الغارديان: كيف تقوم الاستخبارات الأميركية بتجنيد الأكاديميين؟
لإغراء العلماء النووين للخروج من بلدان مثل إيران وكوريا الشمالية، تقوم الاستخبارات الأميركية، بشكل روتيني، بإرسال عملاء إلى المؤتمرات الأكاديمية، أو تستضيف مؤتمراتها الوهمية التي تنظمها بنفسها، لتبدأ من هناك تنفيذ هذه المهمة .
ورد ذلك في تقرير طويل نشرته صحيفة غارديان عن كيفية تجنيد الاستخبارات الأميركية المختلفة سرا العلماء المعنيين، موضحة أن الاستخبارات تبدأ استعداداتها قبل أشهر عديدة وتنفق أموالا طائلة في هذا المجال.
وتستخدم الاستخبارات في الغالب شركات متخصصة واجهةً، وتقوم بتمويلها لعقد المؤتمر في مراكز متخصصة غير مشبوهة بدول أجنبية، وتجهز الدعوات للمتحدثين والضيوف وتزرع العملاء وسط الطباخين والعاملين الآخرين، كل ذلك لإيقاع العالم النووي الإيراني، على سبيل المثال، في حبائلها وإغرائه لمغادرة البلاد.
ويقول التقرير في حالة مرافقة حراس حكوميين للعالم المعني بالمؤتمر، يمارس عميل الاستخبارات أساليب عديدة للفصل بين الحراس والعالم ولو لبضع دقائق فقط، والانفراد به. فأحيانا ينتظر حتى ينام الحراس بالليل ويكون العالم مستيقظا، فيذهب إلى غرفة العالم بالفندق وبهدوء يطرق الباب ويبدأ عمله، وفي بعض الأحيان يضطرون لتسميم الحراس إلى حد إصابتهم بالإسهال والتقيؤ.
وفي بعض الأحيان، تنهار كل الترتيبات لسبب صغير مثل أن ينتقل العالم إلى فندق آخر بعد أن يضيف حوالي 50 دولارا للميزانية التي رصدتها له حكومته للسكن أثناء المؤتمر.
وفي بعض الحالات يستخدم عميل الاستخبارات، بعد أن ينفرد بضحيته، أسلوب الصدمة مثل أن يحيي العالم قائلا “سلام حبيبي.. أنا من الاستخبارات المركزية الأميركية وأريد أن تصعد معي إلى الطائرة المغادرة إلى الولايات المتحدة”، ويبدأ العميل قراءة آثار صدمته على العالم: خليط من الصدمة والخوف وحب الاستطلاع.
ويكون العميل على دراية، من خلال خبرته السابقة مع العلماء المنشقين الهاربين، بأن للعالم آلاف الأسئلة داخل رأسه: ماذا عن أسرتي؟ أين وكيف أعيش؟ كيف تحمونني؟ هل لدي وقت لأخذ أغراضي وحزمها؟ ماذا يحدث لي لو رفضت؟
ويبدأ العالم في توجيه أسئلته، لكن العميل سيقاطعه ويقول له “أولا، خذ سطل الثلج”. العالم: لماذا؟ العميل: إذا استيقظ أي من حراسك، يمكنك أن تقول لهم إنك ذاهب لإحضار بعض الثلج“.
وتنفق الاستخبارات الأميركية سرا ملايين الدولارات لتنظيم مؤتمرات على نطاق العالم لإغراء العلماء، وأفضلهم من يكون من إيران أو كوريا الشمالية أو الصين أو ليبيا أو روسيا وغيرها. وقد نظمت العديد من المؤتمرات لذلك قبل إبرام الاتفاق النووي مع طهران لتعطيل سير البرنامج النووي الإيراني. وفي الغالب لا يكون المشاركون من الأكاديميين في المؤتمر على علم بالمنظم الحقيقي للمؤتمر وبأنهم يشاركون في دراما تحاكي الواقع. ولو كانوا يعلمون ربما لن يوافقوا على المشاركة.
ويقول التقرير إن المؤتمرات الأكاديمية تُكرس في الغالب للتجسس أكثر من غيرها من مجالات الأنشطة الأكاديمية، ويشارك فيها عملاء مخابرات أكثر من الأكاديميين، وتُقاس أهمية المؤتمر ليس بعدد الحائزين على جائزة نوبل أو خريجي أوكسفورد المشاركين فيه، بل بعدد الجواسيس الذين يحضرونه.
الاستخبارات الأميركية وغيرها من أجهزة الاستخبارات في العالم تحشد عملاءها في المؤتمرات للأسباب نفسها وهي إما إغراء العلماء بالهروب من بلدانهم وإما تجنيدهم لكشف أسرار دولة أخرى وغير ذلك، وتمثل المؤتمرات أفضل البيئات للإغراء والتجنيد.