مقالات مختارة

ما الذي يربط بين كولومبوس وفلسطين؟: الداد باك

 

احتفل في أرجاء الولايات المتحدة أمس بيوم كولومبوس، العيد الوطني على شرف المستكشف الذي اكتشف أمريكا قبل 525 سنة. وكان الرئيس روزفلت قرر إحياء «يوم كولومبوس» قبل ثمانين سنة، في الفترة التي كانت الولايات المتحدة تحتاج فيها إلى تعزيز المشاعر القومية للتغلب على إحدى الفترات الأصعب في تاريخها. وفي السنوات الأخيرة تطالب منظمات تكافح في سبيل الاعتراف بحقوق السكان الأصليين في أمريكا، ممن تمت تصفيتهم بمنهاجية في أعقاب اكتشاف الأوروبيين لـ «القارة الجديدة»، بدعم من اليسار الليبرالي، باستبدال «يوم كولومبوس» بـ «يوم الأصليين ».

لقد جند الفلسطينيون ومؤيدوهم في اليسار الأمريكي هذا الصراع لأغراضهم. وقام نشطاء «طلاب من أجل العدالة لفلسطين» بعقد مؤتمرات ومسيرات في الجامعات الأمريكية تحت شعارات «نزع الاستعمارية عن يوم كولومبوس»، «لا يُحتفل بقتل شعب» و»لنلغي يوم كولومبوس». وفي الدعوة للمشاركة في المناسبات كتب المبادرون يقولون: «كأصليين تعلمنا بأن كولومبوس اكتشف أمريكا. ولا يظهر التاريخ فقط بأن هذا ليس صحيحا، بل أيضا بأنه لا يوجد أي سبب يدعونا لأن نحترم كولومبوس. فقد قتل، استعبد وعذب الأصليين الأمريكيين ممن ساعدوه هو وفريقه». وبعد ذلك ينتقل المحتجون إلى خلق علاقة بالحاضر: «إسرائيل تستخدم مثل هذا العنف ضد الشعب الأصيل لفلسطين. فالعائلات تتعرض للتنكيل على أساس ثابت، بينما تواصل إسرائيل على نحو منهاجي تنفيذ تطهير عرقي مثلما فعلت في السبعين سنة الأخيرة».

لقد تمت إقامة الموقع الإلكتروني النشط Think Progress «لتحسين حياة كل الأمريكيين من خلال الأفكار التقدمية» من أجل «تغيير الخطاب وتغيير بلادنا على حد سواء». وفي العام الماضي، في إطار الاحتجاج ضد «يوم كولومبوس» نشر الموقع مقالا للصحافي اللبناني الأمريكي، جستين سلحاني، تحت عنوان «الكفاح من أجل حقوق الأصليين ينتشر إلى فلسطين». «مثلما يتعاطى الأصليون الأمريكيون مع يوم كولومبوس، هكذا يرى الفلسطينيون يوم قيام دولة إسرائيل، الذي يحيونه في كل سنة في 15 أيار، كيوم النكبة»، كتب يقول. صحيح أنه يعترف بوجود يهودي تاريخي في بلاد إسرائيل وفي الشرق الأوسط، ولكنه يدعي بأن «اليهود الأصليين يواصلون المعاناة في حدود إسرائيل ـ اليهود الشرقيون يواجهون العنصرية المتزايدة من جانب اليهود الأشكناز». ومفهوم أنه ينبغي أن يضاف إلى ذلك معاناة الأصليين الفلسطينيين.

إن عزو التاريخ الأمريكي في مصلحة القضية ينضم إلى السيطرة الفلسطينية الثابتة على حركات الاحتجاج في الولايات المتحدة على أنواعها: ليندا صرصور مثلا، أصبحت إحدى الناطقات الرئيسات باسم كفاح منظمات النساء فيما تخلق دمجا مميزا بين النسوية والإسلامية باسم المقاومة للعنصرية. صرصور، من مواليد بروكلين، التي قادت «مسيرات النساء» في يوم أداء ترامب اليمين القانونية، أصبحت أيضا إحدى قادة حركة الاحتجاج الإفرو أمريكي BLM («حياة السود معتبرة»)، التي اتخذت ألوانا لها هي ألوان العلم الفلسطيني، الأسود، الأخضر، الأحمر والأبيض.

لا يمكن لإسرائيل أن تتجاهل هذه الظاهرة المنتشرة المتمثلة بالسيطرة الفلسطينية على روايات الأقليات في المجتمع الأمريكي، ولا سيما في ضوء حقيقة أن الخطاب المناهض للاستعمار والإمبريالية يتجاهل أن العرب والمسلمين، بمن فيهم «الفلسطينيون»، كانوا ولا زالوا ظاهرة استعمارية وليسوا ضحية للتاريخ ـ حتى وإن كانوا على مدى فترة قصيرة جدا في تاريخهم يخضعون للنظام الاستعماري.

اسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى