مكافحة الهدر بالشفافية: شارل أيوب
عجز الموازنة هذه السنة هو 5 مليارات دولار، منها ملياران ونصف او ثلاثة مليارات ناتجة من شركة الكهرباء، لانه منذ سنة 1992 وحتى الان، لم تقم سياسة علمية لتأمين حاجات لبنان من الطاقة الكهربائية وتأمين الجباية السليمة كيلا تسبب شركة الكهرباء عجزاً بقيمة 3 مليارات دولار للدولة اللبنانية. فيما موازنة الدولة يزداد عجزها، وفي الوقت ذاته، يزداد الدين العام، وتسبب الفوائد على الدين العام عجزا إضافيا للموازنة اللبنانية .
في مناقصة وزارة الطاقة لزيادة تأمين حاجات لبنان من الكهرباء، اعتمدت وزارة الطاقة 4 شركات لدائرة المناقصات. فرفضت دائرة المناقصات 3 عروض لثلاث شركات لنواقص إدارية في ملفات الشركات الثلات، وأصبحت المناقصة مقتصرة على عارض واحد، وبالتالي، اصبح الامر بالتراضي.
عندئذ، توقفت المناقصة واحال وزير الطاقة الموضوع الى مجلس الوزراء، حيث ألّف الرئيس سعد الحريري لجنة وزارية لدراسة الموضوع، لكن القوات اللبنانية رفضت الدخول في اللجنة، وتمت إعادة ملف الكهرباء الى دائرة المناقصات، واعطاؤها مهلة أسبوع لاجراء المناقصة بعد مرور الأسبوع.
الموضوع الأساسي هو ان وزارة الطاقة تجري مناقصة لاستئجار باخرتين لانتاج الكهرباء تنتجان 800 ميغاوات بقيمة مليار و800 مليون دولار لمدة خمس سنوات. وبعد خمس السنوات، تعود الباخرتان الى مصدرهما.
مبلغ المليار و800 مليون دولار مبلغ ضخم جداً، ويحمّل الخزينة اللبنانية أعباء ثقيلة دون مردود هام، كما ان الدولة اللبنانية لن تملك الباخرتين بل ستدفع ملياراً و 800 مليون دولار لخمس سنوات، وبعدها تذهب الباخرتان الى تركيا ما دام الاتجاه هو نحو تركيا لاستئجار الباخرتين.
لست خبيرا في ملف الكهرباء بل مطلع على شؤون هذا الملف عبر قراءة تقارير في مواقع الكترونية كبرى وعلمية جداً وتنشر كل المعلومات عن ملفات الكهرباء في العالم.
على الموقع الالكتروني للحكومة السودانية، ان الرئيس السوداني بشير دشّن معملا لتوليد الطاقة الكهربائية على الفيول في البر اقامته شركة إيطالية بعد اجراء مناقصة شفافة ومعمل الكهرباء ينتج 1500 ميغاوات، أي نصف حاجة لبنان من الطاقة الكهربائية، مقابل كلفة مليار و200 مليون دولار، مع تقديم صيانة لمدة 5 سنوات مجانا من قبل الشركة الإيطالية، والمعمل ملك الحكومة السودانية، ويتم الدفع بالتقسيط لـ 8 سنوات.
في النشرة الاقتصادية السعودية انه تم تدشين معمل لانتاج الطاقة الكهربائية وينتج 1000 ميغاوات، وقد كلف بناء المعمل وكل لوازمه وانتاجه المملكة العربية السعودية 950 مليون دولار. والمعمل هو على البرّ وليس عبر بواخر، وهو طبعا ملك الدولة السعودية.
ثم دخلنا موقع شركة جنرال الكتريك، وهي اكبر شركة أميركية في مجال الكهرباء، وعلى الموقع عروض لبيع محطات ومعامل كهرباء، بدءا من معامل تنتج 500 ميغاوات وصولا الى معامل تنتج 10 آلاف ميغاوات. واثناء تفحّص العروض توقفت عند معمل ينتج 3 آلاف ميغاوات، أي حاجة لبنان كله وأكثر، وسعره مليارا دولار وهو تم استعماله في كندا لمدة 3 سنوات وبحالة ممتازة وأعادته حكومة كندا الى شركة جنرال الكتريك لانها قررت إقامة معمل كهرباء ينتج 8 آلاف ميغاوات وشراءه من شركة جنرال الكتريك.
ووفق العرض في شركة جنرال الكتريك على موقعها الالكتروني، فانها تلتزم بشحن المعمل بعدة بواخر وتجميعه في أي دولة من العالم غير خاضعة لعقوبات أميركية. وبالتالي، يمكن تجميعه في لبنان، ونقله خلال 5 اشهر من موقعه في اميركا الى لبنان ليكون معملا على البرّ مع عرض تقديم صيانة مجانية لمدة 5 سنوات والتقسيط لمدة 15 سنة وضمانة شركة جنرال الكتريك بأن المعمل ينتج 3 الاف ميغاوات، أي كما قلنا يعطي حاجة لبنان كله واكثر. ويكون ملك الدولة اللبنانية، ويقام على البر، وخلال 7 اشهر يكون قد انطلق العمل نهائياً، وبالتالي تنتهي ازمة لبنان الكهربائية نهائياً.
هذه المواقع الالكترونية الهامة والعالمية، بخاصة شركة جنرال الكتريك الأميركية هي مواقع لها مصداقية كبرى، فلماذا لم تضع الحكومة خطة حقيقية لحل مسألة الكهرباء ما دام ان في العالم معامل جاهزة وخلال 6 اشهر او 7 اشهر تنتج الطاقة الكهربائية لـ 3 الاف ميغاوات لتأمين حاجة لبنان كله 24 ساعة على 24 ساعة، وتكون ملك الدولة اللبنانية وعلى البرّ، بدل استئجار باخرتين تركيتين، او غير تركية، ودفع مليار و800 مليون دولار مقابل ذلك.
اذا كان لبنان يكافح الهدر ويريد الشفافية وحل مشكلة الكهرباء نهائياً فالحلول موجودة في العالم، سواء في أوروبا او في الولايات المتحدة، وبكلفة ارخص من الكلفة التي تعرضها لدفعها وزارة الطاقة اللبنانية، بدل تأليف لجنة وزارية برئاسة الرئيس سعد الحريري ورفض القوات اللبنانية الانضمام الى هذه اللجنة الوزارية بحجة ما قاله وزير القوات في الحكومة بأن الشفافية غير مؤمّنة في مناقصة وزارة الطاقة الجارية حالياً.
ليس المطلوب اجراء مناقصة لتأمين بواخر ودفع مليار و 800 مليون دولار، بل الحل في إقامة معمل كهرباء على البرّ ينتج 3 آلاف ميغاوات، وهي حاجة لبنان وأكثر، ويبدأ بإعطاء الطاقة كحدّ اقصى خلال 7 اشهر، مع صيانة 5 سنوات مجاناً وتقسيط لمدة 15 سنة.
اذا كانت الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية تفكر في وقف العجز في الموازنة العامة، وفي وقف الهدر، فعليها ان تتراجع عن استئجار بواخر بقيمة مليار و800 مليون دولار وشراء معمل على البرّ تملكه الدولة اللبنانية، وتكون الشفافية واضحة عبر تأليف لجنة وزارية وخبراء يتفاوضون مع الشركات الكبرى التي تقيم معامل كهرباء ضخمة على البرّ، منها ما يعطي الطاقة كاملة بعد 7 اشهر من خلال تجميعه على ارض للدولة اللبنانية في لبنان، ومن خلال شراء معامل توليد طاقة كهربائية بدل استئجارها لفترة زمنية وتدفع الدولة حوالى ملياري دولار ولا تكون تملك الباخرتين، ولا تملك شيئا دائما ومستمراً.
(الديار)