شؤون لبنانية

محادثات لبنانية اوسترالية في بعبدا: توافق على تفعيل العلاقات

توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحاكم اوستراليا العام السير بيتر كوسغروف، على “ضرورة تفعيل العلاقات اللبنانية – الاوسترالية في مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في ما بين البلدين في المجالات كافة، وفق دينامية متجددة لتعاون يخدم مصالحهما المشتركة “.

وشدد الرئيس عون على “اهمية توحيد الجهود الدولية من اجل مكافحة الارهاب، واهمية التوصل الى حلول سياسية للازمة السورية، وضرورة الاسراع في ايجاد حل لازمة النازحين”، مطالبا ب”دعم لبنان ليكون مركزا دوليا لحوار الاديان والحضارات والاعراق معتمدا من الامم المتحدة“.

من جهته، اكد السير كوسغروف “عمق العلاقة بين البلدين التي ترتكز على روابط اجتماعية واسعة النطاق”، مبديا “التزام بلاده ازاءها ومواصلة النظر في سبل توطيدها“.

مواقف الرئيس عون والحاكم كوسغروف جاءت في خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقداه بعد محادثاتهما في القصر الجمهوري ظهر امس.

وكان حاكم اوستراليا وصل وقرينته الليدي لين كوسغروف الى قصر بعبدا عند الساعة الحادية عشرة والنصف، يرافقهما وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية الوزير المرافق بيار رفول، حيث استقبلهما الرئيس عون وقرينته السيدة ناديا الشامي عون عند مدخل البهو الداخلي للقصر، قبل ان تقام للحاكم الضيف مراسم الاستقبال الرسمي ويتوجه والرئيس عون الى المنصة الرئيسية.

وبعد عزف النشيد الوطني لاوستراليا ورفع علمها، عزف النشيد الوطني اللبناني. ثم عرض الرئيس عون والحاكم كوسغروف حرس الشرف، قبل ان يحيي الضيف العلم اللبناني. بعد ذلك، صافح الحاكم كوسغروف الشخصيات اللبنانية المستقبلة، وهي: وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، الوزير بيار رفول، المستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية السيدة ميراي عون الهاشم، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، الى مستشاري رئيس الجمهورية السفير شربل وهبة والعميد بولس مطر والاستاذ جان عزيز، ومدير الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.

ثم صافح الرئيس عون اعضاء الوفد الاوسترالي، الذي ضم، السفير الاوسترالي غلين مايلز، مساعد امين سر الحاكم PAUL SINGER MVO، مدير الشؤون الاستراتيجية سام غروفز و SARAH SHMITT وادوارد راسل.

بعد ذلك، توجه الرئيس عون والحاكم كوسغروف الى صالون السفراء وعقدا لقاء ثنائيا، رحب في خلاله الرئيس عون ب”زيارة الضيف الاوسترالي، وهي الاولى له كحاكم الى لبنان”، لافتا الى “عمق العلاقات التي تربط لبنان باوستراليا والتي ازدادت تجذرا بفعل الدور الذي يلعبه ابناء الجالية اللبنانية هناك، وقد تبوأ بعضهم مناصب ومواقع قيادية، امثال ماري بشير حاكمة ولاية نيو ساوث ويلز لمدة طويلة، وستيف براكس رئيس الحكومة السابق لولاية فكتوريا“.

وثمن رئيس الجمهورية “الدعم الذي تقدمه اوستراليا للبنان في المجال العسكري”، لافتا الى “ضرورة زيادة المساعدات التي تقدمها للجيش اللبناني الذي يضطلع بمهام حماية لبنان ومحاربة الارهاب، اكان ذلك في مجال التدريب والتجهيز او تبادل المعلومات“.

وشدد على “اهمية تعزيز العلاقات اللبنانية – الاوسترالية في المجال الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري من خلال تعزيز نشاطات غرفتي التجارة والصناعة اللبنانية – الاوسترالية في سيدني وملبورن”. واكد “ضرورة تشجيع التواصل بين المؤسسات الجامعية في البلدين“.

وعرض رئيس الجمهورية “التحديات التي يواجهها لبنان في ظل استمرار الصراع مع اسرائيل التي ما تزال تحتل جزءا من مزارع شبعا وتواصل انتهاكها لسيادة لبنان ارضا وبحرا وجوا، وتلك المتمثلة بمواجهة الارهاب التكفيري بعدما تمكن من تحرير حدوده الشرقية اخيرا“.

كما تطرق الى ازمة النازحين السوريين، فعرض “موقف لبنان الداعي الى التركيز على معالجة لب الازمة وتداعياتها”، مجددا التأكيد على انه “بات لزاما على الامم المتحدة والمجتمع الدولي بذل كل الجهود الممكنة وتوفير الشروط لعودة آمنة لهم الى بلدهم، لا سيما الى المناطق المستقرة التي يمكن الوصول اليها، او تلك المنخفضة التوتر، من دون ان يتم ربط ذلك بالتوصل الى الحل السياسي“.

ولفت في هذا السياق، الى “ما يقوم به لبنان من جهود، وآخرها توجيهه رسائل الى رؤساء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن وممثلي الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي وجامعة الدول العربية، تضمنت الموقف اللبناني من هذه الازمة وسبل حلها”، لافتا الى “العبء الثقيل الذي يتحمله لبنان نتيجة تدفق النازحين، ما يعرضه للمخاطر الاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية في حال عدم ايجاد حل لهذه الازمة“.

بدوره، عبر حاكم اوستراليا عن سعادته لوجوده في لبنان، شاكرا الرئيس عون على “الحفاوة التي لقيها مركزا على عمق الصداقة اللبنانية – الاوسترالية”. واكد ان بلاده “تتابع باهتمام ما يحصل في منطقة الشرق الاوسط عموما وفي لبنان خصوصا، وتعبر عن ارتياحها للانجاز الذي حققه الجيش اللبناني في تحرير ارض لبنان من التنظيمات الارهابية”. وابدى “استعداد اوستراليا لدعم لبنان في مواجهة تداعيات النزوح السوري الى اراضيه”، لافتا الى “اعتمادات مالية خصصتها بلاده لهذه الغاية”، متمنيا ان “تزول قريبا اسباب التوتر في الشرق الاوسط“.

وعلى صعيد التعاون الثنائي، شدد الحاكم الاوسترالي على “الرغبة في تفعيل التعاون التجاري ومواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة”، معربا عن اهتمامه “برغبة لبنان في ان يكون مركزا امميا لحوار الحضارات والاديان والاعراق”، مشددا على “استمرار دعم بلاده للجيش اللبناني ولدور المراقبين الاوستراليين في اطار مراقبي الهدنة“.

وفي نهاية اللقاء، انضم اعضاء الوفدين اللبناني والاوسترالي الى الرئيس عون والسير كوسغروف في محادثات موسعة، تناولت “مواضيع التعاون بين لبنان واوستراليا وضرورة التواصل الدائم بين البلدين وتعزيز التبادل التجاري وتنظيم رحلات جوية مباشرة“.

بعد انتهاء المحادثات، انتقل الرئيس عون والحاكم الاوسترالي الى صالون 22 تشرين الثاني وعقدا مؤتمرا صحافيا، استهله الرئيس عون بكلمة، فقال: “سعدت اليوم بلقاء السيد بيتر كوسغروف حاكم اوستراليا العام، في مستهل الزيارة الرسمية التي يقوم بها والسيدة قرينته الى لبنان. وقد لمست في هذا اللقاء مدى محبته للبنان واعجابه بحيوية شعبه، وثمنت التقدير الذي يكنه للحضور اللبناني في القارة الاوسترالية، الذي يعود لقرون مضت واصبح جزءا مكونا لها من دون التخلي عن الارتباط بالجذور. وهو مصدر اعتزاز وطني لنا“.

اضاف: “ابلغت سعادته ان ما يجمع بلدينا اكبر بكثير من مجرد التمسك بقيم السلام والديموقراطية، بل يتعداه الى احترام التعددية وحق الاختلاف والتنوع، وصولا الى الدفاع عن كل ما يصون كرامة الانسان وحقوقه، خصوصا وأن المفكر اللبناني الوزير شارل مالك والدبلوماسي الاوسترالي وليام هودغسون شاركا في وضع نظام شرعة حقوق الانسان العالمية ومرتكزاتها. كما اطلعت سعادة الحاكم على مطلب لبنان في ان يكون مركزا دوليا لحوار الاديان والحضارات والاعراق، معتمدا من الأمم المتحدة، طالبا دعم بلاده في تحقيق هذا الهدف وفي الدفاع عن حقوقنا المشروعة في المحافل الدولية، من دون ان نغفل ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومنها القرار 1701 القاضي بانسحاب اسرائيل من كامل الاراضي التي ما زالت تحتلها“.

وتابع: “شددنا على اهمية توحيد الجهود الدولية من اجل مكافحة الارهاب الذي بات خطرا شاملا يستوجب معالجات تتخطى النطاق الوطني. كما ركزنا على اهمية التوصل الى حلول سياسية للأزمة السورية وضرورة الاسراع في ايجاد حل لازمة النازحين يساهم في اعادتهم الى المناطق الآمنة في بلادهم، لا سيما وان لبنان لم يعد بمقدوره تحمل المزيد من الاعباء نتيجة ضخامة حجم هذا النزوح. وانطلاقا من عمق الروابط المتعددة التي تجمعنا، توافقنا على ضرورة تفعيل علاقاتنا الثنائية على مختلف الصعد، وتطوير آليات التعاون في ما بيننا في المجالات كافة، وفق دينامية متجددة لتعاون يخدم مصالحنا المشتركة“.

ورد الحاكم كوسغروف بكلمة، فقال: “شكرا فخامة الرئيس، انه لشرف عظيم لي ان أكون هنا في لبنان، واود ان أشكر فخامة الرئيس عون على حفاوة استقباله وعلى المباحثات الودية والمحفزة التي أجريناها عند الظهيرة. وخلال لقائنا، تناولنا، فخامة الرئيس وأنا، مدى اتساع وعمق العلاقة بين أوستراليا ولبنان، التي ترتكز على روابط اجتماعية واسعة النطاق. كما عبرت عن أمتنان أوستراليا للدور المهم الذي لعبه المهاجرون اللبنانيون في تنمية أمتنا“.

اضاف: “اليوم، تشمل العلاقة اللبنانية – الأوسترالية التعاون في مجال الدفاع والأمن؛ المساعدات الانسانية للبنانيين والسوريين المحتاجين، اضافة الى الروابط الثقافية والأكاديمية والتجارية. كما تناقشت مع فخامة الرئيس، تبقى أوستراليا ملتزمة إزاء علاقة تعاون وثيق مع لبنان، وسوف تواصل النظر في سبل توطيد هذه العلاقة، بما في ذلك من خلال بناء روابط تجارية واستثمارية“.

وتابع: “انها فعليا ثاني زيارة اقوم بها وزوجتي للبنان. واليوم، كما في المرة السابقة، ذهلنا بالجمال الطبيعي لهذا البلد، وتأثرنا بدفء شعبه وحس الفكاهة والعزم لديه. فخامة الرئيس، أشكركم مجددا على الحفاوة التي أحطتمونا بها اليوم. تتطلع أوستراليا الى استمرار العلاقة الوثيقة بين بلدينا وتوسيعها أكثر فأكثر خلال الأعوام المقبلة“.

وبعد المؤتمر الصحافي المشترك، انتقل الرئيس عون والسير كوسغروف الى صالون السفراء حيث انضمت اليهما السيدتان عون وكوسغروف وتم التقاط الصور التذكارية.

بعد ذلك، وقع الحاكم الاوسترالي سجل الشرف في البهو الداخلي، ودون الكلمة الاتية: “اود ان اتقدم بجزيل الشكر لفخامة رئيس الجمهورية ولحكومة لبنان وشعبه لدعوتنا للقيام بهذه الزيارة ولحفاوة الاستقبال الذي لقيناه. بين اوستراليا ولبنان تاريخ مشترك وعلاقات متينة. واني اتطلع لمواصلة العمل من اجل توطيد اواصر الصداقة بين بلدينا لتبلغ مزيدا من التقدم“.

وعند الساعة الواحدة ظهرا، اقام الرئيس عون مأدبة غداء على شرف الحاكم الضيف حضرها اعضاء الوفدين الرسميين اللبناني والاوسترالي، والوزراء باسيل والصراف ورفول، سفراء دول الكومنولث والقائم باعمال السفارة البابوية في لبنان وعميد السلك القنصلي جوزف حبيس واركان السفارة الاوسترالية في لبنان، الامين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي، مدير المراسم في الوزارة السفيرة ميرا ضاهر فوليديس، مدير الشؤون السياسية السفير غادي خوري، ورئيس غرفة التجارة والصناعة اللبنانية الاوسترالية فادي الذوقي وكبار موظفي رئاسة الجمهورية.

والقى الرئيس عون كلمة، فقال: “سعادة حاكم اوستراليا العام، السيدات والسادة، تلبون اليوم، والسيدة قرينتكم، دعوتنا لزيارة وطننا، فتؤكدون على عمق الروابط التاريخية المتجذرة التي تربط بلدينا وشعبينا وكم ان حضور لبنان فاعل في بلادكم الفريدة. وقد قيل ان الشمس تسعد بالشروق منها لتغطي العالم، فهي دولة وقارة في آن معا. فبأسم لبنان اقول لكم: اهلا وسهلا بكم في هذا الوطن الذي تعرفونه وتحبونه“.

اضاف: “ان لبنان المتعافى اليوم، يعتز برسالته القائمة على الحوار بين الديانات والثقافات. وهي رسالة جعلت حدوده ابعد من مساحته الجغرافية، لتصل الى امتداد العالم. والمشاريع التي يتم التحضير لها او تنفيذها عديدة وغايتها تحقيق نهضة تكون على قدر هذه الرسالة واهميتها. وليس لنا الآن، الا ان نعرب عن افتخارنا بالاغتراب اللبناني في اوستراليا. وهو حضور فيه من التضحيات والبذل في شتى ميادين العطاء، بقدر ما فيه من التعلق بقيم الجذور، وأهمها الايمان بقدرة الفرد على التفاعل مع أخيه في الانسانية، والسعي من اجل أن تتمكن روح الاخاء هذه من دفع الدول والشعوب نحو مزيد من التضامن“.

واكد “التزامنا المشترك ان نواصل بذل كل ما في وسعنا من اجل ان تبقى علاقاتنا الثنائية وعملنا معا في مختلف الميادين، من اجل اعلاء قيم الحق والحرية والسلام والاخوة واحترام حق الاختلاف. واني على اسم هذا الالتزام، وتأكيدا عليه، ارفع كأسي لأشرب نخب بلدينا وشعبينا. عاشت اوستراليا، عاش لبنان“.

ورد الحاكم كوسغروف بكلمة، فقال: “فخامة الرئيس، حضرة السيدات والسادة، أصالة عن نفسي، وباسم زوجتي وسائر الضيوف الأوستراليين، اود ان اشكركم على عباراتكم الكريمة. ان أي علاقة ثنائية تعتمد، في مداها واتساعها، على الروابط بين الشعوب، وفي هذا السياق إن أوستراليا ولبنان محظوظان. من ميادين الرياضة، مرورا بالقطاع الأكاديمي والأعمال، وصولا الى أعلى مستويات الحكومة، لقد ساهم اللبنانيون – الأوستراليون في تقدم أمتنا، وما زالوا يلعبون دورا مهما في مسيرتنا الوطنية المتطورة“.

اضاف: “بدورها، تبقى أوستراليا صديقة راسخة للبنان، ملتزمة بسيادته واستقلاله ووحدته الوطنية، ومعتزة بمساعداتنا المتواصلة في المجال الانساني وفي مجال حفظ السلام. اتمنى ان تستمر العلاقات العميقة بين شعبينا في الازدهار لسنوات مديدة. شكرا لفخامة رئيس الجمهورية وللشعب اللبناني“.

وبعد انتهاء الغداء، غادر الحاكم الاوسترالي وقرينته القصر الجمهوري حيث صافحهما الرئيس عون وقرينته عند مدخله مودعين.

وكانت اللبنانية الاولى والسيدة كوسغروف عقدتا لقاء عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الاربعين، حضرته قرينة الوزير رفول السيدة نيللي رفول ومديرة مكتب السيدة عون ميشال فنيانوس، في ما حضر عن الجانب الاوسترالي مساعدتا السيدة كوسغروف الآنستان لينيت مايس وجاكلين كومينز ومستشارة العمليات والبرامج لوريتا وبستر والسكرتيرة الثانية في السفارة الاوسترالية انطونيا دا رين.

ورحبت السيدة عون في خلال اللقاء بالضيفة الاوسترالية في لبنان، متمنية لها اقامة طيبة في ربوعه.

وكان تأكيد على “اهمية العلاقات التاريخية التي تربط لبنان باوستراليا”، كما كان بحث في “القضايا ذات الاهتمام المشترك“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى