التهويل: “نمور من ورق”
غالب قنديل
يضج الإعلام العالمي والعربي واللبناني بالويل والثبور وعظائم الأمور بناء على التلويح الأميركي بعقوبات جديدة ضد حزب الله وبموقف تصعيدي ضد إيران وبالمقابل تتلقى اطراف محور المقاومة ذلك العصف بثبات وقوة وبتصميم على المواقف والخيارات الحرة المناهضة للهيمنة الاستعمارية الصهيونية وللحكومات التابعة والقوى التكفيرية التي زج بها الاميركيون في حروبهم للنيل من محور المقاومة .
اولا: نحن نتعامل مع عدو مهزوم يريد الثأر لهزيمته ويسعى إلى الحد من تداعيات انتصار محور المقاومة واندحار الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية التي استهدفت المنطقة العربية والمشرق بالذات أي إيران والشرق العربي: سورية والعراق ولبنان.
بعد سبع سنوات من انطلاق هذه الغزوة هزم الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي على الأرض وفشل في إغراق المنطقة بسيول من الدماء لثلاثين عاما كما خططت اجهزة الاستخبارات الأميركية والغربية والصهيونية وأذيالها من حثالات التوابع العرب وبعدما أغرقت المنطقة بزمر الأخوان والتكفيريين وشتى صنوف الرعاع والمرتزقة المتوحشين والقتلة الذين حشدوا بمئات الآلاف من جميع انحاء العالم لتدمير سورية والعراق ولبنان وتلوح النتيجة المقبلة نقية ناصعة ويبشر بها قادة العدو الصهيوني المرعوبون قبل سواهم وكيانهم هزته الخيبة الكبرى وهو اولوية الأولويات الأميركية في المنطقة.
ثانيا: الهزيمة التي انتهت إليها غزوة السنوات السبع وما فرضه صمود سورية والمقاومة والعراق والحلف الروسي الصيني الإيراني من تحولات عالمية وإقليمية تعني سقوط الحرب بالوكالة وفشلها بينما فشلت قبلها الحرب بالجيوش الأميركية والصهيونية مرات ومرات وخصوصا عامي 2003 في العراق و2006 في لبنان.
العدو الإمبريالي الصهيوني ووكلاؤه وعملاؤه هزموا في ميادين القتال وباتوا نمورا من ورق يهولون على محور المقاومة بالعقوبات التي جربت وكسرت وأثبتت فشلها وعلى الرغم مما يقال عن أثرها الاقتصادي المحتمل والذي تشكو منه روسيا على سبيل المثال لكن إرادة الاستقلال والصمود والسيادة قادرة على اجتراح خطوات المجابهة السديدة والشراكات الدولية المتاحة واضحة وعبارة الرئيس بشار الأسد “التحول شرقا” هي كلمة السر المجدية.
ثالثا: التكيف مع العقوبات لا يفيد وهو ما جربه لبنان بنتيجة تناقضات وتوازنات السلطة السياسية التي تحوي قوى تابعة ومتكيفة بل وبعضها متواطيء مع المشيئة الأميركية بينما النموذج الروسي والإيراني والسوري الصلب برفضه للعقوبات وبحثه في البدائل هو الذي يثبت جدواه وأي خسائر ناتجة عن خيار المواجهة هي من ضريبة الاستقلال وتكاليف السيادة والكرامة الوطنيين كما سبق ان قال الزعيم جمال عبد الناصر في خطاب رده على قطع المعونات الأميركية بسبب التصميم المصري على امتلاك مقدرات الدفاع الوطني وبناء السد العالي.
اما التعامل مع العقوبات على انها قدر والسعي إلى التكيف معها بالتعاون مع الإدارة الأميركية والحكومات التابعة في المنطقة فهذا يشجع الحلف الأميركي الصهيوني على المضي في تصعيد حلقة الضغوط وشد الخناق على الاقتصاد اللبناني لتأليب المجتمع ضد المقاومة بينما تضيق الهوامش اللبنانية ويقترب وقت الاختيار فإما سيادة كاملة او تبعية كاملة ومن الواضح أي الطريقين يؤمن مصالح البلد العليا وما على اللبنانيين سوى الاختيار بين دولة سيدة قوية او مستعمرة ذليلة تابعة تعاقب من يتحدى الغطرسة الصهيونية ومن يحمي بلده ومجتمعه من التهديد التكفيري المتوحش.
رابعا: بعد هزيمتها في حروبها المباشرة ام في حروب الوكالة باتت القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية نمورا من ورق على حد تعبير ماوتسي تونغ قائد الثورة الصينية ومؤسس الدولة العظمى التي تشق طريق صعودها وسط دهشة العالم وبالتالي فالتهويل لا يجب ان يخيف احدا ولا ان يعطل التفكير الخلاق في سبل مقاومة الضغوط بدلا من الالتفاف عليها من موقع قبولها والتكيف معها والسعي للتحايل عليها.
لبنان بمفرده قد لا يستطيع الكثير لكن لبنان ومعه محور المقاومة وشركاؤها الكبار في العالم يستطيع ويستطيع هذا ما تعلمناه في رحلة تحدي الغطرسة الاستعمارية الصهيونية وعلينا اليوم ان نصد العقوبات برفضها وبتوجيه الأسئلة عن العدوان الأميركي الصهيوني الذي يستهدف بلدنا بكل الوسائل والأدوات منذ ما يزيد ثلاثين عاما وقبل ان يدين الأميركي أبطالا لبنانيين جابهوا قواته على أرض بلدنا علينا ان نسأله عما كان يفعله جنود المارينز الذي قدموا من اعالي البحار ليفرضوا على شعبنا المشيئة الصهيونية وليؤازروا المحتل الصهيوني الغاصب فبأي منطق يسأل اللبناني عن سبب قتاله ضد الأميركي الذي انتهك سيادة وطنه وساند المحتل الصهيوني لبلاده؟