بقلم ناصر قنديل

تعاون سوري إيراني للردع: ناصر قنديل

يرصد «الإسرائيليون» ويتابعون زيارات المسؤولين الإيرانيين إلى سورية ومهامهم وطبيعة وظائفهم، فيميّزون بين زيارة يقوم بها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي وأخرى يقوم بها رئيس البرلمان علي لاريجاني أو مستشار المرشد علي أكبر ولايتي، كما يميّزون زيارات الجنرال قاسم سليماني عن زيارات مثل التي يقوم بها هذه الأيام رئيس هيئة الأركان الجنرال أمير باقري .

يمنح «الإسرائيليون» هذه الزيارة أهمية استثنائية ويربطونها بالسعي الروسي الإيراني المستديم لبناء معادلات ردع جديدة بوجه «إسرائيل»، خصوصاً بعد الفشل «الإسرائيلي» بالحصول على ضمانات روسية لأمنها في جبهة الجولان من دون فتح مسار ينتهي بانسحابها من هذه المنطقة السورية المحتلة، فلا يمكن لـ «إسرائيل» التحدّث عن نيات ضمّ الجولان والتمسّك بالعبث مع جبهة النصرة، وبالمقابل طلب ضمانات حول طبيعة تمركز وحدات من حزب الله في جنوب سورية، وفقاً لما نقله «الإسرائيليون» عن الروس مؤخراً.

يعترف «الإسرائيليون» بالتغير المتنامي في الموقف الروسي لصالح التعاون والتنسيق مع سورية وإيران وحزب الله، على حساب الضوابط والخطوط الحمراء «الإسرائيلية»، والذهاب لربط مشروعية المخاوف والطلبات «الإسرائيلية» بحلول شاملة تطال الجولان والعلاقات «الإسرائيلية» بالجماعات المسلحة جنوب سورية، وغالبها من تنظيم القاعدة، ما يسمح وفقاً للخبراء «الإسرائيليين»، بمنح سورية وإيران وحزب الله فرصة الحصول على غطاء روسي ضمني لبناء منظومة ردع قابلة للاشتغال مستقبلاً وبعد نهاية الحرب في سورية، وفقاً لمعادلات تبدو فيها السياسات الروسية الإيرانية السورية بعيدة عن التصادم، كما كانت تفترض «إسرائيل».

يضع «الإسرائيليون» النجاح السوري في فرض معادلة حماية الأجواء السورية واقتناع الروس بأحقيتها بوجه الغارات «الإسرائيلية» ضمن النجاحات التي حققها الرئيس السوري بشار الأسد بهدوء وصبر، وفرضت على «الإسرائيليين» الانكفاء نحو استخدام خط الاحتياط الذي تمثله الأجواء اللبنانية لاستهداف مواقع داخل الأراضي السورية، بصواريخ موجّهة مداها ستون كليومتراً، سمحت لـ «إسرائيل» بإبقاء مواقع حيوية ومدن هامة في مرمى نيرانها، من دمشق إلى حمص وحماة وصولاً لطرطوس، وهو ما يبدو مهدّداً بالزوال مع الصاروخ الأول الذي أطلقته سورية على طائرات «إسرائيلية» في الأجواء اللبنانية.

التحرّك «الإسرائيلي» العسكري والسياسي الهادف للحفاظ على هذا الهامش كحق مكتسب لـ «إسرائيل»، واعتبار تحرّك سورية لجعل الأجواء اللبنانية ضمن مدى الصواريخ السورية أمراً لا يمكن أن يمرّ، ولن يجد تفهماً دولياً، يشكل موضوع زيارة الجنرال باقري وفق الخبراء «الإسرائيليين». فالإصرار على بناء منظومة ردع على طول خط الحدود يبدو لهم قراراً تشارك فيه السوريون والإيرانيون مع حزب الله، والطلب السوري من الروس في تشكيل منظومة صاروخية تحمي عمقهم على طول الحدود من الجانب اللبناني، تمّت صياغته باستعداد إيران لتمويله وتقديمه لروسيا بحدود حذرة تحصره بعمق ستين كليومتراً من الحدود، ليكون موضع تفهّم روسيا الملتزمة بحقوق سورية الدفاعية، لكن «الإسرائيليين» يعترفون ان ذلك في حال حدوثه سيوفر مظلة دفاع جوي لمواقع وتحرّكات حزب الله على طرفي الحدود وبعمق كافٍ من الجانب اللبناني وتغطية كاملة في الجانب السوري.

– يقول خبراء «إسرائيليون» إن «إسرائيل» أمام تحديات استراتيجية بعيدة عن الكلام الإنشائي التفاؤلي الذي يطلقه الساسة «الإسرائيليون» وقادة المناورات العسكرية، وإن التحدي الجديد هو في امتلاك صواريخ جو أرض وبحر أرض بمدى مئات الكيلومترات يتيح لـ «الإسرائيليين» التحرك في العمق السوري واللبناني، ولو أن ذلك قد يجر أشكالاً بديلة من الدرع تجعل أسلحة «إسرائيل» في الجو والبحر أهدافاً لأسلحة أشد فعالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى