مقالات مختارة

اللعبة الروسية في سوريا… تحدي إسرائيل: ايال زيسر

 

زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شفيكو إلى إسرائيل في الأسبوع الماضي عبرت عن قوة العلاقة المتعاظمة بين إسرائيل وروسيا. كانت هذه الزيارة الأولى لوزير دفاع روسي إلى إسرائيل. وقد عبرت عن رغبة الدولتين في تعزيز العلاقة بينهما وإضافة بعد أمني واستراتيجي جديد لها .

ولكن الوقت عينه حدثت حادثة أخرى خطيرة في الجبهة الشمالية. أطلقت روسيا صاروخا على طائرة إسرائيلية قامت بالتحليق بصورة اعتيادية في سماء لبنان، وردا على ذلك هاجم الجيش الإسرائيلي ودمر البطارية التي أطلق منها الصاروخ.

حادثة أخرى في نهاية الأسبوع، عندما أطلقت قذائف صاروخية من الجانب السوري وسقطت في إسرائيل. وردا على ذلك هاجمت إسرائيل ودمرت ثلاثة مدافع سورية. بهذا أشارت إلى أنها لن تسلم بلامبالاة دمشق بشأن عمليات الاطلاق المستمرة في منطقة الحدود. ولكن لأن التصريحات التي تصل من دمشق، ومنها أيضا إعلان رئيس الأركان الإيراني الذي زار العاصمة السورية في نهاية الأسبوع، التي تقول إن إيران وسوريا لن تمكنا إسرائيل من مواصلة مهاجمة سوريا، تظهر أن الحادثة المقبلة في الحدود الشمالية هي مسألة وقت فقط.

السوريون لم يطلبوا بالضرورة الإذن الروسي من أجل إطلاق صواريخ على الطائرات الإسرائيلية، لكن يمكن الافتراض أن موسكو تعرف وهي مستعدة للموافقة على سياسة سوريا الجديدة، رفع سقف ومحاولة تحدي إسرائيل في كل مرة تعمل فيها في المناطق السورية. في الوقت عينه روسيا تعرف أيضا وهي مستعدة للموافقة على سياسة إسرائيل في سورية، وضد إرساليات الصواريخ من إيران لحزب الله. بوتين لم يتجادل مع نتنياهو في هذا الموضوع. وكل ما طلبته روسيا من إسرائيل هو التأكد من وجود قناة اتصال بين الجيش الإسرائيلي والجيش الروسي لمنع الصدامات بينهما في الفضاء السوري.

يمكن أن روسيا تفضل عدم إدخال نفسها بين الصديقتين، سوريا وإسرائيل، لهذا فهي تسمح لهما بمواصلة الشجار. هذا الأمر صحيح أيضا بالنسبة لإيران، الشريكة المهمة (حتى لو لم تكن صديقة حميمة لروسيا) التي يحتاج الروس الآن لخدماتها من أجل ضمان الانتصار النهائي للأسد في الحرب السورية.

يمكن أيضا أن روسيا تركز، بالضبط مثل الأمريكيين، على الهدف الفوري الماثل أمامها.

واشنطن تريد تصفية داعش نهائيا، في حين موسكو تريد الانتصار الكامل لبشار الأسد. لذلك فإن روسيا لا تهتم، ولا يوجد لديها الوقت للانشغال بـ «اليوم التالي»، لهذا فهي تسمح لإسرائيل وسوريا بمواصلة الشجار.

ولكن يمكن أن تبادل اللكمات بين إسرائيل وسوريا هو أمر مريح لروسيا، حيث أن التصادم والخشية من التصعيد تجعل القدس ودمشق تسقطان في أذرع روسيا وتحول بوتين إلى الشخص الكبير والمسؤول، ذلك الدور الذي تنازلت عنه أمريكا.

المشكلة هي أن تبادل لكمات موضعية ومحدودة من شأنه أن يتطور إلى مواجهة كبيرة لا يريدها أحد. ولكن يمكن أن يصل إليها الطرفان بسرعة في أعقاب رفع سقف المخاطرة في ردهما (كما فعلت سوريا في الأسبوع الماضي عندما قامت بإطلاق صاروخ على طائرة إسرائيلية كانت في مهمة روتينية).

الولايات المتحدة هي الحليفة الأهم بالنسبة لإسرائيل، بيقين في كل ما يتعلق بالدعم السياسي غير المحدود وفي الحفاظ على تفوقها العسكري والتكنولوجي على أعدائها. ولكن يبدو أنه من أجل إيجاد صيغة تضمن الهدوء في الحدود الشمالية، فإن موسكو هي الآن العنوان.

يجب علينا فقط الأمل بأن لا تقوم روسيا بتغيير سياستها في الوقوف مكتوفة الأيدي إزاء الشجار الذي اندلع بين أولاد الحي لتصبح سياسة أكثر نجاعة تتمثل في وضع الخطوط الحمر، سواء أمام السوريين أو الإيرانيين، وبشكل خاص أمام إسرائيل.

هذه الخطوط يمكنها إغلاق نافذة الفرص أمام إسرائيل، التي فتحتها أمامها الحرب الأهلية السورية للعمل وحتى الهجوم على أراضي هذه الدولة من أجل تقليص التهديد المستقبلي عليها.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى