هل تتجه المنطقة إلى مواجهة مع إيران؟: اليكس فيشمان
المواجهة بين إسرائيل وإيران التي تجري علنا على الأرض السورية، تصبح حقيقة لا مرد لها.
يتبين أن النظام الإيراني لا يأخذ على محمل الجد التحذيرات التي أطلقها علنا قادة جهاز الامن الإسرائيلي، وهو يواصل بثبات الاتصالات مع الحكم السوري والجولات الميدانية لغرض إيجاد مطار عسكري، قرب دمشق، يستخدم قاعدة لأسراب الطائرات القتالية للحرس الثوري الإيراني. وبالتوازي تتقدم الاتصالات بين الإيرانيين والسوريين أيضا لغرض الحصول على رصيف إيراني عسكري بحكم ذاتي في ميناء طرطوس وإقامة فرقة إيرانية عسكرية على الأراضي السورية .
لقد أوضحت إسرائيل من جهتها للإيرانيين، للسوريين وللروس على حد سواء بأنها لن تسمح بوجود إيراني في سورية، وضمنا هبوط طائرات قتالية أو إقامة رصيف إيراني في ميناء طرطوس.
تعتقد السياسة الإسرائيلية في الأزمة الحالية بأنه لا يوجد أي سبيل دبلوماسي لإحداث تغيير مهم في السلوك الإقليمي الإيراني، وعليه فإن السبيل الوحيد لمعالجته هو من خلال تشديد العقوبات، أي العقاب، أو من خلال ما يسمى «أزمة أخرى»، أي تهديد عسكري على إيران، في سورية أو في كل ساحة أخرى في المنطقة. والأجواء التي تخلقها إدارة ترامب ضد الاتفاق النووي تساهم بريح إسناد لعاصفة الإعصار التي تقترب من هنا.
إن الجهود لمنع التدهور ستستأنف على الفور بعد الأعياد. فبعد تسعة أيام سيصل إلى إسرائيل وزير الدفاع الروسي، سيرجيه شويغو، لعقد لقاء مع وزير الدفاع افيغدور ليبرمان ومع قيادة جهاز الأمن. وفي الغداة سيسافر وزير الدفاع إلى لقاء في الولايات المتحدة مع وزير الدفاع الأمريكي الجنرال جيمز ماتس. وفي مركز كل هذه اللقاءات سيكون الموضوع الإيراني، سواء على المستوى الإقليمي أم على المستوى العالمي، بينا في الخلفية يلمح الرئيس ترامب بتغيير محتمل في سياسة الولايات المتحدة تجاه الاتفاق النووي مع طهران.
في استماع في الكونغرس جرى الأسبوع الماضي أعلن الجنرال ماتس بأنه يعارض كل تغيير في سياسة العقوبات على إيران. وفي لقائهما في واشنطن سيعرض ليبرمان عليه تقويم الوضع في إسرائيل والذي يعزز موقف ترامب ويشير إلى حلقات الضعف الثلاث في الاتفاق النووي. الأولى ـ بعد عشر سنوات، مع نهاية الاتفاق، لن تكون أية آلية لجم لاستئناف السباق النووي الإيراني؛ الثانية ـ الاتفاق الحالي يسمح لإيران بمواصلة البحث والتطوير للسلاح النووي، وعليه فإنها يمكنها أن تمنع المراقبين من الدخول إلى بضع عشرات المنشآت العسكرية التي لا تظهر في الاتفاق كمواقع يتوجب المراقبة عليها؛ والحلقة الثالثة ـ ليس في الاتفاق أي لجم دولي لمجال تطوير الصواريخ.
برغم هذه التعليلات، مشكوك أن تتمكن إسرائيل من تغيير موقف جهاز الأمن الأمريكي في المجال النووي. نجاح أكبر متوقع لها في تجنيد دعم البنتاغون لتصعيد الحرب ضد التوسع التآمري لإيران في الشرق الأوسط، من اليمن وحتى غزة ولبنان. وتلميح عن هذه الحرب قدمته أمس «التايمز» اللندنية، التي أفادت بالخطة الأمريكية لضرب حزب الله كجزء من حربها ضد إيران وفروعها. وتندرج هذه الحرب جيدا في الصراع السري المنسوب لإسرائيل ضد التوسع الإيراني في المنطقة وضد تهريب السلاح.
بخلاف نظيره الأمريكي، فإن مدى نفوذ وزير الدفاع الروسي على وضع السياسة تجاه إيران هامشي، إذا كان قائما على الإطلاق. شويغو هو رجل تنفيذي ـ ما اتفق عليه في اللقاء بين بوتين ونتنياهو قبل شهر ونصف الشهر، سيجمله شويغو مع الإسرائيليين وينفذه. ولكن في ما يتعلق باستئناف العقوبات على إيران لن يكون لإسرائيل أي تأثير مشترك مع الروس.
ستطلب إسرائيل من الروس منع إقامة القواعد الإيرانية في سورية ومنع استئناف نشاط المصنع لانتاج الصواريخ في سورية، والذي تضرر في قصف مجهول قبل بضعة اسابيع. كما ستطلب إسرائيل من الروس بان في كل تسوية دائمة في سورية تعود هضبة الجولان إلى اتفاقات وقف النار في 1974، والتي تلزم بالتجريد الكامل لقاطع بعرض 5 كيلو متر عن خط الحدود وتخفيف حجم القوات في عمق سورية. بل إن إسرائيل ستطلب أن يكون طريق درعا ـ دمشق الخط الذي لا يتجاوزه أي إيراني في اتجاه الغرب.
صحيح أن الروس لم يعارضوا حتى اليوم الطلبات الإسرائيلية في كل هذه المسائل المتعلقة بالانتشار الإيراني في سورية ولكن يتبين لإسرائيل في الأشهر الأخيرة غير قليل من الخلافات الجوهرية بين المصالح الإيرانية والمصالح الروسية الأمر الذي من شأنه أن يلعب في مصلحتها. فضلا عن ذلك يحتاج الروس لإسرائيل في عدة مجالات، أولها هو المجال الاستخباري. وصحيح أن الروس أعلنوا مرتين في السنة الماضية عن الانتصار في روسيا، إلا أنهم يواصلون خوض قتال يومي ضد قوات داعش وجبهة النصرة التي تطاردهم وتلحق بهم خسائر في الأنفس والممتلكات. في مثل هذا الوضع لا يحتاج الروس إلى جبهة أخرى على الأراضي السورية بين إسرائيل وإيران وحزب الله، ما يجعل من الصعب عليهم تحقيق سياسة المصالحة.
وفي هوامش الطريق يوجد أيضا ما يعتبر كالدعم الإسرائيلي للدولة الكردية المستقلة. لا بد أن للروس ما يقولونه لإسرائيل في هذا الموضوع أيضا، وأن يطلبوا منها تخفيف حدة الاستعراض أكثر فأكثر. أما إذا لم تحقق الخطوة الدبلوماسية الإسرائيلية ثمارها، فإننا نسير نحو مواجهة مع الإيرانيين.
يديعوت