حي السلم وإعلام “الشيطنة “
غالب قنديل
ليس من شيء عفوي في الحملات الإعلامية الهادفة لشيطنة حزب الله والتحريض عليه ومحاولات تأليب الناس ضده في مناطق تعتبر معاقل شعبية او مقالع للمقاومين بالتعبير الأدق وإن كان من سذج يفترضون ذلك فإن الحقيقة ظهرت عارية منذ شهادة جيفري فيلتمان امام الكونغرس التي اعترف فيها بإنفاق نصف مليار دولار لتمويل الحملات الإعلامية ضد حزب الله وتوجيهها من مكتبه كسفير للولايات المتحدة في عوكر حيث مقر السفارة الجاري توسيعه والذي سيكون أضخم مقر للسفارات الأميركية في المنطقة مجهزا بمهابط متطورة للطائرات وبكمية كبيرة من المحطات التقنية الخاصة بالاتصالات وبالتأكيد بتجهيزات التجسس الإلكتروني الحديثة.
خمسمئة مليون دولار انفقها فيلتمان خلال بضع سنوات على تمويل الحملات ضد حزب الله وتضمنت دفع مبالغ طائلة لمحطات تلفزيونية وإذاعية لبنانية ومواقع إلكترونية ولصحف وكتاب وإعلاميين تم تجنيدهم لشيطنة حزب الله وما كشفه بالتأكيد ليس إلا رأس جبل الجليد الذي يخفي في قاعدته ما هو أدهى وأخطر فثمة كتاب يعدون “رصينين” يتلقون مبالغ مالية سخية ويتسلمون ببريدهم الإلكتروني خطوط التوجيهات السياسية لمقالاتهم وعلى ذلك قس واللائحة طويلة جدا وفيها المئات من مراسلي ومحرري ومذيعي الإعلام اللبناني والخيوط الأهم التي نسجت في خدمة الخطة الأميركية لشيطنة حزب الله وتشويه صورته حققها مكتب التواصل الإعلامي في دبي برئاسة آدم إيرلي منذ انشائه فقد واظب هذا المكتب على إرسال موفديه إلى بيروت منذ العام 2005 وهم يعقدون اجتماعات دورية مع مالكي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والإلكترونية والمكتوبة ويناقشون كل ما يتعلق بخدمة التوجيهات الأميركية في المنطقة وبالذات ما يتصل باستهداف الدولة السورية ورئيسها وحزب الله وإيران إضافة إلى الترويج الممكن لفكرة التطبيع مع الدولة العبرية ومهاجمة فكرة المقاومة من أصلها وتظهير الشرخ المذهبي والعزف تحريضا على اوتاره والتعامل مع شيوخ التكفير كأصحاب رأي وموقف وهذا كله نفذ باتقان لقاء اموال دفعها مكتب التواصل او أمن دفعها من قطر والمملكة السعودية ودولة الإمارات للمعنيين برعاية وتسهيلات اميركية مباشرة.
تنفذ وسائل الإعلام المرتبطة بخطة الشيطنة لوائح الالتزامات المتفق عليها مع مكتب التواصل الأميركي اومع السفارة في عوكر او مع مسؤولين في واشنطن مباشرة ومن خلال لقاءات تم ترتيبها بتنظيم زيارات لإعلاميين لبنانيين وعرب إلى الولايات المتحدة تضمنت استضافة متحدثين وباحثين اميركيين لشرح الموقف الأميركي عند الضرورة وقد سخرت شبكة خفية لتسريب المعلومات والأخبار الملفقة والكاذبة والتقارير التي تخدم الحملات الأميركية وبطرق مموهة ومضللة بحيث يظهر بعضها في استهداف المقاومة بمثابة “نيران صديقة ” لكنه في الواقع اشتباك بالأمر الأميركي.
إن الحملات التحريضية الفاجرة التي استهدفت حزب الله بمناسبة احداث حي السلم تفضح الكثير من الملابسات تماما كما حصل سابقا في موضوع مخطوفي أعزاز وسواه من القضايا المتفجرة وخلافا لما يتوهم البعض بمن فيهم مسؤولون من حزب الله فليست العبارات المستخدمة نتاج تصرف عفوي للمراسلين حديثي العهد ولا هي حصيلة السعي خلف السبق الإعلامي كما يتهيأ للمراقب العادي بل هي نتاج امر عمليات مدفوع الأجر ومنسق من لحظة وقوع الحدث والمناخ مهيأ سلفا بألف قناع وقناع داخل غرف التحرير لخدمة الشيطنة الأميركية .
وفقا لنصوص واحكام القانون 382 / 94 إن تقاضي الأموال لشن حملات إعلامية بطلب من جهات اجنبية يعتبر جرما يعاقب عليه بسحب الترخيص كحد ادنى ولو اخذنا المخالفات الإعلامية الظاهرة لأوجبت وقف البث لأكثر من يوم او يومين على الأقل وانذارا صريحا بسحب الترخيص في ضوء كل ما تم بثه على جميع القنوات التي كانت مسعورة ومنتشية ضد حزب الله وحركة امل ومحتفلة بالتطاول على شخص قائد المقاومة فالتحريض وأحادية التعبير بتغييب الرأي الآخر المستهدف وعدم تمكين الجهة المستهدفة من الظهور بالمساحة ذاتها وفي التوقيت نفسه والتلقين السياسي المسبق كل منها تمثل مخالفة صريحة وتحريضا موصوفا مع سبق الإصرار ضد تدبير قررته السلطات المختصة وغيبت وجهة نظرالجهة المستهدفة بالتحريض خلافا للقانون كما ان من اللافت غياب وزير الداخلية الذي لم يحاول أي مراسل الاتصال به لاستيضاحه كالعادة بينما هو شخصيا كبح شهيته للحضور الإعلامي في مسرح الحدث نهار حملة قمع المخالفات في حي السلم ولم يتحرك لمواكبة ما تقوم به قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارته كما درج في عمليات أقل أهمية وحجما.
كان المطلوب ان تحضر في المشهد الإعلامي بلديات الضاحية ( لا قوى الأمن ) ومرتكبو المخالفات وصورتا السيد حسن نصرالله والرئيس نبيه بري لتصنيع انطباعات وإيحاءات تخدم مشروعا اميركيا سعوديا لاختراق هذه الكتلة الشعبية واقتناص رصيد لحالة سياسية تم تجميع عناصرها وإشهارها قبل أسابيع قليلة تحت عنوان التصدي لثنائي امل – حزب الله ولاحتكاره السياسي المزعوم في بداية حملات انتخابية متسارعة.
السلطة السياسية تحمي هذه المخالفات وتمنع المحاسبة عن المؤسسات التي تحظى برعاية الولايات المتحدة وقطر والسعودية وهذا ما اكتشفناه مرارا من خلال متابعتنا لمخالفات إعلامية موصوفة اخطرها تقارير ومعلومات كادت تحرق البلد برمته في أزمة مخطوفي أعزاز.