ماهية المرحلة الجديدة الأميركية في سورية
حميدي العبدالله
في بيان صدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتلاه مباشرةً بعد طرد داعش من الرقة، تحدث الرئيس ترامب عن ما أسماه مرحلة جديدة في سورية.
وأشار إلى أمرين لهما دلالاتهما، الأمر الأول أن القوات الأميركية سوف تستمر بتقديم الدعم للقوات المحلية. وهذا يعني أن الولايات المتحدة لن تنسحب من المناطق التي تتواجد فيها قواتها الآن والتي جاءت بذريعة مكافحة داعش، وسيتحول مبرر وجود هذه القوات من مطاردة داعش إلى تقديم الدعم للسلطات المحلية. واضح أن الإصرار على هذه الرواية يعني العمل على تقسيم سورية، حتى وإن كان تقسيم أمر واقع مفروض بقوة السيطرة العسكرية الأميركية. ويعني ثانياً أن الولايات المتحدة تمنع الدولة السورية من فرض سيطرتها على كامل أراضيها، وأن أي تقدم للقوات السورية لاستعادة المرافق العامة وفرض سلطات الدولة سيواجه بالقوة من قبل القوات الأميركية في هذه المناطق.
واضح أن تنفيذ هذه السياسة الأميركية في سورية يعني مواجهة بين سورية وحلفائها من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، مواجهة سوف تستخدم فيها كافة الوسائل، من الوسائل العسكرية إلى الوسائل الاقتصادية وانتهاءً بالوسائل العسكرية بأشكالها المختلفة، سواء مواجهات مفتوحة، أو مواجهات غير مباشرة.
بديهي أن الإصرار الأميركي على اعتماد هذه السياسة لـه كلفة وتترتب عليه تداعيات، كلفة قد ترتب على الولايات المتحدة إرسال آلاف الجنود للحفاظ على سيطرتها في المنطقة والتورط بحرب جديدة تشبه الحروب الأميركية في العراق وأفغانستان، فهل الولايات المتحدة مستعدة لمثل هذا الخيار؟
لكن في المقابل الرئيس الأميركي لم يغلق باب الحل السياسي، والأرجح أن يوظف الوجود العسكري الأميركي في مناطق محددة في سورية للحصول على تنازلات من الدولة السورية وحلفائها في إطار أي تسوية سياسية لإنهاء وجود القوات الأميركية على الأرض السورية، تنازلات بينها موافقة الدولة السورية على وجود نفوذ ومصالح أميركية دائمة في سورية، وتقليص وجود حلفائها في الحرب على الإرهاب، ولاسيما الوجود الإيراني ووجود وحدات عسكرية من المقاومة اللبنانية، أو على الأقل تحديد أماكن انتشار هذه القوات وطبيعة هذا الوجود، بما يتلاءم مع مصالح الكيان الصهيوني، هذه هي أهداف السياسة الأميركية في المرحلة الجديدة في سورية بمعزل عن قابليتها للتحقق من عدمه.