ماذا لو مثّل أكونيس الحكومة في يوم الغفران؟: جدعون ليفي
على فرض أن وزير العلوم اوفير اكونيس، أو حتى تخيلوا، وزير الدفاع افيغدور ليبرمان، جاءا بجلالهما لتمثيل الحكومة في ذكرى شهداء حرب يوم الغفران في جبل هرتسل. هل الآباء الثكالى والأيتام والأصدقاء كانوا سيكونون أكثر سعادة، أكثر تصالحا؟ لِمَ هذا مهم لهذه الدرجة، أن الوزيرة غيلا غملئيل حضرت في ذلك اليوم إلى كريات شاؤول ورددت «الأرض احترقت من تحتهم وبطولتهم أضاءت»، لِمَ مَن سيأتي مهم لهذه الدرجة، وفي الأساس من لن يأتي إلى هذا الاحتفال بالذكرى .
الفضيحة الكبرى التي اندلعت إزاء «الإهانة» في جبل هرتسل هي فضيحة غير متناسبة. وقد قال شعبويون «هذه إهانة أخلاقية» و»تحقير للمقاتلين» و»مس بالسيادة». المواطنون غضبوا ويتعاملون مع هذا الحزن كما في الفضيحة السابقة، بالضبط قبل ست سنوات. أيضا في حينه لم يحضر ممثلو الحكومة إلى احتفال الذكرى، وكان هناك شعور بأن هذا نهاية العالم. يمكن تفهم مشاعر من يريد التمسك بكل مواساة ممكنة وبكل رمز سلطوي وبكل مقولة من أجل التخفيف من الألم. وليس هناك شك أن حقيقة عدم مجيء أي وزير هي أمر مخجل. ولكن المغزى الدراماتيكي والوجودي تقريبا، الذي أعطي لهذا الأمر يثير موضوعا أكثر أهمية: الإسرائيليون يضعون مصيرهم في أيدي حفنة من السياسيين، الذين هم بالمناسبة يحبون الاستخفاف بهم.
المعنى واحد: الإسرائيليون يتهربون من المسؤولية. عندما يعطون حق المشاركة في احتفال فارغ أهمية مصيرية بهذا القدر فإن المعنى هو أن يضعوا في أيديهم المسؤولية عن كل شيء، مثل الأطفال الذين يتهمون آباءهم بكل شيء وغير مستعدين لتحمل أي شيء، هكذا أيضا الإسرائيليون. ليسوا مذنبين بأي شيء. لا يتحملون المسؤولية عن أي شيء. هؤلاء هم وليس نحن. إهانة في جبل هرتسل.
عندما يقتل مختل عقليا حشدا من الناس في لاس فيغاس تتوجه الأنظار حالا إلى غرفة العمليات في القدس: وزارة الخارجية ستفحص لنا وضع «من انقطع الاتصال معهم»، والذين هم بشكل عام الإسرائيليون الذين استيقظوا متأخرا ولم يشغلوا هواتفهم المحمولة. القنصل يذهب ويفحص أين ابني الذي ضل طريقه أو كان يتعاطى المخدرات. لا يوجد مثل هذا الأمر في أية دولة. التوقع هو أن الدولة ستنقذنا، وأن السياسيين سيخلصونا، هم المتهمون بكل شيء، هم المسؤولون عن كل شيء، السلام أو الحرب. الكارثة أو الحادثة، وكل المسؤولية تقع عليهم. والإسرائيليون لا يتحملون أية مسؤولية. إذا كانت هناك أزمات في الشوارع نقول ما هذه الدولة. لا توجد أماكن لوقوف السيارات؟ ما هذه الحكومة. قمامة في الشوارع؟ ما هذه البلدية. إلقاء المسؤولية هذا له أساس من الصحة: مؤسسات الحكم تشكل بدرجة كبيرة طابع المجتمع والدولة، لكن إلقاء المسؤولية كلها واتهام الدولة والمجتمع هو تنصل مدني خطير، طفيلي وكسول. هذا يوجد في الدول الديكتاتورية ولا يوجد في الديمقراطيات الحقيقية.
الاستنتاجات واضحة: لا يوجد مجتمع مدني، وليست له أية ضرورة. هناك سياسيون سيقومون بالعمل من أجلنا، لا يوجد احتجاج ولا ضرورة له. السياسيون سيعملون، وفي الأساس لن يعملوا، كل شيء. ونحن نتهمهم بعد ذلك. هذا مريح، المسؤولية عن الحماقة ملقاة على السلطة، وما شأن المواطنين. لا توجد مواصلات عامة في يوم السبت؟ هذا متعلق بالسياسيين وليس بنا، نحن الغالبية العلمانية. آلاف الشهداء الذين سقطوا عبثا في حرب يوم الغفران في ظل وجود عنوان صارخ من دون احتجاج جدي أو حركة رافضة تحاول منع اندلاع الحرب؟ المتهم هو غولدا، وليس نحن الذين صوتنا لها، أغمضنا أعيننا وصمتنا. الاحتلال يفسد ويعذب ويقمع، والجمهور الإسرائيلي يحتفل ويهتف؟ أنتم تعرفون من المتهم. ما شأننا بذلك.
لهذا فأنه أمر مصيري جدا أن يأتي أي وزير هامشي أو نائب وزير منسي ويظهرون وجوههم شبه الحزينة في المقبرة العسكرية باسم الحكومة. وبهذا هم يصادقون على الاعتقاد السائد في إسرائيل. إلقاء كل المسؤولية عما حدث وعما سيحدث على السلطات. بالنسبة لنا نحن المواطنون ليس لنا أي دور. نحن فقط نطلب بغضب مشاركة الوزراء في الاحتفال المقبل، وينقصهم أن لا يأتوا وسيندلع الاحتجاج.
هآرتس