اليمن: الحرب التي لا أفق لنهايتها: حميدي العبدالله
من بين جميع أزمات المنطقة تبدو الحرب اليمنية هي الحرب الوحيدة المرشحة للاستمرار سنوات طويلة. ولا تلوح في الأفق نهاية لها
.
في سورية تبدو الحرب التي استمرّت سبع سنوات في فصلها الأخير. فعلى الرغم من وجود جيوش أجنبية على الأرض السورية، إلا أنه في سورية دولة وسلطة شرعية معترف بها من قبل الأمم المتحدة وغالبية المجتمع الدولي. كما أنّ الدولة السورية تفرض سيطرتها على غالبية الجغرافيا السورية، وعلى أكثر من 90 من سكان سورية الذين يقطنون المدن الكبرى وينعمون بالأمن الذي حققته الدولة السورية. والحرب على الإرهاب من قبل الجيش السوري وحلفاء الجيش السوري توشك على نهايتها، ومعالجة الوجود العسكري الأجنبي، وتحديداً الأميركي والتركي، قد حدّدت مساراته السياسية والدبلوماسية طالما أنّ هناك دولة سورية تسيطر على مجمل الوضع.
العراق هو الآخر على وشك الانتصار على الإرهاب، وإعادة الأمن والاستقرار إلى كلّ أنحاء العراق، بعد كلّ ما حلّ به من فوضى مسلحة وخراب ودمار منذ الاحتلال الأميركي عام 2003، وحتى القضية الجديدة المتفجرة والمتمثلة باستقلال إقليم كردستان فإنّ أفق التصدّي لها ومعالجتها واضح.
اليمن هو البلد العربي الوحيد الذي عصفت به الحرب، ولا تلوح في الأفق نهاية لها.
الدولة الشرعية غير موجودة في اليمن وهي موضع نزاع على نحو يختلف عما هي عليه الحال في سورية والعراق. حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي لا يعترفان بشرعية السلطة التي تتعاون مع التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والذي شنّ الحرب على اليمن للاستيلاء على السلطة وتثبيت السلطة القديمة المطعون بشرعيتها. وتوازن القوى العسكري لا يسمح لأيّ فريق أن يحسم الوضع لمصلحته، كما جرى في سورية والعراق، وإمكانية التوصل إلى حلّ سياسي على قاعدة تقاسم السلطة دونه عقبات كثيرة، وموقع اليمن الجيواستراتيجي يدفع الدول الكبرى والقوى الإقليمية للتصارع للحصول على موقع ممتاز في هذا البلد، والعلاقة بين شماله وجنوبه تعاني من مشاكل وتعقيدات بالأساس، وجاءت الحرب لتزيد من هذه التعقيدات. ومن الصعب حصول وفاق إقليمي ودولي حول اليمن يسهّل فرض الحلّ أو الوصول إلى نهاية للحرب اليمنية.
للأسف الشديد تتحوّل اليمن اليوم إلى ساحة لاستنزاف الجميع، وشعب اليمن هو الذي يدفع الثمن غالياً.
(البناء)