسب الاتفاق الذي وقعت عليه إسرائيل في 2005، الاتفاقات هذه المرة لا تتضمن إشرافا من قبل الاتحاد الأوروبي. إضافة لذلك، طريقة المراقبة، نقل البضائع وإعطاء تأشيرات المرور للسكان، لن تتم طبقا لاتفاق 2005. إن الأهم هو أن معبر رفح الذي سيعود للعمل بعد أسبوعين برغم أنه في الاتفاق فرضت إسرائيل قيودا على فتحه. ولكن في 2005 لم تشارك مصر في النقاشات، لهذا فإنها متحررة من الشروط التي وضعتها إسرائيل في الاتفاق.

إن نقل إدارة المعابر إلى أيدي الحكومة الفلسطينية ـ الذي هو جزء من المصالحة بين فتح وحماس ومن تعزيز العلاقات بين مصر وحماس ـ يضع إسرائيل أمام تناقض سياسي وأمني. ليس فقط أنها وجدت نفسها مشاركة مع حكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، خلافا لموقفها بل إن الفتح المتوقع لمعبر رفح يحول الإغلاق على غزة ليس ذا معنى. التبرير في نظر إسرائيل هو أن السيطرة على المعابر موجودة في أيدي رجال شرطة السلطة الفلسطينية ولهذا فإن الاتفاق «مقبول». برغم أن هؤلاء يعملون بالتنسيق الكامل مع حماس.

مصر، التي كانت شريكة كاملة لإسرائيل في تطبيق الإغلاق، تنسحب فعليا من الاتفاق غير المكتوب معها. صحيح أن القاهرة ستواصل التدقيق على هُوية المارين في المعبر وستعمل على منع حركة نشطاء الإرهاب بين غزة وسيناء وبالعكس، ولكن بكل ما يتعلق بالعقاب الاقتصادي لغزة وسيلة لسحق حماس ـ فإنها تغير الاتجاه بصورة كاملة. وبهذا تتبنى مصر المصالحة الفلسطينية وحكومة الوفاق الوطني جسم مسؤول ومعترف به للدولة الفلسطينية.

نقل السيطرة على المعابر هي فقط خطوة أولى في تشكيل النظام الفلسطيني الموحد. هذه الخطوة هي جزء من الاعتراف الفلسطيني والمصري بأن اتفاق سلام كامل قائم على صيغة الدولتين ليس واقعيا طالما أنه توجد في إسرائيل حكومة يمين متطرف وطالما أن الولايات المتحدة تتعامل بالعملية السياسية لعبة. برغم تصريح محمود عباس القائل إن كل حكومة فلسطينية موحدة يتم تشكيلها يجب أن تعترف بدولة إسرائيل، فمن الواضح لحماس أن تصريحا كهذا ليس فقط غير ملزم لها الآن بل هو أيضا ليس له تداعيات حقيقية. من وجهة نظر حماس، من المفضل قبول ما يمكن تحقيقه في المجال العملي، قبل النقاش في الجوانب الأيديولوجية.

رئيس الذراع السياسية لحماس في غزة يحيى السنوار ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية يبدوان في هذه المرحلة زعيمين برغماتيين. كلاهما دعم تغيير ميثاق حماس الذي نشر في شهر أيار الماضي، وكذلك قبل بشروط مصر التي أيدتها السعودية ودولة الإمارات. من ناحية حماس فإن هذا تحولا استراتيجيا يشير إلى استعدادها للتنازل عن إعادة اعتمادها على إيران.

هذا برغم الزيارة المغطاة إعلاميا التي قام بها عدد من زعمائها إلى طهران في الشهر الماضي. الآن تستطيع حماس الاستعداد للخطوات السياسية في فلسطين، من بينها انتخابات برلمانية ورئاسية، التي من شأنها أن تجلب لها مكاسب جديدة. إذا جلبت المصالحة الفلسطينية أيضا مكاسب اقتصادية مهمة في غزة، مثل إقامة ميناء ومحطة طاقة جديدة ـ التي خصصت لها أموال من قبل دولة الإمارات ـ يمكن لحماس أن تعزز قوتها السياسية بصورة أكثر على الازدهار الاقتصادي منه على «نشاطات المقاومة».

اتفاق المصالحة الفلسطيني ما زال غير مطبق بصورة كاملة، وتنفيذه مملوء بالألغام المتفجرة التي من شأنها تدميره في المرحلة القريبة، عندما يتم فيها بحث توزيع الوظائف وتوزيع الميزانيات. تفكيك سلاح حماس ليس مطروحا على الأجندة، كما لا يوجد اتفاق حتى الآن على موعد الانتخابات. ولكن مجرد نقل السيطرة على المعابر من شأنه أن يهدئ صراعات القوة، لأنه لا يوجد أي طرف يريد أن يظهر مسؤولا ومتهما بتخريب قناة التطوير في غزة وفي إدامة الانقسام بين شطري الوطن. ولكن يجدر القول إن هذه التبريرات لم يأخذها كلا الطرفين طوال أكثر من عقد ظلت فيها غزة تحت الحصار.

في هذا السياق تجدر الإشارة إلى عقلانية مصر التي وافقت على فتح معبر رفح مكافأة مقابل المصالحة. مصر أيضا أحسنت فهم عدم اشتراط فتح المعابر في تطبيق المصالحة واكتفت بشرط أن تقوم قوات من حكومة الوفاق الوطني بتشغيل المعابر في الجانب الفلسطيني. بهذا فإن مصر نقلت إلى أيديها قيادة المعركة السياسية الفلسطينية، وجددت دورها راعية، ليس فقط في الجانب الاقتصادي والسياسي بل أيضا العسكري. إن منع المواجهة المتوقعة بين إسرائيل وغزة هي دليل مهم على ذلك، وهي بذلك تلغي وحدانية إسرائيل في إدارة شؤون غزة.

السؤال الآن هو هل إسرائيل ستحسن استغلال الظروف السياسية التي أجبرت حماس للقيام بمراجعة سياستها. هل ستوافق إسرائيل على التعاون مع حكومة الوفاق الفلسطينية أو أنها ستستمر في التمسك بسياسة الشعارات التي ترى غزة فيها فقط من خلال فوهات البنادق. على ما يبدو إن من هو غير معني بدفع عملية السلام ويرى في «السلام الاقتصادي» طريقا للهروب من المفاوضات السياسية، يجب عليه الآن دفع المصالحة الفلسطينية والاعتراف بنتائجها السياسية من أجل تعزيز الاقتصاد الفلسطيني. ولكن المنطق، ليس بالضرورة هو المنارة التي تنير طريق السياسة الإسرائيلية في المناطق.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى