بقلم غالب قنديل

حول احداث حي السلم

غالب قنديل

مثل حزب الله وحركة امل في الضاحية كمثل جحا وابنه والحمار فإن تعايشا مع المخالفات المتفشية في الضواحي وداخل احيائها الفقيرة قيل انهما يغطيان المخالفات وروجت الاتهامات السياسية البغيضة التي تزعم انهما أي الحزب والحركة يمنعان الدولة من الدخول إلى تلك المناطق ولطالما شنت الحملات تحت عنوان الضاحية محرمة على الدولة وذلك كاذب وفاجر وغير صحيح أبدا فمخافر قوى الأمن الداخلي موجودة وتقوم بأعمالها المعتادة وتسير دورياتها ( وبعضهم يجبي الرشاوى من المخالفين كالمعتاد في كل لبنان) ومن غير ان يعترضها احد كما في سائر المناطق اللبنانية وحين يغطيان حملات قمع المخالفات يجري تأليب الناس عليهما.

اولا إن تعاون الحزب والحركة مع الأجهزة الرسمية في حملة منظمة لإزالة المخالفات رافق جميع الخطط الحكومية خلال السنوات الماضية ودائما تم استغلال الساخطين والمتضررين لتأليبهم ضد المقاومة وهذا ما جرى يوم امس والحقيقة ان ثمة من عبث بالمشهد وحرك خيوطا من خارج الحدث ليجذب الانتباه إلى حدث تم تصنيعه لاختلاق انطباع سياسي يجعل أي اعتراض على التدابير الأمنية تمردا واحتجاجا سياسيا على حزب الله وفقا لما ترسمه آلة مخابراتية سياسية لها أذرعتها الإعلامية الوقحة التي كان بعض مالكيها بالأمس يستجير بقيادة حزب الله في منازعاته طالبا الدعم والحماية او زاعمين التضامن مع الحزب في مقاومة الاحتلال او في محاربة الإرهاب وهي نفسها الوسائل التي طعنت الحزب في الإساءة لدوره في سورية وبالتذاكي السمج تلبية للتوجيه الأميركي بالمال القطري والسعودي.

وإذا كانت علاقة حزب الله بتلك الوسائل الإعلامية الانتهازية وموقفه من أساليبها الرخيصة شأنا يخصه بالمعنى الضيق للكلمة وهي توجب كما نتوقع وقف الدلع السياسي للمؤسسات التي تطعن المقاومة في ظهرها وتداهن لتدس سموم مكتب التواصل الأميركي في عسل الصداقة والتعاون الزائف فإن ما جرى في حي السلم هو شأن عام وقضية عامة لا تخص الحزب وحده وتستوجب وقفة ومراجعة.

ثانيا يتضح من التفاعلات والتداعيات ان إيجابية قيادتي امل وحزب الله في الضاحية الجنوبية اتجاه فكرة إزالة المخالفات تحولت إلى فخ مدبر أريد منه تأليب الجمهور ضدهما واستمالة كتلة المتضررين وامتداداتها لتكوين مناخ من النقمة يسهم في تغذية رهان منهجي اميركي سعودي لاحتضان مناوئي حزب الله وحركة أمل وتجميعهم وصياغتهم في مشروع انتخابي رصدت الرياض له أموالا وجندت وسائل إعلامية في خدمته ويمكن اعتبار ما بث ونشر بشأن حادثة حي السلم عينة من خطة سياسية وإعلامية أشمل ومن هنا فإن توقيت حملة إزالة المخالفات تزامن مع خطة مدبرة لاستثمار التداعيات غير المفاجئة والمتوقعة لجهة وجود متضررين وساخطين في الشارع وهو ما كان حريا التنبه له مسبقا بحملة تشرح الخطة وأهدافها وفوائدها وتعزل المندسين في صفوف المتضررين بدلا من ترك التطبيق الهمايوني لأجهزة قد يحرك بعضها خصوم المقاومة وفقا للمشيئة الخارجية التي تستنفرأدواتها في كل مجالات العيش اللبناني بحثا عن رأس خيط تلتقط فيها سانحة لإزعاج حزب الله وتشويه صورته.

ثالثا السلطة السياسية هي المرتكب الأول للمخالفات والتعديات في احياء الضاحية العشوائية المتروكة والمهمشة وهي تضم حي السلم وحي فرحات وحي الحرش والأوزاعي والجناح والرمل العالي والسان سيمون والسان ميشال وغيرها وتاريخيا وضع الناس بين حدين إما استمرار التهميش والفوضى وآفاتها وغياب أي عمل انمائي حكومي يخفف آلام الناس ومعاناتهم ومساكنتهم مع واقع لا وجود فيه للمرافق العامة والخدمات العامة او الوقوع تحت رحمة الرأسمال البنكي والعقاري المتلهف لطحن الأكواخ بفكيه المتعطشين للمال والدماء ووضع اليد على عقارات دسمة للبناء عليها بعد تشريد سكان عشوائياتها المكون مما يصطلح على تسميته بالبناء غير الشرعي.

المؤسف ان النواب الذين تعاقبوا نظريا على تمثيل هذه المناطق لم يطرح أي منهم مشروعا جديا للتنمية الحضرية التي تنهي هذا الواقع المزري ولو انطلقت خطة ممرحلة منذ الطائف لكانت انجزت قبل سنوات من الآن بتوفير شروط العيش الآدمي لمئات الآلاف الذين لا يعرفون المدارس الرسمية ولا المستشفيات الحكومية ولا الخدمات البلدية ولا المياه والكهرباء الشرعية لأنهم في هوامش غير معترف بها وهم أصلا خزان المقاومة الشعبي المتروك نهبا للمخدرات والآفات المختلفة ولفوضى شاملة وغير عفوية.

رابعا إثبات وجود الدولة بقمع المخالفات هو بذاته ظاهرة مرضية خضعت لها قيادتا امل وحزب الله بالابتزاز والترهيب السياسيين فالسؤال الذي طرح نفسه امس أيهما أوجه وأكثر إلحاحا في الترتيب والتوقيت مخالفات الفقراء ام مخالفات حيتان المنتجعات غاصبي الأملاك العامة البحرية المتحايلين على القانون والذين لم يجرؤ احد على الاقتراب منهم طيلة نصف قرن؟!

طبعا لانقترح المقارنة للتغاضي عن مخالفات الزعران وتجار المخدرات ومروجي الدعارة الواجب قمعها بدون تردد ومن غير رفة جفن لكن فعلا هل تقتصر المخالفات المطلوب إزالتها على اكشاك البياعين غير المرخصة مثلا ؟ المسألة وما فيها ان نظام مافيا البنوك والعقارات أقحم قيادتي امل وحزب الله في رحلة الاستسلام لمعاييره فتغاضى عن الحيتان وبل يده بالفقراء واستثمر الأمر ضد المقاومة فإن هي تغاضت اتهموها بتغطية المخالفين وإن غطت حملة القمع سعوا لاستثارة الناس عليها وهذا ما حصل بصورة غير عفوية ولا اخلاقية على الأرض وفي مواقع التواصل الاجتماعي وهو ليس بعيدا عن غرف التخطيط المشبوهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى