أمريكا وإسرائيل ضد العرب: جدعون ليفي
كيف نزلت علينا هذه الخيرات كلها، ولِمَ نستحق ذلك؟ الهدايا الأمريكية تنزل فوق رؤوسنا الواحدة تلو الأخرى كهدايا العيد. أولا، قرار أمريكا الانسحاب من اليونسكو، وبعد ذلك مباشرة خطاب إيران. إسرائيل ردت كما هو معروف بفرح. ليس فقط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي نسب إليه اليمين هذا النجاح، بل أيضا رئيس المعسكر الصهيوني آفي غباي، سارع مرة أخرى إلى تقليد يئير لبيد ـ نشر إعلان تأييد. وتسيبي لفني لم تبق متأخرة، وقد أثبت الاثنان أنه في هذه الأيام لا توجد معارضة في إسرائيل .
وقد تجاهلوا أيضا أنه منذ فترة لم يتم نصب شرك خطير كهذا. ومنذ وقت طويل لم يكن محرجا إلى هذه الدرجة التفيؤ في ظل ترامب والاستمتاع بفضائله ـ الدولة الوحيدة في العالم التي يحظى فيها بالتقدير. ومن المحرج أيضا التفكير بأن الولايات المتحدة ستنسحب من منظمة مهمة جدا فقط من أجل إسرائيل ـ هذه خطوة لم تكن لتتخذها من أجل أي من حلفائها، من بريطانيا وألمانيا وحتى اليابان وكوريا الجنوبية، إذا واجهوا وضعا مشابها. ولا يقل إحراجا الاعتراف بأنه بسبب تأثير إسرائيل فإن الاتفاق مع إيران والذي يمثل الانجاز الدولي الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، سينهار. ما هذه العظمة، نتنياهو وترامب معا ضد كل العالم.
صحيح أن اليونسكو أكثرت من توجيه الانتقاد لإسرائيل، مثل كل المؤسسات الدولية الأخرى، لكن في معظم الحالات كان انتقادها موضوعيا وجديرا. شرقي القدس هو حقا منطقة محتلة، مثل الخليل، وكل صرخات إسرائيل لن تساعد. أيضا حرية العبادة في القدس، حقا منتهكة وبشكل فظ من قبل إسرائيل. حاولوا أن تضعوا أنفسكم مكان شخص من غزة (أو شاب من الخليل) يرغب في الوصول إلى المسجد الأقصى.
ذات مرة أخفقت المنظمة بصورة شديدة عندما تجاهلت صلة اليهود بحائط المبكى. كان يجب انتقادها بسبب ذلك. وفي الوقت ذاته اعترفت بستة مواقع في إسرائيل مواقع تراث عالمي، هذا الاعتراف جلب في أعقابه الاحترام، وربما أيضا السياح. هناك حتى ميدان في حيفا يسمى على اسم اليونسكو. لقد تم طرد إسرائيل ذات مرة من هذه المنظمة في أعقاب الحفريات في منطقة الحرم، وتمت إعادتها إلى المنظمة فقط بضغط الولايات المتحدة. لم يكن جيدا لإسرائيل أن تكون معزولة. في الوقت الحالي وفي أعقاب الولايات المتحدة يمكن أن تجد نفسها منبوذة بأيديها.
لا يوجد في هذه الخطوة صداقة كبيرة لإسرائيل، الخطوة التي قادتها عبثا سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، مسرحية ساخرة مثيرة من مدرسة ترامب، تخنق إسرائيل في تأييدها الأعمى والمتقد وتتسبب بالإضرار لها. وماذا سينتج عن ذلك؟ الولايات المتحدة ستنسحب من اليونسكو وستتبعها إسرائيل. أمريكا ترامب وإسرائيل نتنياهو تغنيان معا أغنية الصداقة. قريبا ربما يكون أيضا انسحاب مشترك من الأمم المتحدة. وأيضا هذه المنظمة انتقادية بالنسبة لإسرائيل.
قرار الانسحاب من اليونسكو بقدر ما هو محرج، تم اتخاذه في الوقت الذي انتخبت فيه سكرتيرة جديدة لهذه المنظمة وهي اوديرا ازولاي، وزيرة الثقافة السابقة في فرنسا، وهي ابنة اندريه ازولاي، مستشار ملك المغرب وأحد السياسيين المثيرين للانطباع، وهو يهودي من المغرب ناضل طوال حياته من أجل السلام العالمي في الشرق الأوسط، وهو صديق حقيقي لإسرائيل، خشي على مصيرها أكثر آلاف المرات من ترامب وغيره. يمكن الاعتقاد أن السكرتيرة الجديدة تبنت قيم والدها، الآن ستقوم بإدارة المنظمة من دون الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين عزلتا نفسيهما.
إذا كانت هدية اليونسكو من قبل ترامب هي ذات معنى رمزي، فإن قراره تخريب الاتفاق مع إيران يمكن أن يتبين فيه خطر حقيقي. لقد قرر ترامب دفع إيران نحو القنبلة النووية، وإسرائيل تصفق له على ذلك. كل العالم مع الاتفاق، باستثناء أمريكا وإسرائيل فقط، التي معظم رجال الأمن فيها يؤيدونه. النتيجة مرة أخرى: أمريكا وإسرائيل ضد إيران. كان يفضل ألا نكون في هذا النادي. ولهذه الهدايا السخية كان من الأفضل أن نقول: لا، شكرا. ولهذا القدر من مظاهر الصداقة يجب علينا أن نقول: شكرا، لدينا ما يكفي من الأعداء.
هآرتس