بوتين: نعمل في سوريا بالتوافق مع القانون الدولي
أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن محاربة روسيا للإرهاب في الشرق الأوسط تجري في إطار القانون، متهما “بعض الشركاء” بالسعي لجعل الفوضى في المنطقة مستدامة .
وقال بوتين، في كلمة ألقاها الخميس خلال أعمال الدورة الـ14 لمنتدى فالداي الدولي للحوار في مدينة سوتشي الروسية: “إن بعض زملائنا يفعلون كل ما بوسعهم من أجل جعل الفوضى في الشرق الأوسط مستدامة، بدلا من القيام بالعمل المشترك لإصلاح الوضع وتوجيه ضربة حقيقية إلى الإرهاب وعدم محاربته محاربة شكلية فقط“.
وشدد بوتين على أن “بعض التجارب الحديثة بما في ذلك القضية السورية”، تظهر أن “هناك بديلا لمثل هذه السياسية المدمرة“.
وأوضح بوتين أن “روسيا تواجه الإرهابيين بالتعاون مع الحكومة الشرعية لسوريا ودول أخرى في المنطقة، وتعمل في إطار القانون الدولي“.
وأضاف بوتين: “وأود القول إن هذا العمل والتقدم الإيجابي ليس تحقيقه أمرا سهلا، هناك خلافات كثيرة جدا في المنطقة، إلا أننا تحلينا بالصبر خلال عملنا، بدقة عالية وبدراسة كل خطواتنا وكلماتنا، مع جميع المشاركين في هذه العملية، وذلك باحترام مصالحهم“.
كما تطرق الرئيس بوتين في كلمته إلى قضية التوتر في شبه الجزيرة الكورية، معتبرا سياسة الولايات المتحدة خاطئة في هذا المجال.
وقال بوتين: “إننا بالتأكيد ندين التجارب النووية، التي تجريها كوريا الشمالية، ونقوم في الوقت ذاته بالتطبيق الكامل لجميع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن كوريا الشمالية“.
وشدد الرئيس الروسي في الوقت نفسه على ضرورة “حل هذه القضية عن طريق الحوار وليس من خلال حصر كوريا الشمالية في الزاوية وتهديدها باستخدام القوة والهبوط إلى مستوى البذاءة والشتائم“.
ولفت بوتين إلى أنه “يجب عدم نسيان أن الجمهورية الكورية الشعبية الديمقراطية هي دولة ذات سيادة”، مشيرا إلى ضرورة “حل جميع الخلافات بشكل حضاري“.
وأكد بوتين أن “روسيا كانت دائما تدعو إلى الالتزام بهذا النهج“.
وعلى صعيد قضية كاتالونيا، أكد الرئيس الروسي أنها شأن داخلي لإسبانيا، إلا أنه أوضح: “إننا رأينا إدانة مشتركة لمؤيدي انفصال الإقليم من قبل الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى، ولا يسعني إلا القول في هذا السياق: كان عليكم التفكير سابقا!”.
ولفت بوتين إلى أن أوروبا رحبت في وقت سابق بإنشاء عدد من الدول الجديدة في القارة العجوز، فيما قدمت لاحقا الدعم الكامل لانفصال كوسوفو، ما أعطى، حسب الرئيس الروسي، أرضية خصبة “لانتشار مثل هذه العمليات في المناطق الأخرى بأوروبا والعالم“.
كما لفت بوتين إلى الموقف المعارض للاتحاد الأوروبي من انضمام القرم إلى روسيا، وتابع مبينا: “إن بعض زملائنا يعتقدون أن هناك مكافحين صحيحين من أجل الحرية والاستقلال، من جهة، وهناك (من جهة ثانية) انفصاليين ليس من حقهم حماية حقوقهم حتى عبر الآليات الديمقراطية، ويشكل هذا الأمر مثالا صارخا على سياسة المعايير المزدوجة، وهو ما يمثل خطرا كبيرا على التطور المستقر لأوروبا“.
وقال بوتين: “حدة المنافسة على مرتبة أعلى في سلم السلطة العالمية تتصاعد، والآليات السابقة للإدارة العالمية وتجاوز النزاعات والخلافات الطبيعية أصبحت غير قادرة على حل المشاكل، وهي دائما لا تعمل، فيما لم يتم وضع آليات الجديدة“.
وفي إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة، أكد بوتين أن “من اعتبر نفسه منتصرا بعد الحرب الباردة أصبح يتدخل في الشؤون الداخلية لدول مختلفة“.
واعتبر بوتين أن الأمم المتحدة منظمة لا بديل لها ومن الضروري أن تبقى، بشرعيتها العالمية، مركزا للنظام الدولي.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن المنظمة بحاجة إلى إصلاحات، إلا أنها يجب أن تكون تدريجية.
واتهم الرئيس الروسي الولايات المتحدة بعدم تطبيق التزاماتها في إطار الاتفاقات حول تقليص أسلحة الدمار الشامل.
وأوضح بوتين أن “الولايات المتحدة انسحبت عام 2002 من اتفاق الدفاع الصاروخي، والآن لا تنفذ تعهداتها التي تحملتها وفقا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، التي بادرت بإبرامها سابقا“.
وأشار بوتين إلى أن الولايات المتحدة تمتلك أكبر ترسانة للأسلحة الكيميائية في العالم، لافتا إلى أنها أجلت موعد إتلافها من العام 2007 إلى العام 2023.
ولفت بوتين في هذا السياق إلى أن روسيا أكملت عمليات تدمير أسلحتها الكيميائية يوم 27 سبتمبر/أيلول الماضي، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام الغربية لم تبدي أي اهتمام بهذا الأمر، على الرغم من أهميته الكبيرة.
من جهة أخرى، توعد بوتين، خلال جلسة مناقشات منتدى فالداي، أن ترد السلطات الروسية بالمثل على أي عقوبات تفرضها الولايات المتحدة أو دول غربية أخرى ضد وسائل الإعلام الروسية، بما في ذلك شبكة “RT” ووكالة “سبوتنيك“.
وفي رده على سؤال طرحته رئيسة تحرير “RT”، مارغاريتا سيمونيان، حول الضغوط التي تتعرض لها وسائل الإعلام الروسية في الغرب، قال بوتين: “إننا في هذه القضية سنمارس الرد السريع بالمثل، وردنا المعاكس سيجري فورا لو رأينا اتخاذ أي خطوات ملموسة تقيد عمل وسائل إعلامنا“.
وأشاد بوتين بالمهنية التي تمارسها “RT” و”سبوتنيك” في تغطية أهم الأحداث في العالم، مشيرا إلى أن ذلك جرى على الرغم من أن إمكانياتهما المالية أقل بكثير من قدرات نظيراتهما في الولايات المتحدة وبريطانيا.
وفي غضون ذلك، لفت بوتين إلى ازدواجية المعايير في سياسة الغرب من حرية الإعلام، موضحا أن القنوات والصحف الأمريكية والبريطانية تتدخل بشكل سافر في الحياة السياسية الداخلية للدول الأخرى.
وبالعودة إلى قضية الأزمة السورية خلال جلسة المناقشات في المنتدى، اعتبر الرئيس الروسي أن هناك تقدما إيجابيا في عملية التسوية، موضحا أن هذا الأمر تم تحقيقه بفضل التعاون بين عدد من الدول، بما في ذلك تركيا وإيران والولايات المتحدة وكذلك السعودية وقطر.
وأشار بوتين إلى أن إنشاء مناطق خفض التصعيد يمثل أحد أهم نتائج العمل في هذا المجال بشكل عام وفي إطار منصة أستانا بشكل خاص.
وتوقع بوتين أن إقامة المناطق الـ4 لخفض التصعيد لن تسفر عن انقسام سوريا، على الرغم من أن هذا التهديد يوجد بصورة عامة.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن الخطوة التالية بعد إنشاء هذه المناطق قد تتمثل بتشكيل ما يسمى بمؤتمر شعوب سوريا لمصالحة الحكومة والمعارضة.
وأكد بوتين أن هذا الهيكل الجديد، من المخطط له أن يضم ممثلين عن الحكومة وفصائل المعارضة وكذلك جميع الطوائف العرقية والدينية.
وفي سياق العلاقات بين روسيا والسعودية، أكد بوتين عدم وجود أي أسباب لخلافات كبيرة بين الدولتين.
وقال بوتين، ردا على سؤال حول حالة العلاقات بين موسكو والرياض: “بالحقيقة كانت للسعودية علاقات جيدة مع الاتحاد السوفييتي، وعملت آنذاك قيودا حملت طابعا إيديولوجيا بحتا، لكنها لا توجد الآن، وليس هناك أي شيء يفرقنا بشكل كبير… ولا أرى أسبابا للخلافات مع السعودية والدول الأخرى في المنطقة“.
وأشار بوتين إلى أن زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، إلى موسكو في أوائل الشهر الجاري شرف كبير بالنسبة إلى روسيا، واصفا إياها بـ”الحدث التاريخي” باعتبارها أول زيارة لملك سعودي إلى البلاد.
وقال بوتين إن هذه الزيارة “تظهر أسلوب تعامل السعودية مع بناء علاقاتها مع روسيا، ووجود مصالح مشتركة لدى البلدين“.
ولفت الرئيس الروسي إلى أن موسكو لا تشعر بأي قلق من علاقات الرياض مع واشنطن، موكدا أنها لا تؤثر على استعداد روسيا للتعاون مع السعودية.
وشدد بوتين على أن زيارة الملك سلمان أتاحت و”للمرة الأولى” فرصا لعمل روسيا والسعودية في مجال التعاون العسكري التقني“.
وأعرب بوتين عن أمله في أن الصفقات حول توريد الأسلحة، التي تم إبرامها بين الجانبين خلال الزيارة، ستزداد في المستقبل القريب.