الضغط على إيران سيكون مجديا!: يوآف ليمور
تفيد سلسلة البيانات والتصريحات الحازمة المهددة من جانب موظفين كبار في الحكم الإيراني إلى أمر واحد ووحيد ـ الضغط .
هذا الضغط واضح ومفهوم. فالاتفاق النووي جيد لإيران. صحيح أنها أرادت أكثر، ولكن لا شك أنها بالاتفاق الذي تحقق كسبت أكثر مما خسرت. فقد كسبت رفع العقوبات التي معناها الوقت لبناء الاقتصاد، وكسبت الهدوء للتحرك بلا عائق على ثلاثة مسارات: تطوير الصواريخ، تصدير الإرهاب والبحث العلمي النووي.
هذه المكاسب كانت معروفة أيضا عشية توقيع الاتفاق النووي. وكانت القوى العظمى قررت التنازل، لأسباب السذاجة (الولايات المتحدة)، التهكم (روسيا والصين) والرغبة في الصفقات (أوروبا). أما إسرائيل، التي حذرت على نحو ثابت، فقد وجدت نفسها في السطر الأخير خارج دائرة التأثير؛ في العالم فضلوا تصديق طهران، وليس القدس.
صحيح أن الرئيس ترامب يصف الاتفاق النووي «بالسيئ»، وعن حق، ولكن مشكوك أن يكون بوسعه تغييره. هذا ليس اتفاقا أمريكيا بل دوليا، والشركاء الآخرون فيه (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وألمانيا) أوضحوا منذ الآن بأنهم سيعارضون إلغاءه بل حتى إدخال تعديلات عليه. كما أن المعارضة من الداخل، في مجلس الشيوخ ومجلس النواب، بالتأكيد لا تجعل الحياة سهلة عليه في تطلعه إلى تحويل الأقوال إلى أفعال.
على أي حال، ليس لدى الأمريكيين أي أدلة بأن إيران تخرق الاتفاق. صحيح أنهم في طهران يضعون المصاعب في وجه الرقابة من جانب مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن ليس في ذلك مثابة «مسدس مدخن». في إسرائيل أيضا، التي تتابع إيران بدقة يعترفون بأنه لا توجد مؤشرات على نشاط محظور ـ ولِمَ يكون؟ كما أسلفنا، جيدا لإيران مع الاتفاق، ولا منطق في أن تخرقه. وعليه، فلا احتمال أيضا في أن تخرج منه بنفسها، برغم تهديداتها.
ولكن إيران بعيدة عن أن تكون ساذجة. فالأعمال القانونية ظاهرا التي تقوم بها (وبعضها تخرق مواثيق وقرارات أخرى) تقربها عمليا من القنبلة. فالتجارب على أجهزة الطرد المركزي المتطورة ستسمح لها بتخصيب اليورانيوم بسرعة بعد نفاد مفعول الاتفاق، والصواريخ ستكون المنصة التي تسمح لها بأن تحمل البشرى النووية إلى مسافات بعيدة.
من هنا أيضا ينبع الضغط الإيراني. حتى إذا لم يلغَ الاتفاق النووي، يمكن للإدارة في واشنطن أن تمس جدا بالخطة الأوسع: في البحث العلمي، في المشتريات، في مشروع الصواريخ. وعلى الطريق يمكن أيضا جعل حياة كبار مسؤولي النظام ومبعوثيه من الحرس الثوري وقوة القدس أصعب؛ مصادرة أموال، عقوبات وأوامر اعتقال دولية ستوضح بأن إيران بقيت، على الأقل، بمثابة مشبوهة.
لإسرائيل دور مهم في هذا السياق. عليها أن توفر المعلومات الاستخبارية والأدلة، ولعله أيضا تأتي في المستقبل اللحظة التي ستكون فيها مطالبة بأن تعود إلى دور «المجنونة» التي تهدد بالهجوم. ولكن دروس السياقات التي سبقت الاتفاق النووي تفيد بأن خيرا تفعل إسرائيل إذا ما أدارت الخطوة بتواضع، في الغرف المغلقة وبالتأكيد الا تتخذ صورة من يقودها. هكذا تمنع صداما محتملا آخر مع القوى العظمى وإلقاء المسؤولية على إسرائيل في حالة فشل الخطوة.
تفيد تجربة الماضي بأنه طالما بقي أمام إيران تهديد حقيقي ـ فإنها تكون أول من يتراجع. وسيكون هذا الآن أيضا اختبارا للإدارة في واشنطن. فالاتفاق النووي لن تنجح على ما يبدو في تغييره، ولكن بوسعها أن تجبر إيران على النزول من الطريق السريع إلى درب ترابي كثير التقلبات بنهاية مجهولة.
إسرائيل اليوم