مقالات مختارة

هل انتقل الصراع إلى المغرب العربي؟ ليلى نقولا

 

مع بدء موجة “الربيع العربي” وانفلات الوضع إلى الفوضى، شهد العالم العربي صراعاً جديداً يُضاف إلى صراعاته السابقة، فقد أضيف صراع الإسلام السياسي السنّي – السنّي، إلى صراع سابق كان قد تفجّر مع سقوط صدّام حسين واحتلال الأميركيين للعراق ومازال مُشتعلاً لغاية اليوم وهو الصراع السنّي الشيعي، وذلك للتعمية على الصراع الأساسي والذي بدأ مع قضْم فلسطين وهو الصراع المحوري: الصراع العربي الإسرائيلي .

حاول الإسرائيليون لفترة طويلة، تحويل وجهة الصراع العربي الإسرائيلي وتحجيمه، لتحويله إلى مجرّد صراع على أرض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فقاموا بمعاهدات سلام مع مصر والأردن، وعقدوا الاتفاقيات مع السلطة الفلسطينية، وحاولوا استمالة اللبنانيين للانخراط في السلام ففشلوا.

وبعدما شنّ الأميركيون حربهم على الإرهاب بعد 11 أيلول/ سبتمبر، وقاموا باحتلال أفغانستان والعراق، استفادت إيران من التطوّرات وتوسّع نفوذها في الشرق الأوسط، واستفادت من نصر حزب الله في حرب تموز عام 2006، بدّل الإسرائيليون استراتيجيتهم فأعلنوا في مؤتمر هرتسيليا عام 2008، وجوب العمل على تزكية الصراع السنّي الشيعي لمواجهة إيران وعزْل حماس وحزب الله وإسقاط سوريا، ثم عادوا وأكّدوا على ذلك في جميع توصيات مؤتمراتهم اللاحقة.

واللافت، أن صراعاً تفجّر عقب موجة الربيع العربي، تجلّى بمواجهة سياسية وعسكرية وأمنية ومالية واقتصادية، بين أجنحة الإسلام السياسي السنّي؛ فتواجه الأخوان المسلمون بقيادة تركيا ودعم قطري، والذين حاولوا قطف الربيع العربي للحلول في الحكم مكان حلفاء السعودية، مع الجناح الوهّابي – الخليجي، الذي دافع عن مُكتسباته التاريخية في المنطقة، فانتقل الصراع السياسي إلى مواجهة مفتوحة تارةً عبر المجموعات المسلّحة، وتحالف أحياناً بسبب تقاطع المصالح ضد إيران وحلفائها طوراً.

واليوم، وبعد توجّه الأحداث في الشرق الأوسط إلى نهاية تنظيم داعش وفي ما يبدو أنه مسار نحو التسوية في سوريا والعراق، تشي التطوّرات المُفجعة في مصر وقبلها في الصومال، أن صراع الإسلام السياسي قد يكون قد انتقل إلى المنطقة الجغرافية الأقرب إلى الشرق الأوسط، وأن الدول العربية في أفريقيا مرشّحة لتكون مقر الصراع المنتقل من الشرق الأوسط:

في الصومال: هزّ انفجار شاحنة مُفخّخة العاصمة الصومالية مقديشو، في منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، أدّى إلى مقتل 358 شخصاً وجرح العشرات في أسوأ كارثة إنسانية تهزّ هذا البلد الفقير منذ عام 2007 ولغاية اليوم. ولم تعلن “حركة الشباب” الإرهابية مسؤوليتها عن الحادث، وتشير المعلومات إلى عدم قدرة ذلك التنظيم الإرهابي على القيام بهكذا عملية.

وفي قراءة للأحداث التي حصلت في الصومال قبل ذلك التفجير وسلسلة التفجيرات المتنقّلة التي حصلت في مقديشو في الأسابيع التي تلته، أن قيادة الصومال الجديدة قد انخرطت طرفاً في الصراع، فقد رفضت الصومال قيام الإمارات بإنشاء قاعدة عسكرية في “صوماليلاند”، واعتبرتها خرقاً للقانون الدولي ولكنها بالمقابل دشّنت في أواخر سبتمبر الماضي، قاعدة عسكرية تركية، تعدّ ثاني أكبر قاعدة خارجية للجيش التركي في العالم.

وكان موقف الصومال لافتاً بخصوص الصراع الخليجي، فقد رفض الصومال قطْع علاقاته مع قطر وفَتَحَ أجواءه لها ولجأت طائرات تابعة للخطوط الجوية القطرية إلى استخدام المجال الجوي الصومالي لتجاوز العقوبات التي فرضتها دول عربية على الطيران القطري.

أما في مصر، فإن حادثة الواحات الإرهابية التي أودت بحياة 16 ضابطاً من الأمن المصري جنوب غرب القاهرة، لا تشذّ عن قاعدة الصراع على السلطة الذي تفجّر بعد سقوط محمّد مرسي، وانتهاء حُكم الأخوان في مصر، فقد أعلنت حركة “حسم” مسؤوليتها عن الحادث، وهي منظمة تابعة للأخوان المسلمين، ظهرت في مصر في يناير 2014، وبحسب البيان الأول لها قالت إنها تهدف إلى استعادة روح وتنفيذ أهداف ثورة 25 يناير 2011، والقضاء على ما وصفته بـ” الانقلاب العسكري“.

إذًا، في ظلّ التوجّه إلى إخماد الحريق المُشتعل في المشرق العربي، وتعذّر انتقال الحريق إلى الخليج بسبب الضغط الأميركي على الخليجيين لعدم الانفجار، يبدو أن إسرائيل ستستفيد من الحريق المنتقل إلى المغرب العربي، وستبدأ مأساة جديدة للعرب القاطنين في القارة الأفريقية، فالفوضى الأمنية وتسيّب الحدود الليبية قد تشعل المغرب العربي كما اشتعل المشرق في وقت سابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى