الاعتداء الإسرائيلي: لماذا الآن؟: حميدي العبدالله
اخترقت طائرات تابعة للعدو الإسرائيلي حرمة الأجواء السورية آتيةً من الأراضي اللبنانية باتجاه بعلبك، الأمر الذي اضطر الدفاعات الجوية السورية إلى التصدّي لهذه العملية، وقام العدو بعد ذلك باستهداف أحد المواقع العسكرية السورية في شرق محافظة ريف دمشق .
للمرة الأولى يشير الكثير من المحللين إلى توقيت جديد لهذا الاعتداء لا يرتبط بتقديم الدعم للجماعات الإرهابية ويعرقل خطط الجيش السوري لاستعاد الأمان والسيطرة على كلّ أنحاء سورية، إذ كانت الاعتداءات الإسرائيلية السابقة تحدّث في كلّ مرة يحقق فيها الجيش السوري تقدّماً، وعلى الرغم من أنّ الجيش السوري يحقق الآن تقدّماً كبيراً في منطقة هامة واستراتيجية هي محافظة دير الزور، وتحديداً قرب الحدود مع العراق والأردن، إلا أنّ توقيت العدوان الجديد وملابساته مرتبطة هذه المرة بأمور أخرى، ولا تشبه في دوافعها وتوقيتها الاعتداءات والتحرّشات الإسرائيلية السابقة.
يميل الكثير من المحللين إلى ربط التحرش الإسرائيلي الجديد بالقوات السورية، الذي قاد إلى ردّ سوري ثم الاعتداء الإسرائيلي على موقع للجيش السوري، بزيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى الكيان، في محاولة من تل أبيب لخلق مناخ ضاغط على زيارة وزير الدفاع الروسي ومواكبة المطالب التي تريد تل أبيب طرحها على المسؤول الروسي الرفيع، بعد فشل نتنياهو في إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق في أخذ المطالب الإسرائيلية على محمل الجدّ.
ما ذهب إليه بعض المحللين في ربط توقيت التحرّش ثم الاعتداء الإسرائيلي بزيارة شويغو أكدته وسائل إعلام إسرائيلية.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» ألمحت إلى حدوث ما حدث من تحرّش إسرائيلي ثم ردّ سوري واعتداء إسرائيلي على موقع للجيش قبل 9 أيام من وصول وزير الدفاع الروسي إلى فلسطين المحتلة للقاء المسؤولين الإسرائيليين، وتحت عنوان «رياح المواجهة» قالت «إنّ المواجهة بين إسرائيل وإيران في سورية باتت حتمية ولا رجعة عنها» ولأنّ تل أبيب تدرك أنّ هذه المواجهة صعبة ومكلفة فهي تريد الوصول إلى هدفها من دون خوض هذه المغامرة، وتعتقد أنّ زيارة وزير الدفاع الروسي توفر فرصة للضغط على روسيا ومن خلالها على سورية لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها، وهي احتواء وتحجيم إيران والمقاومة في سورية، وإبعادهما عن خط وقف إطلاق النار إذا كان متعذراً منع أي تواجد لهما في سورية. لقد أوضحت صحيفة «يديعوت أحرونوت» ما تريده تل أبيب من روسيا بمناسبة زيارة شويغو إلى تل أبيب.
وقد حدّدتها الصحيفة على النحو الآتي: «منع إنشاء قواعد إيرانية في سورية، ومنع استئناف العمل في مصنع الصواريخ السوري الذي تعرّض لهجوم إسرائيلي في مصياف، كذلك تطلب تل أبيب من روسيا العمل في إطار التسوية الدائمة في سورية على إعادة الوضع في هضبة الجولان إلى ما كان عليه وفقاً لاتفاقات وقف إطلاق النار عام 1974». كما تطالب تل أبيب «أن تكون طريق عام درعا – دمشق هي الحدّ الفاصل الذي لا يجتازه أيّ إيراني باتجاه الغرب منه».
هذه هي الحسابات الإسرائيلية التي تقف وراء دوافع توقيت العدوان الجديد على سورية.
(البناء)