العدوان الإسرائيلي على غزة وصعوبة خيارات الردّ: حميدي العبدالله
ارتكبت قوات الاحتلال جريمة باعتدائها على مواقع لحركة الجهاد الإسلامي قادت إلى استشهاد عدد من كوادر الحركة، وبعض كوادر من حركة حماس .
حاول العدو الصهيوني التنصّل من المسؤولية، في محاولة لقطع الطريق على أيّ ردّ تقوم به المقاومة في توقيت قد لا يكون في مصلحة العدو الصهيوني.
لكن بكلّ تأكيد الاعتداء الذي قامت به قوات الاحتلال لم يكن عن طريق الخطأ، فالهدف كان مقصوداً والتوقيت أيضاً. استهداف كوادر عسكرية من الجهاد الإسلامي يأتي على خلفية العلاقة التحالفية القوية التي تربط حركة الجهاد الإسلامي مع إيران. ومعروف أنّ الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبعض دول المنطقة يضعون هدف الضغط على إيران في هذه الفترة بالذات على سلّم أولوياتهم، ومن غير المستبعد أن يكون هذا الاستهداف له صلة أيضاً بالشروط الإسرائيلية المتعلقة بالمصالحة وتسوية القضية الفلسطينية، إذ تضع تل أبيب الاعتراف الصريح من قبل حماس بدولة الكيان الصهيوني شرطاً للموافقة على مشاركتها في أيّ حكومة يُصار إلى تشكيلها في إطار المصالحة، لا سيما أنّ حركة الجهاد الإسلامي التي تدعم أيّ خطوة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، ترفض المشاركة في أيّ حكومة فلسطينية، طالما أنّ تشكيل هذه الحكومات يأتي استناداً إلى الإطار القانوني والدستوري المنبثق عن اتفاقات أوسلو.
بعد وقوع العدوان، تعالت الأصوات التي تطالب فصائل المقاومة بتوجيه ردّ يتناسب وحجم الجريمة التي ارتكبها العدو، كي لا يكون قبول هذا الاعتداء سابقة قد تشجع الكيان الصهيوني على شنّ المزيد من الهجمات التي تستهدف كوادر وقيادات المقاومة، طالما أنّ مثل هذه الجرائم لا تلاقي ردّاً رادعاً.
لكن في المقابل فإنّ قرار الردّ من قبل فصائل المقاومة لن يكون سهلاً في ضوء حسابات تأخذ بعين الاعتبار العوامل الآتية:
أولاً، اختيار تل أبيب لتوقيت التصعيد، الأمر الذي يشير إلى أنّ الاحتلال وضع في حساباته احتمال أن يكون الردّ قراراً صعباً وقد لا يجد إجماعاً من قبل بعض الفصائل.
ثانياً، التوقيت الذي اختاره العدو يريد من خلاله خلق واقع سياسي يعطل المصالحة وإنهاء الانقسام إذا ما قامت فصائل المقاومة بالردّ على الاعتداء، وقد تكون حسابات تل أبيب أنّ هذا العامل سيقود إلى النفاد بجريمتها والإفلات من العقاب.
ثالثاً، لا شك أنّ الردّ الذي يوازي الجريمة بحق كوادر الجهاد سيقود إلى نشوب حرب جديدة مع الكيان ستكون كلفتها باهظة على سكان القطاع، وفصائل المقاومة سوف تتردّد كثيراً قبل الإقدام على خيار ستكون كلفته باهظة على أبناء القطاع الذين لا زالوا يعانون جراء ما تسبّبت به الاعتداءات الإسرائيلية السابقة.